Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Jan-2018

«أمازيغ» الجزائر يحتفلون: تصحيح «تاريخِيّ» لخطأ كبير - محمد خروب

الراي -  تبادل أمازيغ الجزائر لاول مرة وفي شكل «رسمي».. التهاني, واقاموا طقوسهم الاحتفالية في مناسبة السنة «البربرية» الجديدة التي تحمل الرقم 2968 وِفق تقويمهم الممتد الى منذ ما قبل الميلاد بـ»950 «سنة، بعد قرار الحكومة الجزائرية الحكيم والتاريخي, الاعتراف بعيد «يناير».

 
لتسجيل سابقة في منطقة شمال افريقيا العربية, التي يُقيم على اراضيها وبعض اراضي دول افريقية مجاورة مثل مالي والنيجر وبوركينافاسو, ما بقي من أحفاد سكانها الاصليين حيث تعدادهم يصِل الى 20 مليون نسمة, وفق تقديرات المصادر الامازيغية نفسها, إذ تخضع الأعداد هذه.. كالعادة, لتجاذبات وعمليات إضافة وحذف مقصودة, بهدف تحصين الرافضين كما الساعين للحصول على حقوق ثقافية «وهوياتية» لهذه الاقلية العِرقية او تلك, في بلاد المغرب العربي او غيرها من المناطق التي تحفل بتعددية عِرقية وتمردات واحتجاجات وخلافات, تنهض على أسس إثنية وعِرقية ليس من المبالغة القول ان العالم العربي (إن كان ثمة هناك من يزال يقيم وزناً لهذه الصفة او يُبدي حرصاً عليها, بعد ان غدت العروبة عِبئاً عليه يسعى للتخلص منه, بل التنكّر لها والإبتعاد عن أكلافها وروابطها), كان (العالم العربي) عنواناً.. بدرجة او أخرى, لتغييب الهوية والخصوصية الثقافية لمعظم الأقليات العِرقية والإثنية التي تشاركه.. «ارضه».
 
ليس القصد من هذه العجالة الدخول في بحث تاريخي حول علاقة الامازيغ بالعرب, او الغوص في ما اكتنف هذه العلاقة, التي ما تزال ملتبسة ومحفوفة بالمخاطر والاحتمالات المفتوحة للإبقاء على التوترات ذات الطابع العِرقي والاثني في المجتمعات العربية المُفخَّخة، بقدر ما هو مقصود الإشادة بهذه الخطوة الجزائرية الشجاعة, والتي هي في حاجة الى الاستكمال والتكامل حتى يتم نزع كل عوامل التوتر والتفجير التي تسعى جهات عديدة داخلية وخصوصاً خارجية, للإبقاء عليها واستثمارها في تقويض امن واستقرار دول المغرب العربي.
 
الذي تتعدّد مشكلاتها وازماتها الاقتصادية والاجتماعية, ويُراد استنزاف المزيد من مواردها وطاقاتها. حتى تبقى أسيرة التخلّف والاستتباع والارتهان لخطط ومشروعات قوى النيوليبرالية المتوحشة والخضوع لوصفات اذرعتها المالية المتمثلة في البنك والصندوق.. الدوليين.
 
ليس ثمة حاجة للدخول في لعبة الارقام والنِسَب التي يشكلها الأمازيغ في بلدان المغرب العربي, وعمّا إذا كانت نسبتهم تصل الى 20 %او اكثر في الجزائر, أوتقترب من 40 %من سكان المغرب, وهي 10 %في ليبيا على ما تقول مصادر أمازيغية غير مؤكَّدة وغير مستنِدة الى احصاءات دقيقة، لكن الحاجة ماسة للتأكيد على انه بات من الصعوبة حدود الاستحالة, الاستمرار في حال «الإنكار» التي تعيشها المنطقة العربية بأسرها... مشرِقها ومغرِبها على حد سواء، ازاء حقوق الاقليات العرقية... صغيرتها والكبيرة (دع عنك الدينية.. التي يصعب الخوض فيها وفق المِعيار العِرقي، كون معظم ما يسمى خطأ بالاقليات الدينية هم من العرب, وبالتالي يجب ان تنتفي الرطانات والمصطلحات والتسميات التي تصف شركاء الوطن بالاقليات الدينية)، وهو إنكار لم يعد بمقدور معظم الانظمة العربية الاستمرار فيه, في ظل الضعف والخواء والتفكك والامراض التي تفتك بالمجتمعات العربية بـ»فضل» هذا الإنكار, الذي كان أحد اسباب الاختراقات التي احدثها الحلف الصهيواميركي في الجسد العربي المُثخَن, واستطاع الاستثمار فيه وتوظيفه والعمل على اسقاط دول وانظمة عربية عديدة, تحت ذريعة اضطهادها للأقليات العِرقية وخصوصاً «الدينية» داخلها, وكيف ارادوا استغلال تعدّديتها الثقافية والعِرقية من أجل تقسيم تلك الدول, وتحويلها الى كانتونات طائفية ومذهبية وعِرقية, كما روَّجوا – وما يزالون – في حربِهم على سوريا وفيها, ولم يسلم منها العراق، ناهيك عما حدث اوائل الألفية الجديدة في منطقة القبائل في الجزائر, وما يحدث الان ايضاً في ليبيا ازاء «أمازيغها» في جبل نفوسة. دون إهمال ما حدث في السودان وجنوبه والحروب الدائرة في اكثر من منطقة فيه.
 
الخطوة الجزائرية غير المسبوقة في اتجاه الاعتراف بالهوية الثقافية الأمازيغية، تُسهم ـتضمن أمور أخرى ــ في زيادة اللحمة الوطنية لدولة وشعب أثخنتهما العشرِية السوداء، وما لبثا ان دخلا في أزمة اقتصادية اجتماعية, تحت وطأة انخفاض اسعار النفط والصراعات الحزبية ومحاولة بعض القوى استغلال ما سمي خطأ بالربيع العربي، الذي بدأ في جارتها تونس لإعادة الفوضى داخل البلاد, وبخاصة بعد الاجتياح الاطلسي لليبيا الذي تم بتواطؤ بعض العرب عبر قرار «جامعة» لا تجمَع، اضافة الى ما اسهمت فيه القوى الظلامية المدعومة غربياً ومن بعض العرب ,لنشر الارهاب في دول شمال افريقيا, انطلاقاً من قواعد في الحدود المتاخمة لها جنوباً ومبايعاتِها تنظيم داعش, الذي بدأ يعيد تنظيم صفوفه بعد الهزائم التي لحقت به في سوريا والعراق.
 
لن يفّتّ في عضد الجزائر الذي دحر شعبها (العربي والأمازيغي) الاستعمار الفرنسي البغيض, واستعاد استقلاله وريادته في المنطقة، بل شكّل امثولة لحركات التحرر الوطني في العالم أجمع، أن يقول الأمازيغ لبعضهم البعض في رأس سنتهم الجديدة: «آسوقاس آمقاز» التي تعني «سنة مباركة». او ان يتعلّم أمازيغ الجزائر – كما أمازيغ الدول التي يتواجدون فيها – لغتهم القومية, الى جانب اللغة العربية, كانعكاس حقيقي للتعددية الثقافية والتنوع الخلاّق الذي يُشكَّل إثراء وإضافة للرصيد الوطني بمختلف اشكاله, ويسهِم في تصليب المواقف الوطنية لمواجهة الدسائس والمؤامرات الاستعمارية, الهادفة لتفتيت المجتمعات العربية وتأزيمها.
kharroub@jpf.com.jo