Friday 27th of December 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2024

بداية نهاية إسرائيل

 الغد-كريغ مخيبر ‏‏- (موندويس) ‏‏8 تشرين الأول (أكتوبر) 2024‏

‏ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
 
 
بعد مرور عام على الهجمة الإسرائيلية الأخيرة على الفلسطينيين، ما تزال نيران الإبادة الجماعية مشتعلة. لكننا ربما نشهد الآن، بعد عقود من الاضطهاد وسفك الدماء، بداية نهاية المشروع الاستعماري الاستيطاني في فلسطين. ‏
 
 
‏وصلنا اليوم إلى محطة قاتمة؛ نهاية عام كامل من القتل الجماعي الإسرائيلي الشنيع؛ عام من المعاناة الفلسطينية الملحمية؛ ‏عام من التواطؤ الغربي المباشر؛ عام من التحريض الإعلامي المستمر؛ عام من التقاعس المخزي للمؤسسات الدولية. ‏  
على مدى اثني عشر شهرا، شهدنا اضطهادا غير متوان للمدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء الغرب، لمجرد معارضتهم السلمية للإبادة الجماعية والفصل العنصري. ‏ ‏
‏شهدنا اثنين وخمسين أسبوعًا عاشها الجمهور العالمي المرتعب، الذي يشاهد بلا حول ولا قوة على شاشاته أول إبادة جماعية تُبث على الهواء مباشرة في التاريخ. ‏
و‏كانت مذبحة العام الماضي فريدة لم يسبق لها مثيل. والدمار الذي جلبته يكاد يعز على التصور. ‏
ومع ذلك، سوف تنتهي هذه الحملة من الإبادة الجماعية. ولا شك أن الشعب الفلسطيني وجموعه المحاصرة سينهضون من رماد الإبادة الجماعية، ويستعيدون ويؤكدون حقوقهم غير القابلة للتصرف في استعادة وطنهم القديم. ‏
لكنّ المؤسسات الدولية والنظام العالمي لحقوق الإنسان سوف تخرج مليئة بالكدمات والندوب. ‏كما أن رأس المال السياسي الذي أنفقته إمبراطورية الولايات المتحدة والغرب الأوسع للدفاع عن المذبحة، فضلاً عن مكانتهما وسمعتهما العالمية، لن يتم استردادها أبدًا. ‏
‏ومن شبه المؤكد أن هذا العام من القسوة والخروج على القانون سيشكل بداية النهاية للمشروع الصهيوني في فلسطين، وبالتالي لدولة إسرائيل كما نعرفها.
‏وصفة للكوارث‏
‏بطبيعة الحال، لم تبدأ الإبادة الجماعية ولا الموجة الحالية من ذبح الفلسطينيين في تشرين الأول (أكتوبر) 2023. بدأت المذابح المنهجية والتطهير والمحو للشعب الفلسطيني الأصلي بشكل جدي مع نكبة 1947-48، ولم تتوقف أبدا منذ تلك البداية الدموية. ‏
وكان تهديد الإبادة الجماعية واضحا دائما. يمكن لأي شخص يفكر أن يرى، حتى قبل قيام دولة إسرائيل، أن المشروع الصهيوني الذي دعمه الغرب كان وصفة للكارثة. ‏
‏أولاً، في اللحظة التاريخية ذاتها التي يجري فيها تفكيك الاستعمار في جميع أنحاء العالم، واعتماد قواعد عالمية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ابتكر الغرب استثناء لفلسطين. ‏
‏كان في هذه اللحظة بالتحديد حين اختارت القوات الصهيونية مهاجمة فلسطين، وقتل وترويع سكانها، ومطاردة العديد من الناجين وإبعادهم تحت سياط الرعب، والبدء في محو السكان الأصليين، واستبدالهم بمستعمرة استيطانية أوروبية أسسها غزاة أجانب، متطرفة جوهريًا بأيديولوجية سياسية عنصرية وعنيفة في الأساس. ‏
‏وقد تقرر الحفاظ على وجود المستعمرة على فوهة البندقية، من خلال شن حرب مستمرة ضد السكان الأصليين وضد الدول المجاورة. ‏وتم بناء نظام تعليمي استعماري ونظام بيئي إعلامي مصممَين لتجريد السكان الأصليين والشعوب المجاورة من إنسانيتهم وغرس أيديولوجية تفوقية في جهور المستوطنين. ‏
‏وتمت عسكرة الدولة الاستيطانية واقتصادها ومجتمعها بشكل كامل، وتجنيد جميع البالغين في مشروع عنف الدولة، وتسليحها حتى الأسنان، بما في ذلك بالأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، وحتى دمج الاختبار الميداني للأسلحة الجديدة على السكان المدنيين المأسورين كجزء من نموذج الأعمال لصناعة الأسلحة في المستعمرة. ‏
وأحاط المستعمرون المشروع بأكمله بسياج من الحصانة التي كفلها الغرب، ليصنعوا استثناءً من تطبيق كافة قواعد القانون الدولي. ‏وبنوا آلية قمع شاملة تضم كل شيء، بما في ذلك القوانين والسياسات والممارسات والتقنيات، لضمان القهر المستمر للشعب الفلسطيني الأصلي وتجريده من إنسانيته واضطهاده. ‏كان المزيج السام كاملاً.
‏الحفاظ على الدعم الغربي‏
بطبيعة الحال، لا يمكن على الإطلاق أن تكون مستعمرة أوروبية مفروضة بشكل مصطنع في قلب الشرق الأوسط، والتي يتم الحفاظ عليها حتمًا بالقوة، قادرة على إدامة نفسها ذاتيا. بل إنها اعتمدت دائمًا، وسوف تعتمد دائما، على الدعم الهائل من الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. وكان الحفاظ على هذا الدعم الحيوي هدفًا رئيسيًا للدولة الإسرائيلية وشبكتها العابرة للحدود من الجماعات بالوكالة. ‏
‏هكذا تبنى النظام الإسرائيلي، في كل السنوات التي مضت منذ تأسيسه، استراتيجية للإبادة الجماعية التدريجية، قوامها الاضطهاد ونزع الملكية، تتخللها مذابح دورية كاملة، وتميزها مسيرة توسع مستمرة. 
كانت هذه وتيرة مجربة وحقيقية على مدى 75 عاما، والتي كان رعاة النظام الغربيون مرتاحين لها، مما سمح لهم بمواصلة إرسال دفق غير منقطع من الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي من دون ضغوط محلية كبيرة في الداخل. ‏وسمح لإعلام الشركات ذات التفكير المماثل بأن يقوم، عقدًا بعد عقد، بنشر الدعاية المؤيدة لإسرائيل باستمرار لتكون ستار دخان يخفي الحقائق المروعة التي ترتكب ضد السكان الأصليين على الأرض.
إبادة جماعية معجلة
‏ولكن عندما تولت الحكومة الإسرائيلية الصهيونية اليمينية المتطرفة الحالية زمام السلطة في العام الماضي، تخلت على الفور عن استراتيجية الإبادة الجماعية ‏‏التدريجية‏‏. ‏
‏بدلاً من ذلك، انتقلت إلى ‏‏التعجيل‏‏ بالإبادة الجماعية (بدءًا بموجات التطهير العرقي في القدس المحتلة والضفة الغربية)، مراهنة على أن رعاتها الغربيين (والسياسيين الأسرى لهيمنتها ووسائل الإعلام المتواطئة) لن يجرؤوا على -أو الاهتمام باتخاذ الخطوات اللازمة لوقفها، حتى بينما تنفذ مذابح مدنية بالجملة في غزة. ‏وكانت الحكومة على حق. 
كانت كذلك لدرجة أن الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وغيرها، سرعان ما تجاوزت مجرد المصادقة على الإبادة الجماعية إلى التواطؤ المباشر والمشاركة فيها. ‏
‏ونتيجة لذلك، وبعد مرور عام على بدء المذبحة، ما نزال نشهد الآن حدًا من سفك الدماء لم يسبق له مثيل في المنطقة، بينما العالم الأوسع يغرق في ورطة عميقة.
محور الإبادة الجماعية‏
‏وإذن، ليست إسرائيل وحدها في مسيرتها الإرهابية. إنها مصحوبة، على نفس الخط وبخطا ثابتة، بما يصح أن يُسمّى "محور الإبادة الجماعية"‏‏. ‏وثمة أربعة أعضاء في هذا المحور-إسرائيل؛ والولايات المتحدة؛ والمملكة المتحدة؛ وفرنسا- هي دول مسلحة نوويًا. أما خامستها، ألمانيا، فمرتكب متسلسل للإبادة الجماعية وقوة اقتصادية أوروبية كبرى. ولدى ثلاثة من هذه الدول (الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة وفرنسا) حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ‏
‏تضيف إلى هذا الخطر حقيقة أن جميع أعضاء المحور يشتركون في أساس أيديولوجي مشترك في العسكرة والاستعمار وعقيدة تفوق البيض والصهيونية السياسية. ولدى معظمهم وصمة الإبادة الجماعية في سجلاتهم التاريخية. ‏ولدى هذه الدول جميعًا أنظمة سياسية سياسية مخترقة ومفسدة بشكل عميق من مجمعات صناعة الأسلحة، وطبقة المليارديرات، ولوبي إسرائيل. وتتميز جميعها بمستويات مجتمعية هائلة من الإسلاموفوبيا، والعنصرية ضد العرب، والتحامل على الفلسطينيين.
‏للدفاع عن مستعمرة استيطانية واحدة صغيرة وقمعية وعنيفة في الشرق الأوسط، سارعت هذه الدول جميعها إلى التخلي عن صرح القانون الدولي وعن المؤسسات الدولية التي تم بناؤها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي زعمت هذه الدول ذات مرة أنها جزء من علامتها المميزة الخاصة. ‏
وكما أظهر التاريخ الحديث، لم يقتصر الأمر على أن هذه التحيزات والروابط والحوافز وصفة كانت وصفة للإبادة الجماعية في فلسطين فحسب؛ لقد أصبحت وصفةللكارثة على نطاق عالمي.
‏تكسير العظام والأرقام القياسية‏
‏في الحقيقة، كانت تكلفة إفلات إسرائيل من العقاب الذي كفله الغرب باهظة إلى حد صادم. ‏‏في عام واحد، سجلت إسرائيل أرقامًا قياسية جديدة في وتيرة قتل المدنيين، ومعدل تدمير البنية التحتية المدنية، وقتل الأطفال، وقتل العاملين في المجال الطبي، وقتل الصحفيين، وقتل العاملين في المجال الإنساني، وقتل موظفي الأمم المتحدة. ‏
وقد صدم فساد أعمال إسرائيل العالم: العقاب الجماعي؛ وسلسلة المجازر؛ والإعدامات بإجراءات موجزة خارج نطاق القانون؛ ومعسكرات التعذيب؛ والعنف الجنسي الممنهج؛ وتكتيكات التجويع؛ والمرض المفروض؛ والاستهداف المباشر للأطفال الصغار ببنادق القناصة؛ ومنع المساعدات الإنسانية لتسهيل التجويع. ‏
‏وقد رأينا جميعا الصور: التدمير المنهجي لأحياء بأكملها، وللمدارس؛ والمستشفيات؛ والجامعات؛ ومخازن المواد الغذائية؛ والملاجئ؛ ومخيمات اللاجئين؛ والحقول الزراعية -وحتى المقابر. ‏
رأينا أجساد الفلسطينيين المشوهة، وعيون الأطفال المليئة بالخوف، والرعب عندما تسقط القنابل على طوابير الخبز. رأينا قتل الأبرياء بدم بارد، ومنهم الأطفال العزل مثل هند رجب المحاصرة في سيارة العائلة، التي تم ترويعها لساعات قبل ذبحها برصاص الجنود الإسرائيليين، وآلاف الآخرين مثلها. ‏
‏ورأينا الضحك البارد والقاسي للجنود الإسرائيليين، والهتافات المأفونة للمستوطنين الإسرائيليين العنيفين، والتعهدات بالإبادة الجماعية للقادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين. ‏
شاهدنا وعد رئيس الوزراء بالقضاء على الفلسطينيين "مثل عماليق"، وفاقًا لأم الآية التوراتية التي تقول لإسرائيل: "فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرِّموا كل ما له، ولا تعفُ عنهم، بل اقتل رجلاً وامرأة، طفلا ورضيعا، بقراً وغنماً، جملاً وحمارًا".
‏سمعنا دعوات القادة الإسرائيليين إلى إيقاع ‏‏نكبة‏‏ أخرى بالفلسطينيين، وتسوية غزة بالأرض، وعدم التمييز بين المدنيين والمقاتلين، والدعوات إلى "دفنهم". ‏
‏والآن، حفظنا جميعا النمط الهمجي المألوف لجرائم إسرائيل: استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية، ثم استهداف عمال الإنقاذ الذين يأتون للمساعدة، ثم الاحتفال باللغة العبرية -وإنما التحول إلى اللغة الإنجليزية للادعاء بأنهم جميعًا إرهابيون أو دروع بشرية أو أضرار جانبية، ثم إعادة التزويد وتكرار ذلك مرة أخرى. ‏
إن حجم الذنب الإجرامي التراكمي للجناة الإسرائيليين وشركائهم الغربيين المتواطئين مذهل. ولكن، كذلك هي الهفوة الأخلاقية التاريخية للعالم الأوسع، سواء أولئك الذين دافعوا عن الإبادة الجماعية، أو أولئك الذين ظلوا صامتين أثناء تنفيذها بأموال ضرائبهم، أو بدعم سياسي من حكوماتهم، أو باسمهم. ‏
‏اليوم، أصبح الجميع يعرفون. لا أحد يستطيع أن يقول إنه لم يتم تحذيره قبل الكارثة. ولا يمكن لأحد أن يقول إنه لم يكن على علم بالأهوال التي أعقبت ذلك، التي يجري بثها في الوقت الفعلي وعلى الهواء مباشرة لنا جميعًا. 
‏بعد مرور 76 عامًا على انطلاق هذا المشروع الاستعماري، من الواضح لكل من يريد أن يرى أن ما بناه الغرب في قلب الشرق الأوسط ليس مشروعًا مستنيرًا، وإنما وحش فرانكشتاين هائج يهدد بجر الشعب الفلسطيني الأصلي والمنطقة والعالم إلى حريق قد لا يتعافى منه لأجيال.
الظلام ينتشر‏
‏أما إلى متى يمكن أن تستمر موجة العربدة، فسؤال مفتوح. لكنّ المزيد من الظلام سيكون هناك بلا شك المزيد قبل طلوع الفجر. ‏
‏الآن تقوم إسرائيل، المنتشية بخمرة الإفلات من العقاب المدعوم من الغرب، حتى بينما تستمرا في الإبادة الجماعية في فلسطين، بنشر هجماتها في جميع أنحاء المنطقة، تاركة جبالاً من الجثث وأنهارًا من الدماء في أعقابها. ‏
في غضون أسابيع، نفذَت هجمات إرهابية بأجهزة اتصال مفخخة في لبنان، واغتالت قادة في جميع أنحاء المنطقة، وشنت هجمات عسكرية على غزة والضفة الغربية ولبنان وسورية والعراق وإيران واليمن، وغزت الأراضي اللبنانية، وتسعى الآن إلى جر راعيها الأميركي إلى حرب غزو وهيمنة إقليمية شاملة. ‏
‏ومع ذلك، لا تبدي الحكومات المتعاونة في الغرب رغبة تُذكر في كبح جماح الوحش الهائج الذي خلقته هي نفسها في الشرق الأوسط، والذي تستمر في تزويده بتدفقات لا نهاية لها من الأسلحة، والمال، والاستخبارات، والغطاء الدبلوماسي، والاستثنائية القانونية، وشرنقة الإفلات من العقاب التي لا يمكن اختراقها حتى الآن.
وعندما يأتي الحساب، كما يجب أن يحدث، لا بد من ضمان مساءلة كل من إسرائيل وشركائها الغربيين حتى لا تتكرر هذه الفظائع في دورة لا نهاية لها من الفظائع والإفلات من العقاب والعودة إلى الإجرام.
حصانة إسرائيل تقترب من نهايتها
‏ولكن، ثمة أضواء تومض في الظلام، وهي تنمو. ‏لقد ألهمت قضية فلسطين العادلة وصمود شعبها الملايين حول العالم للوقوف والرد بالنضال. وأصبح العالم المتحضر الآن أكثر تعبئة مما كان عليه في أي وقت منذ أجيال لمعارضة الشر المروع الذي أطلقته إسرائيل ورعاتها الغربيون على العالم. ‏
‏الآن، يفر المزيد والمزيد من الناس من المصفوفة التي تشوه الحقائق من إعلام الشركات الغربية، ويتحولون إلى وسائل الإعلام المستقلة والمصادر المباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، في ما يوجه ضربة قوية لرواية المؤسسات الغربية الرسمية الخاضعة للرقابة والمؤيدة لإسرائيل. ‏
اليوم، تحاكَم إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، ويخضع قادتها لأوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة. ‏
‏وقد أصدرت "محكمة العدل الدولية" بالفعل سلسلة من التدابير المؤقتة لمكافحة الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، بينما تصطف قائمة متزايدة من الدول وراء فلسطين وجنوب أفريقيا في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل. ‏
‏كما تجري مناقشة إنشاء محكمة دولية مخصصة في الأمم المتحدة. وقد رُفعت بالفعل قضايا في المحاكم الوطنية في جميع أنحاء العالم ضد إسرائيل ومن المؤكد أن المزيد سيتبع. كما يجري وضع خطط لتفويض هيئة دولية مكلفة بمناهضة للفصل العنصري والتي ستركز على إسرائيل. 
‏في الأثناء، جمعت الأمم المتحدة وآلياتها المستقلة لحقوق الإنسان ومنظمات حقوق الإنسان الدولية والفلسطينية والإسرائيلية الرائدة كميات هائلة من الأدلة، وأدانت إسرائيل بشدة لإجرامها المروع، وهي تعمل على ضمان خضوعها للمساءلة. ‏
وليست المظاهرات الجماهيرية ضد إسرائيل أحداثًا يومية تجري في العواصم في جميع أنحاء العالم فحسب، ولكنها في الواقع آخذة في الازدياد، من دون أن تردعها الجهود الوحشية التي تُبذلك في كثير من الأحيان (خاصة من الحكومات الغربية) لقمعها. ‏كما أعلنت "محكمة العدل الدولية" وجوب التزام جميع الدول بقطع كل اعتراف ومساعدات واستثمارات وتجارة وأسلحة ودعم من أي نوع للمشروع الاستعماري الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة. ‏
تصبح إسرائيل معزولة بشكل متزايد على الساحة العالمية. وتنمو الحركة العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات مع مرور كل يوم. ‏
‏بعبارات أخرى، يقترب عصر الإفلات من العقاب الإسرائيلي من نهايته، على الرغم من أفضل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وغيرها من الدول الغربية المتواطئة. ‏وربما نشهد، بعد عقود من الاضطهاد وسفك الدماء الذي لا نهاية له بحق الفلسطينيين، بداية نهاية المشروع الاستعماري الاستيطاني الأوروبي في فلسطين. ‏
بعد مرور عام من بدء الحرب، ما تزال نيران الإبادة الجماعية تتأجج. وفي هذه اللحظة المأساوية، من الصعب أن نرى من خلال الدخان الذي يحجب الطريق إلى الأمام. لكن الاستعمار الاستيطاني العنصري الأبيض هُزم في جنوب إفريقيا وروديسيا وناميبيا والجزائر. وسوف يُهزم في إسرائيل أيضًا. بالنضال والتضامن، بالقانون والسياسة، وبالمقاومة والمرونة والصمود، سوف ينتهي كل هذا.
‏*كريغ مخيبر Craig Mokhiber: هو محام دولي في مجال حقوق الإنسان ومسؤول كبير سابق في الأمم المتحدة. غادر الأمم المتحدة في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2023، وكتب رسالة قرئت على نطاق واسع، حذرت من الإبادة الجماعية في غزة، وانتقد الاستجابة الدولية، ودعا إلى نهج جديد تجاه فلسطين وإسرائيل على أساس المساواة وحقوق الإنسان والقانون الدولي. ‏
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The beginning of the end of Israel