Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-May-2020

الشاعرة اليمنية هُدى أبلان: الشِعرُ أكثر ارتباطاً بالحرب لأن فقدان الحياة هو ما يستحق أن يُكتب

 القدس العربي-أحمد الأغبري

هدى أبلان 1971 رقمٌ مُهم في الشعرية اليمنية، وتجربةٌ خاصة في قصيدة النثر. ظهرتْ في الثمانينيات، ونشرتْ في عام 1989 أول دواوينها بعنوان «وردة شقية الملامح»، ومن ثم نشرتْ أربعة دواوين آخرها ديوان «اشتغالات الفائض» عام 2009، كما تُرجم بعض أعمالها لعدة لغات.
 
ما زالت تشغل موقع أمين عام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وسبق أن شغلت منصب نائب وزير الثقافة.
في هذا الحوار نقـــــترب من خصــــوصية تجربتــها الشـــعرية وملامح علاقـــتها بقصــــيدة النثر، وبعض القضايا المرتبطة باتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، خلال مرحلة الحرب التي تشهدها بلادها.
 
تحت القصف
 
■ كيف صار حالك مع الشِعر، وعلاقتك بالقصيدة تحت القصف لأكثر من خمس سنوات؟
□ لا يزال الشعرُ هو الذي يعطي الحياة معناها وألقها، حتى أيامنا تبهت وتخدش ملامح المكان والزمان، الشِعرُ هو الملاذ الذي نلجأ إليه. مازلتُ أكتب، وأجمل قصائدي، في نظري، كتبتها تحت هذه السماء وفوق هذه الأرض، رغم الوجع والألم. هناك ديوانان جاهزان للإصدار كتبتها من حريق اللحظة تلك.
■ هل يتأثر الشِعر بالحرب؟
□ الشِعرُ هو اللصيقُ الأكثر ارتباطاً بالحرب؛ لأن فقدان الحياة هو ما يستحق أن يُكتب، أما الحياة كما هي فتعاش فقط، وقد يتناثر حولها بعض الاطراء، الحرب ألمٌ كبير، خاصة إذا كان ضحاياها أطفال ونساء وشيوخ، تفتتهم آلة الموت، بدون هوادة، وبدون حتى علاقة بما يحدث، ألم اليمنيين كبير.. وطال.. والعالم يتفرج.
■ ذلك التأثير سلباً أم إيجاباً؟
□ بالتأكيد سلباً عند هلع اللحظة الأولى، لكن ما قد ينتج بعد سنوات وربما عقود، هو أدبٌ خالد وشعرٌ لا يموت، أرخ لوطنٍ أجمل أُريد له أن يذبل ويتلاشى…
 
قصيدة النثر
 
■ اخترتِ خطكِ الشعري مبكراً، فماذا أعطتك قصيدة النثر بعد كل هذه السنوات؟
□ أعطتني الفضاء المفتوح، الحرية في أن أصنع اللغة كما أحب. قصيدة النثر عالمٌ من الصور والابتكار وتحقيق الخصوصية، ويبدو أن الطريق مهيأة لمزيدٍ من الإبداع؛ لأن ما حصدته من نتائج وانطباعات في معظم ما كتبته، كان دافعاً لمزيد من الكتابة النوعية التي تشبهني فقط. قصيدةُ النثر مرآةٌ مصقولة وحولت العالم الذي داخلي إلى كلمات.
■ تمتلكين علاقة خاصة باللغة في الاشتغال على الصورة، وتبرز عاملاً مهماً من عوامل تميز اشتغالك الشعري.. ما الذي يُسند هذه الخصوصية؟
□ أهم عامل هو الخيال، تركيبُ العالم من جديد، وفق لغة مبتكرة لا تشبه التراث الشعري الذي مرّ منذ مئات السنين، وهناك عامل آخر هو العاطفة التي أعيشها حال الكتابة، لابد من روح تؤنسن اللغة وتقربها للوجع والفرح، على حد سواء، وبتجرد من حمولات العقل والمنطق.
 
اللغة والصورة والدلالة
 
■ وإلى أي مدى تخدم اللغة والصورة والدلالة قصيدة النثر؟
□ هذه هي قصيدة النثر؛ لغة وصورة ودلالة، هي فنٌ صعب وليس سهلاً، إذا أُريد لها أن تعيش وأن تزاحم الأشكال الشعرية الأخرى، وأن تصل رسالتها وتأثيرها، لا بدّ من خصوصية في اللغة وابتكار وتجديد في الصورة، ودلالات تُبرر كل هذا الاشتغال.
■ لم تهتمْ قصائدُك بالمرأة ولم تُخاطبْ الرجل أيضاً، لكنها حلقت بعيداً من خلال رؤية إنسانية… ما مصدر إيمانك الإنساني وتجلياته في القصيدة؟
□ كتابتي الشعرية مرت بمراحل، لكن النضج كان سريعاً في الاتجاه نحو كتابة شعرية برؤية إنسانية تتحدث عن عالمٍ كبير بقضايا تتجاوز الذات والنوع والمكان. المرأة، أيضاً، تتحمل أعباء الألم الجمعي من صراعات وحروب، وهذا دورها الذي يبقى ويعيش، وأنا أؤمن أن الخلود هو للنص الذي يشبه الآخرين ويرون فيه كينونتهم وملامحهم.
 
تأخر الإصدار
 
■ تتأخرين في إصدار دواوينك؛ فبعد «اشتغالات الفائض» مضت سنوات طويلة لم يصدر ديوان.. لماذا كل هذا الانقطاع؟
□ هذا من أخطائي الفادحة، لأنني لا أُراكم تجربتي الشعرية في زمن قياسي، مع أنها موجودة، ربما الخوف من تكرار نفسي؛ لأنني أحرص على أن يظهر كل ديوان مختلفاً عما قبله… أؤمن بالتجديد وبالتجاوز في إطار المبدع الواحد، لكن سبب الانقطاع الأخير هو الحرب والحصار، وحرصي على طباعة ديواني في الخارج لكي يقرأني معظم مَن أعرفهم خارج اليمن وداخلها.
■ إلى أي مدى كان للوظيفة العامة تأثيرها في علاقتك بالشعر؟
□ الوظيفة العامة ليست إبداعا موازيا لكتابة الشعر، اعتبرها محطات لالتقاط وتغذية الذاكرة الشعرية… أن تعرف الناس وتقترب منهم، أن تدخل في تجارب جديدة مع أمكنة وأفكار مختلفة تُفيد النص، والشعرُ ليس وظيفة يحتاج الانكباب عليه، هو إلهام يأتيك في لحظات حقيقية وقليلة، ولكنها تبقى…
■ متى تكتبين وكيف تأتيك القصيدة؟
□ هناك إشارات في الحياة، بأن هذا المشهد يمكن أن يكون نصاً شعرياً، أدونه في هـــوامـــش وربما أنســـاه، وعندما أعود إليه في لحظات انشداد إلى الكتابة، أراه لايزال محتفظاً بحيويته وعمقه؛ فأبدأ في الكتابة كما ينبغي لنصٍ أن يخرج إلى الناس بكامل هندامه…
 
اتحاد الأدباء
 
■ لنتوقف قليلاً عند اتحاد الأدباء والكتـاب اليمنيين، الذي تشغلين فيــــه موقــــع الأمـــين العام… يتعرض الاتحاد لانتقادات كثيرة إزاء صمتـــه، عما يجري في الساحة اليمنـــية، وتردون أنكـــم بذلك تحافظـــون بصــــمت الاتحاد عن وحدة كيانه … أما زال هذا المبرر قائماً حتى الآن؟
□ الاتحاد كيانُ وطني كبير يضم اليمن من أقصاه إلى أقصاه… وليس جمعية أو مؤسسة صغيرة في جيب فرد أو حزب أو منطــــقة، ولأنه كذلك، بل إن هيئاته التنظيمية متوزعة على مختلف المدن اليمنـــية، التي تتنازع اليوم ولا تتفق على موقف سياسي واجتماعي واحد… نحن كقيادات ضحايا الجغرافــــيا، وهذا التوزع والصراع السياسي القائم، هناك اختلاف ليس على مستوى الوطن فقط، ولكن على الوطن بحد ذاته، ناهيك من أن آلية العمل في الاتحاد، وبالذات ما يتعلق بإصدار المواقف يتطلب اجتماعات، والاتحادُ معروفٌ بتنوعه السياسي والجغرافي والمذهبي، ولا يمثل واجهة لأي تيار وليس ظلاً لأي سيف؛ فالصمتُ أقرب السُبل للمحافظة على هذا الاتحاد من أن يتشظى ويتشتت ويخرج عن أدبياته ولوائحه وثقافة وفكر ووطنية مؤسسيه الكبار.
نحن في لحظات وطنية قاسية، نحن كأفراد نعبر عن مواقفنا منها وننحاز للبُعد الأخلاقي والوطني …لكننا لا نستطيع أن نفعل أكثر في ظل تشظي الرؤى الوطنية واحترابها…
الاتحاد حتى اللحظة لا يزال متعافياً من هذه الصراعات، إنه بصمته أقوى من الكلمات التي لم نقلها؛ لأننا لم نلتق ولا نستطيع أن نلتقي في هيئات الاتحاد، التي تشمل العشرات مِن كِبار الكتاب والأدباء والمبدعين الذين لا شك يحكمهم ضميرهم الرافض لتجزئة الوطن وتفتيته تحت أي لافتة، أو عنوان سياسي أو جهوي كان… ولن نكون، في كل اليمن، إلا دُعاة للسلام والتعايش والتسامح…
 
الأدباء الشباب
 
■ قضية عضوية الأدباء الشباب مازالت معلقة… إلى متى ستظل كذلك، لاسيما وهُم يعيبون عليكم كأمانة عامة، عدم التحرك لإيجاد حل لمشكلة اعتماد عضويتهم في ظل صعوبة انعقاد المجلس التنفيذي؟
□ الأدباء الشباب هُم الأصوات الحقيقية والفاعلة داخل الساحة، بل هم أسماء مكرسة ولها إصدارات وجوائز…عملـــنا معـــهم ما نستطيع، ومضت عضويتهم من الفروع ولجنة العضــوية في الأمانة العامة، وهناك محاضر تُحدد أسماء المقبـــولين من معظم المحافظات اليمنية، وأنا عن نفسي اعتــبرهم أعضاء لفاعليتهم ونشاطهم، لكن، كما شرحت لك سابقاً، نحن لم نلتق ولم نجتمع كأمانة عامة، والأصعب هو انعقاد المجلس التنفيذي صاحب الحق في تعميد هذه العضويات.
اتمنى من رؤساء الفروع أن يتجاوزوا هذه الإشكالية وهذا الظرف الاستثنائي، ويتم التعامل معهم كأعضاء وفق المعيار الأخلاقي والإبداعي.