Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Jul-2017

عقلية الناخب ومجالس قادمة - سامر محمد العبادي
 
الراي - ثلاث أوراق إقتراعٍ في منتصف آب المقبل في أيدي الناخبين، وانتخابات من الممكن وصفها بأنها الأضخم في تاريخ المملكة، من ناحية أعداد المترشحين والرؤية.
 
«التنمية» هي الشعار المتجذر في ذهنية الدولة الأردنية، فأضخم مشاريعها قامت عليها، والنهوض بوطنٍ بكرٍ إلى وطنٍ قادرٍ أن ينعم فيه المواطن بالراحة، وأن يستفيد من أدوات الحداثة، هو في صلب مفاهيمها، فالطرقات والإعمار في المدن والريف كان «هماً» أردنياً قبل عقودٍ، وتلاه إيصال خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وهذا الدور كان مناطاً بالبلديات، التي كانت في عقودٍ مضت في ذهنية الأردني مؤسسات محلية تؤدي خدمات النظافة والطرقات وسواها من الخدمات المشابهة.
 
وبالوقوف عند عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وخصوصاً في الريف الأردني، فإننا نرى أن البلدية مؤسسة كانت محل صراع التمثيل العشائري، وكان التنافس لا يجري على برامجٍ وسواها، بل على التمثيل الوازن لفئات اجتماعية تتلخص بالعشيرة، وأفرزت تلك المرحلة قياداتٍ كانت مرجعية حضورها مقدرتها على النجاح لدورات متتابعة في رئاسة وعضوية المجلس البلدي، ويستطيع المتأمل لسير الشخصيات الشعبية في تلك الفترة أن يقرأ أسباب الوجاهة في القرى والريف.
 
ونحن اليوم، وبعد هذه المسافة الزمنية، نرى أن تلك المرحلة مثلت مفاهيمها تركةً ثقيلة، إذ قام ذلك الجيل بدوره ووفق زمنه خير قيام ٍ، واليوم نحن كمجتمعات أمام مفاهيمٍ تنموية جديدة تتجاوز حدود الخدمات الأساسية على أهميتها، إذ اتسعت مدن وباتت بعض القرى بلدات، وتشكل جيلُ من حقه أن يكون له تجربته وسياقه بعيداً عن هموم جيلٍ مضى !
 
والهياكل والأطر الإدارية لم تعد كما كانت، ولا أسلوب الإدارة أو أدوات التنمية، إذ أن الدولة انتقلت من مرحلة الوصاية والمنح لفئة «المنتخبين» إلى مرحلة الشراكة، من خلال إيجاد رديفٍ يتلخص بالمجالس المحلية.
 
لذا فمن الضرورة أن نتجاوز مسألة «الوجاهة « إلى مسألة «البرامجية « ونتخطى زمان التمثيل إلى أفاق المقدرة، لتتمكن مجتمعاتنا من هضم مفاهيم التنمية، خصوصاً وأننا على كثرة المشاكل في الخدمات الأساسية بتنا بحاجةٍ، كمجتمعات نمت إلى مساحات أرحب للأدوار البلدية ، كمسألة التمويل والشراكات والحفاظ على الهوية المعمارية وبناء المخططات الشمولية والمتنزهات وحتى الانتقال ببلديات الأطراف خصوصاً إلى مرحلة تستطيع لعب أدوار غير تقليدية، لتنخرط البلدية بالتفاصيل اليومية لحياة من يقطنون حدودها.. فحتى المطلب الترفيهي والثقافي للسكان مناطُ بالبلديات، كمؤسسات قادرة على صياغة هويات مجتمعية أكثر تقدماً.
 
لذا فالسؤال المطروح ، كيف يمكن إقناع الناس أن البرامج الخدماتية أهم من الخدمات الشخصية وأجدى، خصوصاً وأننا بدأنا نعاني من تشوهات تنموية يمكن ملاحظتها في كثير من بلدات وقرى وطننا!
 
لربما نحتاج إلى فترةٍ زمنية أخرى لتجاوز تركة مضت.. ولربما تفرز هذه الانتخابات مثالاً ملهماً.. لننتظر ونرى.