Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Mar-2019

الملك إذ يلغي زيارته.. ما المعنى..؟*راكان السعايدة

 الراي-أن يقرر جلالة الملك عبدالله الثاني إلغاء زيارة رسميّة مقرّة سلفاً إلى رومانيا؛ فهذا يعني أننا أمام رسائل سياسيّة إلى من يعنيهم الأمر.

 
والأمر هنا يتجاوز رومانيا إلى أميركا وأوروبا و«إسرائيل»، وكذلك العرب والمسلمين.
 
حين ظن الجميع أنّ لا ردّ عربيّاً على قرار رئيسة الوزراء الرومانيّة نقل سفارة بلادها إلى القدس، أتاهم الردّ؛ أردنياً هاشمياً شجاعاً، ومباغتاً أيضاً، ليقول للجميع إن الأردن لن يهادن ولن يساوم على القدس والمقدسات.
 
فهل وصلت الرسالة..؟
 
لا شكّ أن قراراً بهذا الوزن، لا بدَّ وأن يكون دُرس بعمق، وصممت رسائله بدقة كبيرة، لأن الرسالة السياسيّة الملكيّة في ثناياها أبعاد تعدت رومانيا، وذهبت باتجاهات عديدة ولمستويات سياسية كثيرة..
 
في الحقيقة لم يضع الملك في حساباته أيّ تبعات سياسيّة لإلغاء زيارة رومانيا، مثلما لم يضع في حساباته أيضاً، ردات الفعل على مواقفه القويّة المعلنة من القدس والمقدسات، وهي عديدة، لأن المسألة برمتها «مبدأ وثوابت وقيم ملكيّة هاشميّة، لا تقبل القسمة وغير ممكنة التجزئة».
 
الملك وضع القدس، وثوابت الدولة الأردنيّة، فوق كل المصالح والعلاقات الإقليميّة والدوليّة، وتحمل - نتيجة ذلك - ضغوطاً هائلة، سياسيّاً واقتصاديّاً وإعلاميّاً، وجابه، علناً وبصراحة تامة، كل محاولة لثني الأردن عن مواقفه ومحاولة تحييده عن ثوابته.
 
والمعلن عن هذه الضغوط، أقل بكثير من الذي يجري في الغرف المغلقة، لكن إرادة الملك الصلبة، المدعومة شعبيا، وقدرته الكبيرة على المواجهة تجعله في كل مرة أكثر تمسكاً بقناعاته وثوابته وقيمه.
 
وأيضاً، تجعل جلالته أكثر إصراراً وعزيمة، وأكثر وضوحاً وشفافية في التحذير من مخاطر المسّ بالقدس والمقدسات، ومخاطر عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقيّة.
 
مخاطر حقيقية لا متخيلة، وواقعية لا افتراضية، فعندما يتحدث زعامات الكونغرس الأميركي عن حكمة الملك وبُعد نظره وعمق رؤيته حيال أوضاع الشرق الأوسط، يعكسون، عملياً، إدراكاً عميقاً لكل كلمة يقولها، وكل نصيحة يوجهها لهم وللعالم عن مستقبل المنطقة الوعر إذا لم تحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً، وإذا مست القدس والمقدسات.
 
«رسالة رومانيا»، محملة بالمعاني والدلالات والإشارات السياسيّة، رسالة لم تجامل على حساب الثوابت، تصب في صالح استقرار المنطقة والعالم، وتجنب الجميع أكلافاً وتبعات كثيرة وكبيرة إن لم تؤخذ بالاعتبار.
 
نعم، إنه موقف ملكي يذكي في الأردنيين والعرب والمسلمين عزة النفس بمواقف عروبيّة وإسلاميّة أحوج ما نكون لمثلها، الآن، وقد تردى حال الأمتين العربية والإسلامية.