Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Apr-2019

قصائد للشاعرة الهندية فارشا داس

 الدستور-ترجمة نزار سرطاوي

الدكتورة فارشا داس واحدة من شاعرات الهند البارزات. ولدت في مدينة بومباي عام 1942 لعائلة من المناضلين من أجل الحرية. حصلت على شهادة الماجستير في اللغتين السنسكريتية والهندية من جامعة بومباي، وشهادة الدكتوراه في التربية، من جامعة العثمانية في حيدر أباد.
تكتب فارشا في العديد من الموضاعات. وقد أنجزت أكثر من 100 مؤلَف في الشعر والترجمة والرواية والمسرح الإذاعي والمقالة ونصوص الأفلام وكتب الإطفال وغير ذلك من الموضوعات في اللغات الغوجاراتية والإنكليزية والهندية. وتترجم ما بين خمس لغات هندية بالإضافة إلى الإنكليزية. 
 سيّان
أحمرُ لون الدمِّ 
سواءٌ كانْ 
دمَ نَمِرٍ أو سعدانْ
كلبٍ مسعورٍ أو إنسانْ.
سيّانْ.
أين الهندُ، وأين الباكستانْ؟
أين كوسوفو، أين فلسطينْ؟
لو تنظرُ من فوق الغيم إليها،
سيّانْ. 
قلبي يخفقُ، قلبك يخفق، أفئدة الخلق جميعاً تخفقُ. 
حين تكفُ عن الخفقانْ 
يدخل في الماءِ الماءُ، وفي النارِ النارُ، 
وفي الريحِ الريحُ، يعود غبارُ الأرض إلى ما كانْ. 
سيّانْ. 
فعلامَ الأضغانُ؟
أمن أجل الاسماء، أم الأعراق، أم الألوانْ؟
من أجل لغات شتى نتداولها؟
أم من أجل خطوط نرسمها نحن بني الإنسانْ؟
بل ذاك غياب للأذهانِ، 
وإلا كيف يكون غياب الأذهانْ؟
 العقل والريح 
لا أقدر أن أشهد الشروق كل يوم
لكن سماء الغروب الملوّنة  
ترسم عقلي والريحَ من حولي. 
كلاهما مستتران 
متقلّبان، 
عديما اللون. 
أيّان وأين يتّجهان  
لا يعلم أحد! 
كلاهما بلا هيئة 
لكن وجودهما كُلّيّ
أحدهما يحكم جسدي 
والآخر يحكم أنفاسي . 
يحتضناني إن شاءا 
أو يجلداني 
إن أحبّا!   
من هو مبدع هذه الأسرار 
التي تحتويني من الداخل 
والخارج؟ 
إنه عقلي الضعيف المتلاشي، 
الذي لا يُرى، لكنه محسوس!
 حكمة اليوم عندي
تمثال برونزي قديم،
تحت السماء المفتوحة،
ثمة بوذا يقف ساكنًا،
فيه رأفه وفيه جلال،  
يدُه تباركك تحميك،
وتحميني أنا والدنيا بأسرها. 
التمثال يروي قصةً قديمة،
 تعود إلى ستمائة عام قبل الميلاد. 
الإنسان العاقل ما زال يتطور 
 جنبًا إلى جنب مع النباتات والمخلوقات،
 كل شيء ملوّث. 
الهواء والماء والأرض والسماء.
لكن الأشدَّ تلوّثًا هو قلبُ الإنسان
الذي يحتضن العالم أجمع 
بضبابه وأبخرته كلّها.
لم تَرَ الدنيا بوذا منذ ذلك الحين،
لكنه ما يزال حيًّا،
في حياة القديسين والمفكرين
الذين يؤمنون بالإنسانية،
الذين يرون بوذا في كل قلب،
مكتسِيًا بقماش غير مخيط
ما فتئوا يسيرون وسط الجموع،
يمدون يد العون إلى الضعفاء والمحرومين  
حتى النَفَس الأخير من حياتهم.
اليوم، ذاك البوذا
الذين لمس كل حياةٍ
ساكنٌ صامت في هيئة 
تمثالٍ منحوت 
لوحةٍ على الجدار،
بوقفته الهادئة عينها،  
يُزيّن المتاحف في أرجاء المعمورة،
وقد تجمّد في الزمان..
تاريخنا كان حاضرَهم،
وحاضرُنا سوف يمسي تاريخّا 
للأجيال القادمة.
كيف لنا أن  نضيءَ
حنايا صدورنا التي يكتنفها الضباب؟
كيف لنا أن نُلوّن حياتنا
بقوس قزحِ السماء الساكنة؟ 
أين السلام؟ أين الفرح؟
أفراحنا وأتراحنا تختلط 
كما الملح ومياه المحيط.
عاليًا ترتفع الأمواج مع المد، 
وتنحسر وتعبس مع الجَزْر. 
هل الارتفاع عالياً مرادف للفرح؟
وهل السلام هو جَزْرُه الوطيء؟
هذا صحيح من جانب وغير صحيح من جانبٍ آخر 
بالنسبةٍ لإنسانٍ عاديٍّ واهمٍ مصيرُه الفناء. 
لكنَّحكمةَ اليوم عندي تصرخ عاليًا: 
الأمل قرار.
والسعادة هي الأخرى قرار. 
 عندما تكون الرمال هي الحدود! 
سواء أكان هذا الجانب من الحدود أو ذاك،
وحدها الرمال تنتشر، الرمال بلون واحد.  
صحراء ثار.
مثل ذلك الرجل في قصة مانتو: أيهما هندوستان؟ 
أيهما باكستان؟ أين أقف؟
أيهما أرضي؟ الوجوه هي نفسها
ومثلها اللسان. من هو المصيب، ومن المخطئ،
ليس من السهل أن نعرف. 
الرمال تطير من هنا وتستقر هناك.
مثل الغيوم والمطر، بلا قيود.
الناس يصنعون الحدود ويسجنون أنفسهم.
أتمنى لو كنت بذرةً، أسقط من منقار طائر ،
وأنبت في أي مكان ، تماما مثل الغيوم والمطر والرمال، 
على هذا الجانب من الحدود أو ذاك.
هذه الأرض لي ولكم.
نتشارك في الرياح، وكذلك في الإنسانية.
نبدو كأننا اثنان،لكن في الحقيقة نعلم أننا لسنا كذلك.
 كنز القلب
موجةٌ هائلةٌ من بعيد 
نهضت وتقوّست، 
واندفعت نحو صخرةٍ، وعانقتها بقوة، 
ثم انحسرت في الحال. 
موٌجة أخرى 
فعلت الشيء نفسه ، وأخرى
ثمّ أخرى... 
فيمَ هذا العناق القوي 
الذي لا يكاد يستمر لحظة، 
تمطرها بوابلٍ من القبلات 
ثم تمضي على عجل! 
هل تخبرني 
كيف أن الحب الجسدي عابر؟
التدفق متقطع ، لكنه لا يتوقف 
إذ أن ابتسامتي لا تتلاشى 
وذراعاي وعيناي جميعًا متأهّبةٌ للعناق. 
أتقاسم كنزَ القلب مع الجميع، 
كل من على الأرض
يريد منه المزيد! 
 شريطة أن أواصل المسير 
أحدهم لمسني هنا
آخرُ لمسني هناك.
حدث هذا كله منذ زمن بعيد بعيد. 
لكنني
ألتذ بتلك اللمسات جميعًا،  
حتى اليوم.
طازجة هي مثل ندى الصباح 
على وريقات العشب الأخضر.
لكنهم جميعا مضوا 
واحدًا تلو الآخر،
بعضهم مضى إلى أماكنَ بعيدةٍ في هذا العالم
والبعض الآخر، 
إلى ما وراء هذه الدنيا. 
أحدهم روى قصصاً، 
وآخرُ قرأ أشعارًا 
وثالثٌ  ضمّخ عبق التربة
أحدهم له مكانةٌ خاصّة رسم 
عددًا لا يحصى من ألوان الأفق.
أما أنا فقد بقيت أحيكُ الأحلام 
على نَوْلِ قلبي
سَدى ولُحمات.
أنا أحبهم جميعا.
وعلى حين غرّة 
هبت عاصفة رعدية. 
فطار نولي، 
بما فيه من مغازل وأدوات
ومعه قماشي 
وخيوطي الملونة جميعا،
طارت كلها بعيدًا
كأنها كومة من الأغصان الجافة
تناثرت في كل مكان. 
بعضها نكز ذراعيّ 
وبعضها احتك بصدري 
والبعض الآخر خدش خديّ. 
شعرت بفراغٍ 
عميق جدًا 
وهائل جدًّا. 
يهزُّ روحي.
 كنت حبيسةً 
في الفراغ
في السكون
في الصمت
بين نوتتين 
من موسيقى عابرة .
ثم بلا سبب، 
وبلا قصد، 
اختلست نظرة إلى أعماق ذاتي، 
 فأدركت –
أنني لم أخسر شيئًا 
فحاضري هو نتيجةٌ لذلك الماضي، 
يرتبط به ارتباطا لا انفصام له، 
وهو أجمل 
وأبهى 
ووجههه مشرقٌ إلى الأعلى 
سأظل أسير  
وأظل أتنفس، 
ولسوف يأتيني الطريق 
بكل تلك الروائح الزّكيّة 
وألوان قوس قزح 
 بأذرعها المفتوحة. 
سوف تُزيّن لي غدي. 
شريطة أن
أواصل المسير. 
 إنه «اليوم العالمي للمرأة»  
تُسحبُ امرأةٌ من قبو
يُنزَعُ حجابها ، ويظهر وجهها، 
وتتحول من قطعة أثاث إلى إنسان.
الاحتفال بهذا اليوم يحدث كل عام 
ليُذكرنا بـ دورغا ، ولاكشمي وساراسفاتي.
تتزين بملابس جميلة، 
وتظهر في الراديو والتلفزيون والصحف، 
يتحدث بعض الرجال عن الإلاهات،  
ينفخون في أبواقهم من الفجر حتى الغسق.
المرأة الخارجة من القبو
تغدو الأميرةَ سندريلا ليوم واحد.
لكن حين يهبط الظلام، يظل الأمير أميرًا 
بينما تعود سندريلا إلى دور الخادمة.
المرأة تتحمل الانتهاكات، تستلقي عارية في السرير
لتروي عطش عازف البوق الذي لا يرتوي أبدًا. 
لا بد لهذا أن ينتهي ، أن ينتهي إلى الأبد.
هلمّ بنا نكشفْ عن قيمتنا الحقيقية 
ونطلق القوس قزح الخفي في السماء.
هلمّ بنا نُغرقِ الأرض بزخّات مطريةٍ لطيفة، 
لتلين التربة وتنبض والقلوب.