Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jul-2017

ستبقى أحلامنا معافاة من الخيبة - د.اسمهان ماجد الطاهر
 
الراي - كانت المرة الأولى التي حصلت فيها على تعزيز وتحفيز أشعرني بالرضا في مؤتمر علمي عالمي حضرته في بريطانيا العظمى بلندن بعد إنهاء دراساتي وحصولي على درجة الدكتوراه فبعد أن قدمت ورقتي العلمية اشاد الحضور بما قدمت وسمعت عبارة أمراة عربية ذكية.
 
لا أخفي أنني رغم سعادتي بالعبارة التي سمعتها يومها ذهلت فلقد كنت أعتقد أنني امتلك ذكاء بالمعدل المطلوب لإنهاء الأشياء وإتمامها فقط. كما أن التعليم الذي حصلت عليه لم يؤهلني لسماع عبارة تتعلق بالذكاء.
 
لقد تلقيت تعليمي دون أن تسمح لي الفرصة للدراسة بالدول الاجنبية، سنوات عديدة قضيتها حتى أنهيت دراستي العليا لا أذكر أن كلمات التعزيز والدعم كانت كثيرة فيها. لم نعتد أن نسمع كلمات التحفيز إلا إذا تلاها عشر جمل سلبية، ولقد أعتدنا أن لا تُذكر الإيجابيات بأعمالنا امامنا أو يعزز أحد ما نقوم به.
 
لا أخفي أنني أحببت عبارة أمراة عربية ذكية وكنت اشعر بالفخر والرضا عن النفس بكل مؤتمر عالمي في العالم الغربي احضره وأسمع عبارات الإشادة الإيجابية والتشجيع المحفز للمضي بالبحث والكتابة وتقديم الجديد من الافكار. حضوري لعشرات المؤتمرات الغربية العالمية أكسبني ثقة بما اقوم به والرغبة الشديدة بالتحلي بالصبر والروح الإيجابية.
 
لقد أدركت أن البشر في العالم الغربي يشجعون ويثنون على أبسط الأفكار ويفكرون بها ويعطى من قدمها ما يستحق من الاحترام والتقدير والتعزيز. هم محفزون وقادرون على بناء معنويات قوية وطاقة إيجابية للبشر.
 
النجاح وتحقيق الأحلام صعب في عالمنا العربي وبالذات للجنس اللطيف.
 
منذ أيام تلقيت اتصالا هاتفيا من إحدى طالباتي التي درستها سابقاً. لقد امتلكت موهبة الكتابة فهي تكتب النثر وقد اصدرت أخيراً رواية على حسابها الشخصي وكانت سعيدة وهي تقدم لي نسخة من الرواية لأقرأها بحماس شديد فقدته في اتصالها الهاتفي.
 
لقد قالت لي بصوت مُحبط لا أريد أن أعمل شيئاً ولن أقوم بعمل حفل توقيع للرواية وعندما سألتها لماذا ما الذي حدث! ردت قائلة لما أخبرتني أن الأحلام لابد أن تتحقق ولما قلت لنا دائماً أن الإصرار يحقق ما نريد، لقد واجهت الصعوبات في إشهار الرواية وتسويقها حتى أنني بدأت أفكر بأن اضع الرواية على البسطة تحت الجسر. يبدو أن هذا ما سيؤول إليه جهدي في النهاية.
 
كانت تتحدث بصوت فقد الشغف والحماس مما جعلني انصت إليها ملتزمة الصمت. ترددت في تلك اللحظة عن أخبارها بأن جهودي أُحبطت عدة مرات وأحياناً كان يتم انتقاد صوتي بدل محتوى وجوهر ما أقول.
 
لم أرغب في تأكيد حقيقة أننا بارعون بل متفوقون في تدمير أي طاقة إيجابية. نعمل بأسلوب القمع وحتى دعم المواهب والإبداع له طقوس خاصة نعتمدها. أردت أن أقول لها لا تذهلي يا صغيرتي أن رأيت العجب في أي مؤتمر شبابي فالاختيارات دائماً تجري وفق أولويات مبعثرة وأهداف متشعبة تم جمعها من هنا وهناك. لذلك غالباً ما تكون مواقفنا متقلبة وفرصنا ضائعة.
 
فقدنا بوصلة التأثير في الجيل الشبابي فأنتشرت المناكفة وضاعت لغة الحوار، وأكثر لم نؤمن بالأفكار البسيطة لتولد منها الكبيرة. لم نعط الفكر الشبابي ما يستحق من الدعم والتشجيع فتاهت اللمسة المحدثة الجديدة.
 
أطلقنا على مجتمعنا أسم مجتمع فتي لكثرة عدد الشباب دون أن نؤمن إيماناً حقيقياً بالطاقات الشبابية فتأخرنا عن التطور العلمي والتكنولوجي حقبة زمنية كاملة لا يستهان بها فهرم الفكر العربي دون أي يحدث أي تطوير أو تغيير يذكر.
 
لكن ما زلت أؤمن بأن هناك ضوءا في أخر النفق. الواقع والمنطق يطالبنا ببناء الروح المعنوية العالية لكل شاب وفتاة ولكل أبناء الوطن. ولا يسعني إلا أن أطالب كل مؤسسة تعليمية وثقافية بأن تتبنى مفاهيم الإيجابية والتحفيز بدل القمع في خطوة نحو بناء الروح المعنوية العالية التي تشجع الخٌلق والإبداع. ولتبقى أحلام الشباب معافاة من الخيبة والخذلان.