الغد- نعتقد أنه من مؤشرات التخلف الإفراط في التلوث الصوتي، فيمكن ملاحظة مدى تقدم الدولة أو تأخرها من خلال النظر في مدى الإزعاج الصوتي الذي ينتجه المجتمع عند التكلم أو الاستماع إلى المذياع أو الهاتف المتنقل، حينما يتحدث الناس بصوت مرتفع ويحبذون رفع أصوات الأجهزة. أما في حال القطارات ووسائط النقل العام على سبيل المثال، ففي الدول الأكثر تخلفا يمكن أن تصدر أصوات كثيرة من مكونات القطارات سواء عن طريق اهتزاز المقاعد أو في بنية القطار نفسها أو من العجلات عبر احتكاكها مع السكك، حيث تصدر أصواتاً أعلى من المسموح به عالمياً على مقياس الديسبل.

وتكون أجهزة تضخيم الصوت عادة مرتفعة وغير منتظمة في الدول الأكثر تخلفاً ويكون صوتها مزعجاً، ويلاحظ إطلاق أبواق المركبات في الشوارع العامة بإفراط إما تعبيراً عن غضب أو تعبيراً عن فرحة معينة كحالها في بلادنا. وعند التكلم عبر الهواتف يتم ذلك بصوت مرتفع ولمدة طويلة توحي لك أن الناس يتجاملون أو يتبادلون أطراف الحديث ويروون قصصهم بالتفصيل، ما يدل على وجود وقت فراغ كبير لديهم؛ هذا أيضاً ينعكس على سوق العمل الضعيف وعلى مستوى البطالة المرتفع في بلدهم. 

ومن معايير التخلف التحدث على الهاتف لفترات طويلة والجلوس في الأماكن العامة خلال ساعات النهار أثناء أيام العمل لاحتساء القهوة والشاي وتدخين النرجيلة لفترات طويلة. ويمكن إدخال جانب اجتماعي آخر على معايير التخلف مثل كثرة الزيارات العائلية والمناسبات الخاصة والمشاركة في سهرات الطرب الطويلة ولعب الشدة وطاولة الزهر والحديث عن الناس بدلاً من تنظيم الشؤون العائلية الخاصة وساعات العمل أولاً.

أما عن معايير التقدم والحداثة في أي بلد فهي تتمثل من أحد جوانبها في تنظيم الخدمات العامة ونظافة الأماكن العامة؛ فنظافة الشوارع مؤشر واضح على التقدم، وأيضاً نوعية الحاويات (فرز النفايات) وأعدادها وأشكالها وأماكنها، وكذلك النظافة في وسائل النقل وحداثتها وانتظام سيرها والاهتمام بأجهزة توفير الطاقة وإنتاج الطاقة النظيفة المتجددة من الشمس أو الرياح والاهتمام بأجهزة توفير المياه في المرافق العامة والخدمات والفنادق، فضلاً عن رؤية مصادر الطاقة المتجددة مستثمرة من حولك في الريف أو على أسطح الأبنية كالسخانات الشمسية أو الخلايا الكهروضوئية لتوليد الكهرباء أو مراوح الكهرباء.

ويمكن ملاحظة مدى استدامة هذا التقدم والخدمات والقدرة على صيانتها بوصفها من معايير التقدم، وذلك من خلال مراقبة الأدراج الكهربائية في أماكن الخدمات العامة كمترو الأنفاق مثلاً إذا كانت تعمل أم لا، أو إذا كانت نظيفة أم لا!

وبشكل عام فإن طريقة قيادة المركبات أيضاً هي مؤشر مهم على رقي الدولة وتقدمها من حيث مدى الالتزام بالنظام والسرعة وتخصيص المسارب وتنظيم الإشارات الضوئية والالتزام باحترام مناطق المشاة والسائقين الآخرين وما إلى ذلك. كذلك مدى استخدام وسائل النقل العامة من حيث تعددها وانتظامها وتعرفتها وتوفر خرائط للمدن ووسائط النقل والأماكن السياحة في المطارات والأماكن السياحية والفنادق؛ فكلما تقدمت الدولة وصلت قطاراتها إلى المطارات لتخدم الناس والسياحة وتقلل وقت التنقل وكلفته وتزيد من راحة المسافرين.

وأخيراً يمكننا القول إن نقطة الدخول إلى تلك الدولة والخروج منها يمكن أن تكون مؤشراً على رقي الدولة أو تخلفها من حيث إجراءات الدخول والخروج وبساطتها أو تعقيدها وطريقة استقبال السياح والفترة اللازمة لإتمام إجراءات الدخول. 

ختاماً نقول إنه إذا وضعنا علامات لهذه المعايير المتعددة فنعتقد أنه بإمكاننا أن نقدر مدى تقدم أي دولة أو تأخرها أملاً أن نفيد من هذه المعلومات كي نقوم على تحسين أدائنا بغية استقطاب أكبر كمية ممكنة من السياح في هذه الفترة العصيبة، وبخاصة في الوقت الذي يمكن اعتبار الأردن المنطقة الأكثر أمناً في الشرق الأوسط.