Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Jul-2017

بعد الموصل.. العراق الى أين ؟! - محمد كعوش
 
الراي - الحديث عن نكبة الموصل والأزمة العر اقية يحتاج الى شيء من الصراحة والصدق والموضوعية، لأن مأساة العراق ستكون طويلة ولن يحسمها الحل العسكري فحسب، واريد ان اشير هنا الى كتاب فن الحرب الذي كتبه الفيلسوف والكاتب العسكري الصيني سون تزو في القرن السادس قبل الميلاد ، والذي قال ما معناه أن النصر الحقيقي ليس هو الأنتصار العسكري المرحلي ، لأن النصر النهائي هو أن تجرد عدوك من قدرته على المقاومة ، ولا أعتقد ان حكومة العبادي والحشد الشعبي والجيش العراقي لديهم القدرة على تجريد الدواعش من قدرتهم على تفريخ تنظيمات اخرى في المستقبل.
 
صحيح ان تنظيم داعش الأرهابي قد خسر معركته في الموصل وربما حربه في العراق ، وصحيح أنهم انتهوا ، فر من فر وقتل من قتل ، ولكن الداعشية باقية لأن تربة العراق ما زالت صالحة لتفريخ تنظيمات اخرى في المستقبل ، فالمسالة العراقية لا تحسم بانتصار عسكري فحسب ، بل تحتاج الى حل سياسي على قاعدة المشاركة وعدم رفض الآخر وتحقيق المساواة والعدالة والمصالحة الوطنية وكل هذه الشروط لن تتوفر في المنظور القريب ، لأن النظام العراقي كله عالق في التاريخ كما أن الشعب العراقي ما زال يدفع ثمن دستور بريمر ونتائج الإحتلال الأميركي والتدخلات الخارجية التي كرست عملية تفتيت المجتمع العراقي.
 
وقد تشكل معركة تحرير الموصل حدا بين تاريخين ولكنها - ففيها تم هزيمة عسكرية كبرى لتنظيم داعش الأرهابي، وقد تثبت نتائج هذه الحرب على الدواعش ودحرهم واخراجهم من بلاد الرافدين–مؤشر واقعي يؤكد أن الدور الوظيفي لهذا التنظيم التكفيري قد انتهى ، كما انتهى دور تنظيم القاعدة في زمن مضى ، ولكن بعد تخريب وتدمير اكثر من بلد عربي وانهاك الجيوش العربية واخراجها من مربع الصراع العربي الإسرائيلي الذي كان بعد ان حولته الحروب العربية الى مربع وهمي.
 
الحقيقة ان تنظيم داعش لم يقصّر وأدى دوره التخريبي المطلوب واكثر ، وكان آخرها تدمير مدينة الموصل العربية التاريخية ، حتى مسجد النوري الكبير الذي بني في عهد نور الدين زنكي لم يسلم ، كما تم تدمير المئذنة الحدباء التي تحدت العوامل الطبيعية والغزوات الأجنبية لمدة 900عام ، وهي خسارة حضارية تراثية لا تعوض ، واذا لم نبالغ فقد تم تدمير كامل مدينة الموصل التي كانت بين ظلم وظلام داعش وبين شهوة الإنتقام التي كان الحشد الشعبي اسيرها.
 
أمام مشهد الموصل تعجز الكلمات في حضرة الصدمة، لأن المدينة بكاملها لم تعد صالحة للسكن أو العيش ، فهي اليوم مجرد حطام لبقايا مدينة منكوبة ، فأي انتصار يتحدث عنه العراقيون ، وانت ترى أطفال ونساء الموصل وشيوخها الذين كانوا رهائن عند الدواعش ، يخرجون من تحت الأنقاض في طوابير من رعب ، ثم يقتادون مثل العبيد الى الساحات العامة والبراري في أجواء تموز اللاهبة ؟!
 
الحديث عن الموصل موجع ويحتاج الى شيء من الصراحة والصدق وعدم المجاملة ، لأن المشهد سيكون ارضا خصبة لظهور داعشية جديدة باسماء وعناوين مختلفة ، وهذا يعني أن مأساة العراق والعراقيين طويلة ، اذا لم يخرج بين القادة في العراق من هو حكيم وعقلاني وواقعي ، لأن التعصب والغضب من أخطر اعداء العقل ، خصوصا بعد استقواء المليشيات المسلحة على النظام الحالي ، في الوقت الذي سيواجه فيه العراق التحدي الأكبرفي تاريخه ، لأن حرب التقسيم لم تتوقف حتى الآن ، وسيكون لنا حديث آخر عندما يعلن البرزاني دولة كردستان المستقلة في شمال العراق ، وهي خطة مدبرة ومدعومة من الخارج..