الغد-هآرتس
بقلم: سيفي هندلر 16/4/2025
رئيس الحكومة اختار الدعابة من خلال تغريدة قال فيها "أنا أحب ابني يئير"، ابنه الذي غرد موجها حديثه لرئيس فرنسا وقال "اذهب إلى الجحيم" بسبب دعم الأخير لإقامة الدولة الفلسطينية، التي يفحص اعترافه بها قريبا. حول أسلوب الثرثرة الذي ينطلق من آلة الطباعة في ميامي لا فائدة من التوسع في الحديث. ولكن عندما يغرد رئيس الحكومة ضد الرئيس الفرنسي، فإن الأمر يجب أخذه على محمل الجد بدرجة معينة.
نتنياهو طرح حجتين في تغريدته لماكرون: الخطر الذي يحيق بإسرائيل من وجود دولة فلسطينية، وحول ذلك يجري حديث يقظ في إسرائيل، وما يصوره كنفاق فرنسي عندما تتجرأ على تأييد هذه الخطوة، في حين أنها غارقة في الكولونيالية ("نحن لن نقبل المواعظ الأخلاقية ممن تعارض إعطاء الاستقلال لكورسيكا").
فرنسا كدولة استعمارية عظمى سابقة تحتفظ بمناطق بعيدة عن فرنسا البرية. نتنياهو ذكر ثلاثا منها في التغريدة: كورسيكا، كلدونيا الجديدة وغيانا الفرنسية. هناك مسافة كبيرة تفصل فيما بينها، تاريخيا، ثقافيا وسياسيا، لكنها كلها تحكمها حتى الآن فرنسا. كورسيكا، الجزيرة في البحر المتوسط، انتقلت من يد جنوة بعد فترة استقلال قصيرة إلى حكم مباشر لفرنسا في القرن الثامن عشر. كلدونيا الجديدة التي توجد في المحيط الهادئ تم احتلالها من قبل فرنسا في منتصف القرن التاسع عشر. وغيانا الجديدة في أميركا الجنوبية تأسست كمستعمرة فرنسية منذ القرن السابع عشر إلى أن تم الإعلان عنها كولاية فرنسية بعد الحرب العالمية الثانية.
التوتر السياسي بين النظام المركزي في باريس وبين هذه المناطق، كبير ومتواصل، وحتى أنه أخذ شكلا عنيفا. أيضا محاولة العثور على حل وسط سياسي مع كورسيكا وغيانا وكلدونيا غيرت وبدلت صورتها. في كورسيكا أجري قبل 20 سنة استفتاء شعبي، فيه تم رفض اقتراح حكم ذاتي موسع بأغلبية بسيطة. ولكن الجزيرة تحظى ببرلمان مستقل خاص بها. في كلدونيا الجديدة تم إجراء ثلاثة استفتاءات شعبية، التي فيها رفض طلب الاستقلال (الاستفتاء الأخير كان في العام 2023، واعتبر متحيزا من قبل عدد من السكان الأصليين). في غيانا لم يتم إجراء أي استفتاء شعبي بمبادرة من فرنسا حول قضية الاستقلال.
نتنياهو أشار إلى نقاط ضعف مؤلمة في خريطة عامة لفرنسا ومناطقها. وحتى الآن، هناك أمر واحد غاب عن تغريدة الأب المحب. فقد نسي أن يذكر أن الجمهور الكورسيكي والكلدوني والغاني يصوتون في الانتخابات الرئاسية في فرنسا ويرسلون ممثلين عنهم إلى الجمعية الوطنية في باريس. بكلمات أخرى، سكان هذه المناطق التي مكانتها حتى الآن مختلف عليها في نظر البعض، لديهم جوازات سفر فرنسية وينتخبون الرئيس ويصوتون للبرلمان الفرنسي.
نتنياهو تعود في السابق على أن يقول لمحدثيه إنه تعلم اللغة الفرنسية عندما كسرت رجله واضطر إلى البقاء من دون حركة لأسابيع. لم يكن يضيره لو أنه أخذ كتاب تاريخ عن فرنسا ومستعمراتها وقام بقراءته قبل التغريد بأنصاف الحقائق. إلا إذا كانت هنا توجد رسالة تخريب سرية: هل بالضبط مثل فرنسا هو يخطط لإعطاء حقوق المواطنة للجميع، من البحر حتى النهر، وإقامة دولة ثنائية القومية على أنقاض دولة اليهود؟ الجواب واضح للجميع. في ظل الحرب في غزة نتنياهو ينثر الرماد في عيون الفرنسيين والفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.