اليوم ينطلق مهرجان الزيتون الوطني رقم عشرين، وهو مهرجان تشرف عليه هذه المرة وزارة الزراعة بكافة جوانبه، حيث سبق لي الكتابة عن المهرجانين السابقين، في انطلاقتهما ثم في نتائجهما وقراءة في أرقامهما التي تحققت في المرتين، باعتبارها مقياسا لحجم نجاح الفكرة الملهمة لتسويق منتجاتنا الريفية، وحجم انتشار ثقافة التسويق للمنتجات الزراعية المحلية وصناعاتهما اليدوية، التي أصبحت رافدا تنمويا اقتصاديا موازيا بل رئيسيا لبعض الأسر الريفية.

في هذا المهرجان تحاول وزارة الزراعة ان تعزز ثقافة الاهتمام ببعض المنتجات الزراعية المحلية، وعلى رأس قائمة هذه المنتجات زيت الزيتون المحلي، الزيت الذي لا نتحدث عنه في ثقافتنا سوى: كمياته وهل هو أصلي وغير مغشوش وهل الكمية تكفي السوق المحلية ..وكلها اهتمامات مطلوبة، لكن يغيب عن ذهننا ان هناك دول كثيرة في المنطقة وحول العالم، تنتج زيت الزيتون بكميات كبيرة، لكن الفرق أن زيت الزيتون الأردني عضوي لا مبيدات ولا حتى مياه بنية لريّه على الأغلب، فكل مواطن تقريبا لديه شجيرات زيتون حول منزله يرعاها بأساليب قد تكون بدائية لكنها بعيدة كل البعد عن المبيدات، وزيتونهم على الاغلب يشرب من مياههم التي يشربونها، أو ترويه مياه الأمطار الموسمية التي تتساقط على سفوح الجبال الشامخة..

 

 

كل الظروف المحيطة بقطرة الزيت الأردنية تؤكد بأنها طبيعية تكتنز آلاف القصص من الكدّ والمعاناة والبركة وطيبة النفس الأردنية، وموسوعات من قصص العقائد والأنبياء التي تثبت بأن هذا التراب لا ينمو فيه سوى الخير والبركة، ولعل شجرة الزيتون وزيتها الذي يشع فسفورا أنصع في منطقتنا مميزة، وهذا ما تتحدث عنه عدة شهادات دولية من جهات مختصة بدراسة الزيتون وزيته حول العالم، وهو ما سيتأكد منه الزائر للمعرض الذي ينطلق اليوم الأربعاء في حدائق الحسين، حيث توجد جهات مختصة لفحص الزيت وفق اختبار علمي وتقنية متطورة، بالإضافة الى حديث مختص، يؤكد للمتسوق أنه يشتري زيتا أردنيا نقيا متميزا وبعيد عن العبث والغش، فهذه هي أكثر الطرق أمانا لشراء زيت الزيتون في وقت تتزايد فيه قلة الضمير والغش والتكسب على حساب النقاء والصفاء والصدق والبركة.

في مهرجان الزيتون تحدث سنويا قصص نجاح تنموية للأسر العاملة في الزراعة أو بالقرب منها، حيث يوفر للناس فرصة لشراء صناعات غذائية ريفية يدوية، هي في تعريف الذواقين تحف لو أنصفنا، فكلنا يعلم ما الذي تقوم به أمهاتنا وجداتنا لتحضير المونة السنوية من المخللات والجميد والمربى وسائر الصناعات اليدوية التي تصنعها النساء في المجتمعات الزراعية الريفية.. والله مستعد أدفع 5 دنانير من أجل رغيف طابون واحد من تلك الأرغفة التي كنا ننتظرها من طابون أمي.

المهرجان مول موسمي كبير مميز، ومفتوح لأهل عمان ولغيرهم، يوفر أصنافا طبيعية من منتجات وصناعات ريفية تأتي من كل بقعة في الأردن، يمكنكم التجول فيها بزيارة ترفيهية ومن لم يشتر شيئا يمكنه التذوق والتعرف على خير الأردن، الذي يبذل الكادحون فيه عرقهم ويتطاول أملهم بالله حتى السماء بأن يجعل فيه بركة للزارع والصانع والبائع والمشتري والمستهلك.

وبين البائع والشاري بركة أردنية حدثتنا عنها كتب السماء جميعها.

الله يطرح البركة للمهرجان ولضيوفه وفي السلع المعروضة فيه، ففي كل سلعة موسوعة من النضال الأردني والصبر.