Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Aug-2017

كل جمعة - عصام قضماني
 
• يقولون في السر ما لا يقولونه في العلن .
 
الراي - تجربتنا الصحافية ثرية , ليس بالمعلومات والأخبار والمطابخ الخلفية بل في المفاجآت المضحكة والمحزنة والمؤسفة .
 
ليس كل ما يلمع ذهبا كما يقول المثل وليس كل من يبدو فصحيا هو كذلك , وليس كل يد قادرة على توقيع معاملة دون أن ترتجف , أما آليات القرار فحدث ولا حرج , أما الجهل في طبيعة الوظيفة التي يشغلها فلان أو علان حتى من الوزراء فمنها كثير , وتضحك حد الحزن عندما ترى مسؤولا مرتبكا عند في مواجهة أقل موقف لا يعرف كيف يتصرف , ولا يجرؤ على إتخاذ القرار .
 
هذا في القطاع العام , أما في القطاع الخاص فهناك ألف قصة وقصة تروى عما يدور , بدءا بإهتمام المسؤولين فيه بصورتهم الإعلامية أكثر من صورة المؤسسات التي يديرونها , واحد منهم يزعجه كثيرا أن لا تظهر صورته على الخبر , حتى لو ظهرت من دون الخبر فهو أخر همومه , وآخر يزعجه تفوق زميله إعلاميا , فيحفر له ويمارس كل قوة لإقصائه .
 
كثيرا ما يسبق الإجتماعات أحاديث جانبية بيننا وبين هذه العينة من المسؤولين , وكم هي المفاجأة مذهلة عندما يغيرون قناعاتهم وكلامهم بمجرد أن يلقفهم أحد الميكرفون أو بمجرد إعتلاء منبر الحديث أو دخول الإجتماع الى الرسمية .
 
قبل أيام شاءت الصدفة أن أستمع الى مكالمة هاتفية لرئيس نقابة حساسة ومهمة شكا فيها عرقلة الإجراءات لأعمال منتسبي نقابته , فدفعت الى الصحفي المتخصص في قطاعه بالمعلومات المثيرة التي إستمعت اليها منه , وما أن إتصل به حتى غير أقواله كليا بمجرد أن عرف بأن ما سيقوله للنشر , لكن النكتة هي أنه إنكشف أمام قاعدته النقابية , فما يقوله في القاعات والغرف المغلقة وما يتعهد به لا يحمله الى العلن , مسكين يبدو أن الخوف يأكل قلبه أو أن المكاسب أكبر من أن يخسرها من أجل شأن عام .
 
قبل سنوات عاتفني مسؤول مهم وطلب الي أن أطل على شاشة التلفزيون للحديث في قضية شغلت الدنيا أظن أنها كانت عن الخصخصة , وهو يعرف أنني من أشد المؤيدين والمدافعين عنها لقناعة , لكنني في تلك المرة ورغم قناعتي الكامل بما كنت سأقوله لو شاركت في البرنامج دفعت الى هذا الصديق الذي أرغب عن ذكر إسمه بملاحظة فسألت , لست أتهرب وسألبي فورا بما ينسجم مع قناعاتي , ولكن ألا ترى معي أن من هم أولى بالدفاع عن الإتفاقيات هم من وقع عليها من الوزراء , وبهذا تزداد ثقة الناس وقناعاتهم بأن المسؤولين في بلدنا شجعان يتحملون مسؤولية قراراتهم ويدافعون عنها بشراسة ختى لو كانت غير شعبية , فقال لي وقد لمست خيبة الأمل في صوته متحدثا الي عبر الهاتف , لم يستجب أحد وكلهم تهربوا بحجج مختلفة .
 
حتى الملك نفسه دفع مؤخرا بملاحظة ساخنة عن هذه الظاهرة , أين المسؤولين والسابقين لماذا لا يخرجون على الناس ليتحثوا في شؤون عامة تهم البلد وهي مصيرية وقهم كانوا ولا زالوا شركاء فيها .
 
نعم عزيزي القاريء , أنا معك , كيف ستثق بمثل هؤلاء , وهم يختبؤون وقد نفذوا أو شهدوا قرارات مهمة ويرفضون التصريح بأسمائهم الصريحة حول معلومات مؤثرة في موقف الرأي العام , خشية من التشكيك والإتهام , لكن الأسوأ هو تغيير بعض هؤلاء المسؤولين مواقفهم والإدلاء بشهادات أو تصريحات على النقيض من أقوال سابقة إرضاء للشارع والأسوأ في هذه الظاهرة أيضا هو لجوء بعض هؤلاء المسؤولين الى بث وتسريب معلومات غير رسمية يجري تداولها بإعتبارها حقائق , يتخلون فيها عن مسؤولياتهم ,
 
يمكن تفهم أنه في ظل ضجيج النقد تضيع الأصوات الموضوعية , لكن ما لا يمكن قبوله هو إختباء المسؤولين ممن يملكون المعلومات والحقائق , وما لا يمكن قبوله كذلك هو تغيير بعضهم لمواقفه طلبا للشعبية , فطالما أن الأصوات التي تجرأت بالحقائق في شأن عام تتلقى سيلا من الإتهامات فإن الأصوات الموضوعية والتي لها تأثير كبير في تشكيل الرأي العام تفضل الصمت وعدم المواجهة.
 
هذا فيض من غيض .. تجارب مثيرة حقا لكنها مؤلمة , عندما ترى المسؤول يملأ الدنيا لكنه عند الجد لا تراه بأم العين , صحيح ليس كل ما يلمع ذهبا .