Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Mar-2020

من يتحمل مسؤولية انتشار فيروس الكورونا؟*د. حازم الناصر

 الراي

لا أحد يعرف متى سيتم السيطرة على فيروس كورونا الذي انتشر في الصين منذ شهر تشرين الأول العام الماضي، والذي لا زلنا لغاية اللحظة نتكهن متى ستتم السيطرة عليه أو إيجاد اللقاح أو المضاد الحيوي لمكافحته. مراكز البحث العالمية تتحدث عن عام على الأقل لغاية الوصول إلى اللقاح أو المضاد الحيوي، إلا إذا وبمحض الصدفة ثبت أن بعض الأدوية الحالية والمستعملة لأمراض أخرى مثل الملاريا وغيرها قد تكون علاجاً ولو جزئياً لهذا الفيروس الخبيث.
 
إلى أن يتم التوصل إلى أحد الحلول أعلاه، هل يتخيل البعض الخسائر البشرية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على هذه الأزمة والتي لم نر مثيلا لها منذ الركود الكبير خلال الأعوام ١٩٢٨-١٩٢٩.
 
الاقتصاد العالمي سيعاني لفترة طويلة قادمة، الموازنات الوطنية سيزداد عجزها إلى حد يتعدى قضية زيادة الدين، لأنه قد لا يكون هنالك دول تقرض وإذا فعلت فقد يكون فتاتا لأغراض إنسانية، ومع هذا الركود الاقتصادي ستزداد أعداد العاطلين عن العمل إلى نسب غير مسبوقة، وستعلن العديد من الشركات العالمية إفلاسها مثل شركات الطيران والشركات السياحية والفنادق والمطاعم وأصحاب الاعمال الصغيرة والمتوسطة غير القادرة على دفع رواتب موظفيها لفترات طويلة،وباستثناء دول مجموعة العشرين والتي تستحوذ على ٩٠٪ من النشاط الاقتصادي العالمي، لن تكون دول ما تبقى من العالم قادرة على تحمل تبعات جائحة الكورونا وستعاني هذه الدول كثيراً من هذه الأزمة ولن تكون قادرة على العودة إلى وضعها السابق قبل الأزمة، فلا برامج التصحيح الاقتصادي سيكتب لها الاستمرار وستضطر هذه الدول إلى الرضوخ لبرامج جديدة تحمل معها المزيد من الضغوط الاقتصادية غير المحتملة على مواطني تلك الدول، ولا برامج التحفيز الاقتصادي ستاتي اكلها. هنالك دول مثل الأردن ومصر وتونس ولبنان والمغرب وفلسطين والقارة الافريقية وغيرها من الدول والتي موازناتها موزونة بميزان الذهب لن تكون قادره على ضخ الأموال لدعم اقتصاداتها ولا تحمل المزيد من العجز المالي ولا بد من إيجاد السبل لدعمها وتمكينها، والأسوأ من ذلك، أن الدول الخليجية التي كانت تساعد بعض الدول مالياً وخاصة العربية منها، قد لا تكون قادرة على ذلك على المدى القصير في ظل انخفاض سعر النفط لمستويات غير مسبوقة.
 
وهنا يكمن الهدف من هذا المقال، لأن ما كتب سابقاً معروف للعديد من الخبراء والمسؤولين، بمعنى من يتحمل معاناة شعوب الدول غير القادرة على تحمل تبعات كارِثة الكورونا؟. أعتقد هنالك جهتان مسؤولتان عن معاناتنا من أزمة الكورونا؛ الصين ومنظمة الصحة العالمية وهي إحدى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، الصين مسؤولة لأنها لم تنبه العالم عن هذا الوباء في الوقت المناسب، إلا بعد تفشيه وخروجه عن السيطرة، في ظل غياب الشفافية والبطء في اتخاذ الاجراءات، وإذا كان لديها، أي الصين، معلومات أخرى فعليها إخراجها للعلن.
 
أما منظمة الصحة العالمية فتتحمل بيروقراطيتها وبطء إجراءاتها المسؤولية الكبرى وهي التي كانت تصرح «نهاراً جهاراً» بان المرض لم يصل الى مرحلة الوباء العالمي، إلى أن أعلنت قبل حوالي ١٣ يوماً فقط بأن المرض قد تحول إلى وباء عالمي وبعد أن خرجت الأمور عن سيطرة الدول والحكومات.
 
يضاف إلى تلك الأسباب، السياسات الشعبوية للإدارة الأميركية في التعامل مع الموضوع عند بداية الازمة، إضافة الى التقاعس الأوروبي على مدى أسابيع دون اتخاذ إجراءات مناسبة، والعزوف عن مساعدة ايطاليا، كانت أيضاً أسباباً مهمة لما نشهده اليوم من وضع مأساوي.
 
الدول الفقيرة المتضررة عليها التنسيق مع بعضها بعضاً لتبني موقف محدد للمطالبة بتعويض الأضرار من الجهتين المسؤولتين عن هذه الكارثة، بما في ذلك الذهاب لمحكمة العدل الدولية والتي تختص بحل النزاعات الدولية والقضايا بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدالة والقانون، والتي تقدمها الدول للمحكمة.
 
كما وأن على دول مجموعة العشرين مساعدة الدول المتضررة حتى تتمكن من إعادة بناء اقتصاداتها، أما صندوق النقد الدولي وذراعه الفني والمالي البنك الدولي فعليهما العمل فوراً وبصفة عاجلة لتحضير حزم مالية بدون فوائد لمساعدة الدول المتضررة لأحياء نشاطاتها الاقتصادية وذلك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وقبل فوات الأوان.
 
إن فشل النظام العالمي (الذي هيمن عليه الغرب على مدى سبعة عقود مضت)، في التعامل مع مثل هذا الوباء عملياً ولوجستياً وطبياً، هو المسؤول الأول عن أزمتنا اليوم والتي سيدفع ثمناً باهظاً لها العالم النامي والفقير.
 
ويبقى السؤال؛ ماذا لو ظهر فيروس من نوع جديد بعد عام أو عامين، فهل سنتعامل معه بنفس الطريقة وهل ستتحمل دول مثل دولنا التبعات القادمة مرة اخرى؟
 
رئيس ومؤسس منتدى الشرق الأوسط للمياه