Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jun-2019

ينظمون السير ويفعلون كل الخير*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-لا ننكر على السعيدين بحياتهم فرحتهم؛ بل نتمنى السعادة والطمأنينة وكل الخير للجميع، حتى البلهاء الذين يساعدهم عقلهم حين ينسى الحزن فيفرحون حتى في المآتم، كلهم نتمنى لهم كل السعادة، لكن لماذا يزعجوننا بفرحهم؟

المواكب التي تؤذي الوطن كثيرة، وغفيرة، ولا أعني السيارات فقط، فثمة قوى سياسية وأخرى اقتصادية واجتماعية وسلسلة طويلة من المواكب التي تستهدف الأردن، وهذه حقيقة وليست استنتاجا قاصرا سببه انغلاق التفكير على نظرية المؤامرة..حتى الغبي يلمس الخطر الذي يستهدف الأردن في كل شيء، لكنه صامد بحفظ من الله ثم جهود قيادته الحكيمة، وتعب وسهر أبنائه عل أمنه وراحته، لا سيما العيون الساهرة في الأمن والجيش..
من بين هؤلاء رجال السير؛ وقد كتبت عنهم عشرات المقالات في هذه الزاوية وغيرها، لكنهم يبعثون في نفسي كل الاعجاب بجهودهم كلما لاحت في الأفق أخبارهم وانجازاتهم..
أمس صباحا؛ وجد أحد رجال السير بطاقة جلوس ثانوية عامة، لطالبة فقدتها أثناء توجهها لقاعة الامتحان، وكان احتمال عدم تقديمها للامتحان أكيدا، لولا أن قام الشرطي على الفور بإبلاغ إدارة السير بال»مصيبة» التي وقعت على رأس تلك الطالبة المسكينة وعائلتها، وكلكم يدرك تماما بأنني لا أبالغ حين أقول مصيبة، ولو كانت لا قدّر الله ابنتي وأضاعت بطاقة «رقم الجلوس»، ومنعوها من تقديم امتحانها الذي تعبت وسهرت عليه ما سلف من عمرها، لتعاملت مع الواقعة كمصيبة بلا مبالغات..المهم في الموضوع أن العقيد باسم الخرابشة أمر بتوجيه دورية سير بسيارة، لتوصيل البطاقة للقاعة التي تقدم الطالبة امتحانها فيها، وعلى وجه السرعة دونما تأخير وقبل العاشرة صباحا، وهو موعد انطلاق الامتحان..فهذا جهاز سخر اهتمامه في ورقة عادية لو وجدها كثيرون في الشارع لما ألقى لها اهتماما، لكنهم فعلوا لأنهم أم وأب وشقيق وشقيقة يعلمون حجم الحزن الذي سيخيم على تلك العائلة، في حال منعت ابنتهم من دخول قاعة امتحان أو تأخرت قليلا بسبب فقدانها.
وعلى صعيد «له علاقة» بعنوان المقالة.. لا يجوز لأحد مهما كان أن يتوسط من أجل الضغط على الجهات المختصة، ليفرجوا عن مرتكب مخالفة بحق أرواح وممتلكات الناس أو بحق المجتمع، حين يطلق العنان لفرحه أن يحول حياة المواطنين الى نكد، ويتسبب في تعطيل السير وتقويض مصالح الناس بتضييع أوقاتهم حين ينتظروا في الشوارع المغلقة بالسيارات، نتيجة فرح الشباب بتخرّج أحدهم أو إحداهن من الجامعة أو المدرسة! وهو موسم ينطلق مع بدايات كل صيف في عمان وغيرها من المدن المكتظة شوارعها، يدفعنا جميعا للتأفف والغضب حين يصادفنا على أحد الشوارع أحد هذه المواكب، فلا شفاعة ولا «واسطات» لكل من يرتكب هذه الحماقة بحق الناس والحق العام في استخدام الشوارع والعيش بحرية.
إدارة السير التابعة للأمن العام؛ هي الواجهة الأولى التي تظهر للناس وتعطيهم الانطباع عن جهاز الأمن العام، فكوادرها المنتشرون ليلا نهارا في الشوارع، رغم كل الظروف الجوية القاسية، يتعاملون بشكل حضاري مع الناس، يقدمون خدمة جليلة تحول دون وقوع كوارث في شوارعنا، ويسهرون في هذه المواسم لحماية الناس من المستعرضين بفرحهم أو بغضبهم، حين يخمّسون ويفعفطون ويرقصون في عرض الطريق العام، غير آبهين بسائر المواطنين من حولهم.
حوالي مليوني سيارة تسير على شوارع عمان وحدها في شهرين منتصف كل صيف عماني، فهل تنظيم حركتهم أمر سهل وتلقائي؟! ..كل من يسير في شوارعها يستطيع الإجابة بأنه ليس سهلا، لا سيما حين تتسبب جهات أخرى في إعاقة السير والعبث فيه.
الذين ييسرون السير أمام الناس سييسر الله لهم طريقهم الى الجنة، قولا واحدا قاله أنبياء مهما اختلفت الديانات والرسالات السماوية..إنهم في الواقع يفعلون كل الخير وليس فقط ينظمون السير.
نعم؛ امنعوا المواكب كلها فالبدائية والصخب على حساب راحة الناس ليست فرحا، إنما اعتداء وخروج عن السوية.