Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Jan-2022

عيد سيدة اللغات

 الدستور-إبراهيم خليل

 
أن يتحدث المرء في محاضرة من ستين دقيقة عن لغة ما بصفة عامة شيء غير واقعي، وغير ممكن في الحدود التي تسمح بها طبيعة الصلة بين المتكلم وجمهوره. لذا سيكون حديثي عن سيدة اللغات حديثا يجمع بين عفوية الاعتبار، وقصدية الاختيار. ولا يخلو الانتخاب من شجون، ولا تفوته لطائف الإشارات، ولا غرائب الفنون. فالعربية بلا ريب من اللغات الموغلة في القدم. وثمة دراسات تعوزها الأدلة والبراهين تزعم أنها سامية تعود نشأتها إلى زمن سام بن نوح، ونحن لا نعرف، لا على وجه اليقين، ولا من باب الظن والتخمين، متى كان ذلك، ولكن ثمة قرائن تثبت أنها مع الأكدية والأمهرية والآرامية والحميرية والعبرية القديمة والسريانية والكنعانية والفنيقية لغاتٌ من أسرة واحدة لما بينها من تجانس أو شبه تجانس صوتي ونحوي وتصريفي.
 
وهي اللغة الحية الوحيدة بين اللغات المذكورة التي تتصف بصفة العالمية من القديم وحتى الآن. وأما العبرية فهي خليط من لغات عدة، ولا تتجاوز في أحسن الأحوال أو أسوأها الحدود الجغرافية لفلسطين المحتلة. وعلاوة على أنها اللغة الحية الوحيدة من الساميات حافظت على طابعها الصوتي والكتابي والمعجمي والنحوي أكثر من ألفي سنة متجاوزين ما سبق ذلك من قرون دون أن تتعرض لاهتزازات جذرية تجعل المتكلمين بها في هذه الأيام محتاجين حاجة ماسة لترجمة ما قيل، أو كتب، بها من ملفوظات وأقوال ممعنة في القدم، لعربية حديثة شأن اللغات الأخرى. ففي لغات أوروبية كان التغيير والتطوير شبيها بالانقلابات التي تبتعد بواقع اللغة وأنساقها الصوتية والصرفية والنحوية عن الجادة. فقد ذكر المرحوم د. إلبرت بطرس في كتابه عن جيفري تشوسر (1340- 1400) أن الإنجليزية التي كتب بها حكايات كانتربري لم تعد مستعملة، لا في في القرن التاسع عشر، ولا في الذي تلاه، مما اضطر دور النشر والطباعة لنشر الكتاب بلغتين متقابلتين؛ لغة تشوسر الذي عاش حتى 1400م ولغة المعاصرين.
 
على أن المتكلمين بالعربية اليوم يستطيعون بيسر، وبصرف النظر عن مستوياتهم التعليمية والأكاديمية، قراءة ما كتب قبل الإسلام وبعده، وفهم مضامين تلك الكتابات إن لم يكن بنسبة مائة بالمئة فلا تقل عن 90 أو 80 % وهذا يؤكد أن حاضر هذه اللغة موصول بماضيها بلا انقطاع. فالدارسون في مراحل التعليم المتعددة لا يحتاجون لترجمة من عربية قديمة كإنجليزية تشوسر وشكسبير إلى عربية معاصرة كإنجليزية تنسي وليامر، أو برناردشو. فمن هو الذي لا يستطيع فهم قول امرئ القيس في معلقته المشهورة:
 
أغرك مني أن حبّكِ قاتلي
 
وأنكِ مهما تأمرى القلبَ يفعل
 
فهو قول يكاد يشبه أقوال العامة بساطةً ويُسرًا. مع أنه لا يقل عن أقوال الشعراء فخامة وجزالة ونظما. ومن هو الذي يقرأ قوله تعالى ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ) أو(يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله واليوم الآخر) أو( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة) فما الذي يجعل العربية على الرغم مما أحاط بها من ظروف صعبة طوال ما يقرب من 20 قرنا تحافظ على أصولها، وعلى طابعها مع قبولها فنونا كثيرة من التنوع، والتغيير، في مقومات البيان، وأساليب التعبير؟ الجواب عن هذا السؤال يعود في الواقع لصلابة نظامها الصرْفيّ بما فيه من السلاسة والمرونة وطواعيته للاشتقاق، اشتقاق لا تبتعد به الكلمات الجديدة عن الأصول، علاوة على أن في نظامها الصرفي طرائق ُتمكــّن المتكلمين بها من تطويع الكلمات الأعجمية والجامدة لميزانها الصرفي، فتغدو - في مثل هذه الحال – عربية، وإن لم تكن كذلك. شأن كلمة درهم التي أصولها اليونانية (دراخما) فلما عربت جعلت (درهم) على وزن فِعْلَل، مثل مخلب، وقرنب، ومنها أخذ الفعل الرباعي دَرْهَمَ ويُدَرْهم والمصدر درْهَمَةً. ونسمع من يقول هذا الخبر مفبرك، على وزم مُفَعْلل، مثل مُسبسب، ومفلفل. ونسمع من يقولون شاهدتُ لقاءً مُتلفزًا وهو من تلفزيون على زنة مفلفل ومتعتع. ونسمع ونقرأ استعمالا جديدا هو تزامن، وهو اشتقاق تفاعل من الاسم الجامد زمن. فالاستعمال المحدث على صلة متينة بالاستعمال القديم غير المحدث. والمستخدم في الحياة العامة من الكلمات كثير منه جديد لكنه غيرُ بعيد عن أصوله في المعجم العربي الكلاسيكي. ومن هذه الكلمات التي لم تُذكر في المعاجم: سيارة، وطيارة، وشارع، وقطار، ومركبة، ومدحلة، وجرافة، وخلاط، ومخرطة، ومطبعة، وحاسوب، وغيرها.. مما لا حصر له، ولا عدد. وكل هذه الكلمات متينة الصلة بأصولها الثلاثية من حيث الدلالات. فهي من : سار، ومن طار، ومن شرع، ومن قطر، ومن ركب، ومن دحل، ومن جرف، ومن خرط، وطبع، وحسَب.
 
وتوسُّع العربية في المجاز شيءٌ يساعد على حفاظها على طابعها الأصيل مع استجابتها للتطوير، وتقبلها للتغيير. والمجاز مثلما هو معروف استعمال الكلمة في غير المعنى المتواضع عليه في أصل اللغة ككلمة (اختبار) فمعناها لدى واضعي اللغة الابتلاءُ بما يحدد مدى صبر المبتلى وجلده. بيد أن الكلمة تعني الآن الامتحان الذي يقاس به حفظ المتعلم لدروسه أو هو التجربة التي تجرى في مكان يسمى مختبرًا لمعرفة مدى صحة الفرضية النظرية في التطبيق العملي. ومثل هذا في العربية كثير جدا. فكلمة جريدة مثلا كانت تطلق على على فرقة صغيرة من المحاربين، فتغير معناها إلى الجريدة المعروفة في هذه الأيام، وكذلك صحيفة. وقد وصف أحد اللغويين الجهابذة باب المجاز في العربية بباب « شجاعة العربية « وقيل من باب المبالغة العربية كل ألفاظها مجاز، وهذا بالطبع غير دقيق، إنما ينمّ عن أنها تتوسَّع فيه توسعا كبيرا. والمجاز منه ما يكون في الأفعال، فالفعل على وفق النظام الصرفي الخالص أما ماض، أو مضارع، أو أمْر دال على الحال، والاستقبال، بيد أن العربية من أبواب مرونتها باب يتيح للمتكلم بها أن يستعمل الفعل الماضي للدلالة على الماضي البعيد المنقطع، والماضي القريب، والحاضر، والمستقبل، في آن. قال الله في محكم كتابه ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون). ففي هذه العبارة تضمن الفعل كتب الماضي البعيد، والقريب المتصل بالمناسبة، وسبب النزول، والحاضر، والمستقبل الذي يُستشفّ من قوله: (لعلكم تتقون). وقال الشاعر :
 
إذا غضبت عليك بنو تميم
 
حسبت الناس كلهم غضابا
 
فالفعلان؛ غضب وحسِب، مع أنهما من أفعال الزمن الماضي، صرفيا، لكنهما على وفق السياق لم تقع أحداثهما بعدُ، لا في الماضي، ولا في الحاضر، وإنما يدلان على احتمال الوقوع في المستقبل القريب أو البعيد لا فرق. وقال آخر مستخدما الماضي دالا به على المستقبل البعيد:
 
ألا فاسلمي يا دار مي على البلى
 
ولا زال منهلا بجرعائك القطرُ
 
فالفعلان الأمر اسلمي، والماضي زال، كلاهما لم يحدثا لا في الماضي ولا في الحاضر، وإنما يرجى وقوعهما في قادم الأيام، قريبة كانت أم بعيدة، زيادة على أنهما يتضمنان معنى استمرار الحدوث.
 
والعربية غنية بالمترادفات، وبالمشترك اللفظي، وهذا الثراء يتيح للمتكلمين بها والكاتبين من الشعراء والأدباء والخطباء على الدوام هوامش واسعة للاختيار والعدول عما يتم اختياره لغيره لتحقيق الملاءمة والمناسبة حرصا وحفاظا على جماليات الأسلوب، ورشاقة التعبير، ودقة المعنى. فالمتكلم إذا لم يجد في كلمة (نوْم) مبتغاه وجده في (سِنةٍ) وإذا لم يجد في (سبيل) غايته، وجدها في طريق، أو درْب. وهذا بطبيعة الحال لا تفتقر إليه اللغات الأخرى، إلا أنه في العربية أكثر، وأوفر، مما شجع بعض المستشرقين المغرضين، وبعض اللغويين العرب غير الموضوعيين، على الغمز من قناة العربية واللمز، وذلك لأنهم لا يقدرون ما معنى أن يجد المتكلم عددا غير قليل من الألفاظ التي يوازن بينها، ويقارن، فيختار الأدق والأنسب مع الاحتفاظ بالمعنى نفسه، من غير تغيير، ولا تبديل.
 
وفي العدد ثمة شفافية في العربية لا نجدها في كثير من اللغات، ففيها التثنية التي لا توجد لا في الإنجليزية، ولا في الفرنسية، فإذا أرادوا التثنية قدموا للجمع بكلمة two فيقولون مثلا two books و في الفرنسية يقول doux livres والجمع في العربية يتضمن إلى جانب دلالته على الجمع الدلالة على التذكير، أو الدلالة على التأنيث، أو الدلالة على القلة أو الكثرة، أو الدلالة على العاقل، أو على غير العاقل، أو على اسم الجنس. والعلاماتُ التي تلحق بالمفرد في هذه الأصناف كثيرة، ومتعددة، وليست حكرا على علامة واحدة تتكرر في كل ما جمع عدا الشواذ. ومن اتساع العربية في هذا وفرة الصيغ السماعية والقياسية في جموع التكسير، مما يتيح للمتكلمين بالعربية اختيار ما يشاءون من الجموع التي تناسب السياق، فكلمة عمود، مثلا، تجمع: أعمدة، وعمدان، وعواميد، وعمَد. ويقال في جمع راكب : ركب، وركبان، وأرْكُب. فإن لم يطب للمتكلم أن يستعمل كلمة ركب، فليستعمل ركبان، أو أركب. وجاء في القرآن (بغير عمَدٍ ترونها). قال المفسرون: قبة لها أعمدة ولا ترى. وقال أحدهم:
 
قسمًا بمن رفع السماءَ بغير ما عمَدٍ تراه
 
فلو لم تكن كلمة عمد من ألفاظ الجمع للمفرد عمود، لما تمكن هذا الشاعر من استعمال أعمدة، أو عمدان، أو عواميد، في هذا الموقع. وفي العربية ألفاظ تدل على المفرد والمثنى والجمع دون أي تغيير في بنيتها الصوتية، وعلى المؤنث والمذكر كقوله تعالى (فإن كنتم جنبًا فاطهروا) فكلمة كنتم جمع ووصفها بالمفرد، وقال اللغويون لو قال كنتما أو كنتنَّ لبقي المفرد دالا على ذلك مثنى وثلاث تذكيرا وتأنيثا. ومثل هذا كلمة عدل، نقول: قاض عدل وقاضيان عدل وقضاة عدل وقاضية عدل وقاضيتان عدل وقاضيات عدل.
 
ومن غرائب العربية التي لا يتنبه لها الناطقون بها سلاسة اللفظة، وانسجامها الصوتي، فعدد المقاطع في العربية غالبا بين مقطعين أو ثلاثة، وقلما يزيد على ذلك ففي كلمة (ثقفتموهم) من قوله تعالى (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) خمسة مقاطع وهي جملة في كلمة، إذ تتضمن فعلا وفاعلا ومفعولا به، ونحو ذلك قول بعض المذيعين (إليكموها) جملة في كلمة واحده كالمذكورة زاد عدد مقاطعها عن الأربعة لكن تواتر فيها المقطع القصير، وتخلو العربية تقريبا من المقاطع المزدوجة الإغلاق أو المبدوءة بصوامت متعددة، لهذا يجد المتكلم والسامع في الكلمة العربية أو العبارة ليونة وسلاسة واتساقا موسيقيا لا نجده في غيرها إلا نادرا. فالمقطع المزدوج الإغلاق لا يظهر في العربية إلا عند التوقف، فإذا لم يتوقف المتكلم، أو القارئ، انشق المقطع بالتحريك إلى مقطعين. وهذه الظاهرة نجدها شائعة في العاميّات إذا يقحم المتكلمون كسرة بين الصامتين الساكنين في مثل بنت وهند ودعد ووعد فيقولون بنِت وهنِد ودعِد ووعِد. يضافُ إلى هذا أن التبدلات النطقية التي تطرأ على أصوات الهجاء في العربية قليلة الغزارة قياسًا بلغات أخرى كالإنجليزية مثلا فالصوت الأسناني c يلفظ أقصى حنكيا K في مثل criticism تارة وأسنانيا تارة أخرى. وصوتS الأسناني المهموس يلفظ مجهورا في في مثل doors ومهموسا في مثل cats وشجريا متفشيا في مثل sheep ويلفظ صوتا مجهورا وقفيا غاريا في مثل Television والصوت اللثوي المهموس T يلفظ بين أسناني مجهور في مثل the ويلفظ بين أسناني مهموس رخو في مثل thief ويلفظ شجريا متفشيا رخوا في مثل nation وهذا وأضرابه قليل في العربية، ومنه التاء اللثوية المهموسة قد تلفظ مجهورة من الموقع نفسه في مثل ادعي و ازدهى و ادخر. وطبقية في مثل اطرد واطلع. وأيا ما يكن الأمر فإنّ التبدلات النطقية في العربية لا تتجاوز علاقة المجاورة بين الصوت والصوت إلا ما لوحظ في بعض اللهجات التي تلفظ الراء من الحلق فتغدو غينا أو الجيم الشجرية دالا لثوية وقفية مجهورة فيقال دزاير بدلا من جزائر. وليس لهذه التبدلات النطقية في العربية أي تأثير فونيمي، فالنون المتغيرة في امحى أو مما أو ممبعد هي من حيث الوظيفة كالنون في منكم.
 
وللحركات في العربية نظام أكثر شفافية ودقة من لغات أخرى، فباستثناء الألف، وهي حركة طويلة تتنقل بين الياء والواو، نجد الحركات الأخرى الطويلة والقصيرة لا يقع لها مثل هذا التنقل إلا نادرًا. وفي المواضع التي توجب التماثل مثل ميزان وموسر ومدار ومطار وما شابه ذلك وشاكله، وإنما وقع هذا حرصا على الانسجام الصوتي وتجنبا للنشاز الناتج عن الانتقال من الخلفي إلى الأمامي أو العكس. بيد أن الأمر في الإنجليزية مثلا ليس كذلك فصوت A يلفظ كالألف العربية في man وكالواو الخلفية الضيقة في tall وكالهمزة المنفتحة في animal أما الصائت o فيلفظ مثلما تلفظ الألف العربية في كلمة God ومثلما تلفظ الهمزة المنفتحة في كلمة Out وكالفتحة القصيرة العربية في كلمة not وكالواو المدية في no وإذا ضُعّفت moon كانت كالواو العربية في كلمتي روم، وهود. ومثل هذا التنوع وهو كبير لا يخضع لمعايير ثابتة بعيد عن العربية وحركاتها التي مع ثبات طريقة النطق يمكن إشباعها تطويلا أو اقتضابها تقصيرا. فثمة فرق بين الألف في واكبداه، وبين الألف في أنا لأغراض تعبيرية انفعالية. وبهذه المرونة في الصوائت الطويلة والقصيرة حوفظ على النسق الصوتي، والجرس الموسيقي، للكلمة والعبارة. وقد لاحظنا هذا في ثقفتموها وإليكموها اللتين تم فيهما مَطْلُ الضمة لتصبح واوا. يضاف إلى ما تقدم وسبق أن العربية في بنائها التركيبي لا تستعمل الأفعال المساعدة، أو فعال الكينونة verb to be ولو أن في العربية بعض الأفعال التي تشبه الأفعال المساعدة، مثل: أوشك وكاد وأخذ في مثل قولنا أوشك ينفجر، وأخذ يبكي، وكاد يلفظ أنفاسه؛ إلا أن استعمالها في العربية اختياري، ولا يعد التركيب خطأ إن لم تستعمل، فالتركيب صحيح بها وبغيرها، وتبعا لذلك لا يعد الفعل المساعد كما هو في الإنجليزية ضربة لازم.
 
وما نقوله - ها هنا - عن فضائل العربية لا ينفي أن العربية واجهت وتواجه المشكلات المستعصية على أكثر من مستوى.
 
وأولى هذه المشكلات نظامها الكتابي وطبيعة الخط والشكل، فالعربية من اللغات التي تلتقط في كتابتها أصوات الهجاء بعضها ببعض داخل الكلمة الواحدة مما يسفر عن الآتي:
 
اختلاف رسم الحرف الواحد باختلاف موقعه في الكلمة
 
صعوبات إملائية يعاني منها متعلمو العربية لا سيما من غير الناطقين بها.
 
غياب الرسوم أو الحروف الدالة على الحركات بحيث تكتب على السطر في مواقعها من الكلمة مما يورث المتكلمين بها الخطأ المسمى لحنا كون الحركات إما مغفلة أو تحتاج لطويل تدقيق وتحديق.
 
وجود بعض الأصوات الهجائية التي لها رسوم مختلفة كتابة مثل التاء والألف.
 
ومن المعضلات التي تواجه العربية اليوم مثلما واجهتها في القديم هي الإعراب. فعلى الرغم من أن الإعراب وسيلة تتبع في التحليل النحوي للجمل، والتراكيب، إلا أن النحو العربي الموروث خلط بين الإعراب الوصفي، والوظيفي، والمنطق الأرسطي، بتصور المعمولات نتاج عامل ظاهر، أو مضمر، لفظي أو معنوي. وقد جرّ هذا على النحو المدرسي الكثير من الإشكالات منها: كثرة الإعراب في المحل، والإعراب التقديري، وتعدد وجوه الإعراب في الشيء الواحد، واختلاف الإعراب مع وحدة المعنى، واختلاف المعنى مع وحدة الإعراب، والمغالاة في التأويلات النحوية، وهذا كله مما وصم النحو العربي بوصمة المعيارية، وهي التي تجعل النحو ضربا من التفلسف لا ضربا من الوصف التعليمي للكلام، وأوضاعه المنطوقة أو المكتوبة. وقد انفتحت الدراسات اللغوية المعاصرة على الحلول، والمقترحات الكثيرة التي جرى تداولها في هذه الشؤون، إلا أن صعوبة تغيير الأشياء بعد الاعتياد عليها يحول دون تطبيق أي من هاتيك المقترحات، التي تشمل الخط والنظام الكتابي والدرس النحوي.