Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-May-2020

الكاتب والباحث سامر خير أحمد: أهم دور للمثقف نشر القيم السلوكية الإيجابية في المجتمع

 الدستور – نضال برقان

«دردشة ثقافية»، ذات طابع نقدي للراهن والمعيش، نطل من خلالها على عوالم مبدعينا الأردنيين والعرب، ونتأمل جانبًا رؤاهم الخاصة لكثير من المفردات، والصغيرة منها والكبيرة، ونتجول في مشاغلهم الإبداعية، ونتعرف من خلالها إلى أبرز شجونهم وشؤونهم..
 
وخلال دردشتنا الآتية نستضيف الكاتب والباحث سامر خير أحمد*
 
* أبدأ من «كورونا»، ذلك الفايروس الذي راح يعصف بالعالم، بالناس، بالنظم السياسية والفكرية السائدة، بالكثير من العادات والتقاليد، ترى ما هي أبرز الأسئلة التي أثارتها في وجدانك تداعيات «كورونا»؟
 
- لا أستطيع قبل كل شيء أن أغض الطرف عن النتائج الإيجابية التي تسبب بها انتشار هذا الفيروس في العالم، رغم نتائجه الكارثية والمحزنة على حياة الناس وصحتهم وسُبل معيشتهم. لقد انخفض التلوث بدرجة مذهلة في كل مكان نتيجة توقف النشاطات الصناعية وحركة وسائل النقل الجوية والبرية، وهذه نتيجة مهمة أعتقد أننا كنا نحتاجها وكان كوكبنا كله يحتاجها، وسنقدّر قيمتها لاحقاً، كذلك انعكس على طريقة حياتنا حيث انتبهنا إلى ضرورة منح وقت أكبر لبيوتنا وعائلاتنا. السؤال الأبرز الآن: كيف يمكن أن نغيّر من تفاصيل يومياتنا العادية بحيث نحافظ على استمرار هاتين النتيجتين بعد عودة الحياة إلى طبيعتها؟
 
* تحديات جمّة تواجهها المجتمعات العربية، على الصعد كافة، ترى هل على المثقف أن يقوم بدور ما حيال مجتمعه؟ وما طبيعة الدور الذي يمكن أن يقوم به في ظل النظم السياسية القائمة؟
 
- أهم دور يمكن أن يؤديه المثقف تجاه مجتمعه، هو أن يساهم من خلال إنتاجه الثقافي ومن خلال حضوره اليومي في مجتمعه، في نشر القيم السلوكية الإيجابية القائمة على تكريس سيادة القانون وحقوق الإنسان المدنية والاقتصادية والاجتماعية، والتعامل الإيجابي مع الفضاء العام ومع الشركاء في الوطن. هذه القيم هي التي تضمن إحداث نقلة حضارية في أي مجتمع وتفتح فرص النهوض والتقدم الشامل، أياً كانت طبيعة النظام السياسي القائم.
 
* لم يزل سؤال التنوير واحدًا من أهم أسئلة الثقافة العربية، منذ أزيد من قرن، ترى هل استطاع المثقف العربي تقديم إجابة، أو شبة إجابة حتى، على ذلك السؤال؟
 
- لا يمكن للمثقف العربي فعل ذلك ما دام ينطلق في تفكيره من زمان آخر أو من مكان آخر؛ أي بغير أن ينطلق من لحظته التاريخية بظروفها وطبيعتها، من دون استنجاد بفكر ماضوي أو بفكر غربي. المدارس الفكرية السائدة لا تحقق ذلك. والذين يدركون أهمية هذه المسألة ويستجيبون لها إنما هم «أصوات في البرية»، لأنهم مفكرون فرادى لا يسلط الإعلام الضوء عليهم ولا يمثلون تيارات سياسية، بل بالعكس يحاربهم الإعلام الذي يغازل التفكير الشعبي السائد ويخشاه.
 
مسألة أخرى مهمة بظني في هذا السياق، تتمحور حول تعريف المثقف الذي نتحدث عنه. ثمة فهم سائد يعرّف المثقف بأنه المشتغل بالأدب والفن، وعلى هذا نجد البرامج الثقافية والمنتديات الثقافية تقدم الأدباء والفنانين على أنهم «المثقفون»، بينما تحيّد المشتغلين بالفكر وما ينبني عليه من تطلع إلى المستقبل عبر بوابات التنمية والمجتمع والسياسة والدين، وأجد ذلك خللاً كبيراً لأن المشتغلين بالفكر هم أصحاب الدور الحاسم في موضوع التنوير والنهوض الحضاري.
 
*  في الوقت الذي نتأمل فيه بعض مرايا الثقافة العربية، ترى هل هي ثقافة حرّة؟ أم هل ثمّة هيمنة، أو أكثر، تمارس على هذه الثقافة؟ وإذا وجدت تلك الهيمنة، فما الذي تسعى لتحقيقه، أو ترسيخه ربما؟
 
- الثقافة الحقيقية في بلادنا نشاط فردي، أما النشاطات الثقافية الجماعية الحكومية والأهلية فتدخل في باب المجاملات والاستعراض والزينة غير الضرورية. ليس في بلادنا خطة حقيقية لتوظيف الثقافة من أجل التنمية، وإن وجدت فإن أحداً من أصحاب القرار غير معني بتطبيقها، ليس لأنه يقصد تعطيلها بل لأنه لا يدرك أهميتها وجداوها. لذلك لا أعتقد أن ثمة هيمنة على الثقافة في بلادنا، بل هناك تصغير لدورها وأهميتها، من دون قصد بحسب خبرتي في الإدارة الثقافية. هذا ما جعل العمل الثقافي في معظمه باباً للتنفيع والتزبيط والمجاملة، وساوى بين الإنتاج الثقافي ذي القيمة ومنتجات «كل شيء بدينار» الثقافية، ولهذا فإن الثقافة الحقيقية والمثقف الحقيقي انزوى إلى العمل الفردي، وترك الساحة لهؤلاء ممن هب ودب من أدعياء الثقافة لأنه لا يمكنه إهدار طاقته في مناكفتهم!
 
*  لعل أحد الحلول الناجعة في سبيل إشاعة الثقافة والمعرفة بداية، وتأصيل دورهما تاليا في المجتمع، يتمثل بالاشتغال على البعد الاقتصادي لهما، (وهذه سبيل لتحريرهما من سطوة السلطة المانحة بطبيعة الحال)، وهي المعادلة التي لم تتبلور بعد في عالمنا العربي، ترى كيف تقرأ هذا المسألة؟
 
- تقصد أن يكون الفرد المثقف والمؤسسة الثقافية الأهلية، مستقلين مالياً؟ نعم هذا صحيح وضروري لو فكرنا بمشاريع ثقافية مستدامة. هذه المسألة تحتاج أن يتنادى مثقفون حقيقيون للعمل معاً، وأن يجدوا شراكة من خبراء اقتصاديين يفهمون دور الثقافة (من أجل توجيههم لا من أجل الإنفاق عليهم)، وتلك مسألة أخرى بذاتها لأننا لم نعرف مثقفين قادرين على العمل معاً بروح الفريق من غير مشاغبات من أدعياء الثقافة والساعين إلى الاسترزاق تحت لافتة «دعم الثقافة».
 
* ثمّة تسارع كبير يشهده العالم، في كل لحظة ربما، على الصعيد التكنولوجيا والمعلومات، ترى هل أثّر ذلك على طقوسك الإبداعية في القراءة والكتابة؟
 
- أثّر كثيراً. لقد باتت معظم قراءاتي وجميع ما أكتب تعتمد على الأجهزة التكنولوجية. عندما أكتب بالقلم هذه الأيام أحس أن خطي تغيّر كثيراً!
 
*  ماذا عن انشغالاتك الراهنة؟ ماذا تقرأ؟ ماذا تكتب؟
 
- كباحث في موضوع النقد الحضاري لأزمة النهضة العربية، أتابع باهتمام كبير هذه الأيام تداعيات أزمة فيروس كورونا على العالم، وخصوصاً في ما يتعلق بالصراع الأميركي الصيني، وقد أنجزت مؤخراً كتاباً مشتركاً مع باحث صيني حول مستقبل العلاقات العربية الصينية. لدي قناعة بأن الصين يمكن أن تمثّل بوابة لتنمية عربية حقيقية لو خطط العرب لذلك جيداً، ومن ثم لنهوض حضاري حقيقي.
 
* سامر خير أحمد: كاتب أردني من مواليد عام 1974. درس الهندسة بالجامعة الأردنية وتخرّج فيها عام 1997. صدرت له عدّة كتب، أبرزها: العرب ومستقبل الصين (بالعربية والصينية والإنجليزية)، لقاء الشرق (بالعربية والصينية)، إدارة التنمية الثقافية، العلمانية المؤمنة (بالعربية والإنجليزية)، والحركة الطلابية الأردنية. عمل في الإدارة الثقافية والكتابة الصحفية. فاز بجائزة الكتاب المتميز من هيئة النشر الحكومية الصينية للعام 2015، وجائزة جامعة فيلادلفيا لأحسن كتاب للعام 2014، وذلك عن كتاب «العرب ومستقبل الصين». كما فاز بجائزة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين للإبداع للعام 2016. عضو رابطة الكتّاب الأردنيين، وعضو شرف اتحاد المصورين العرب.