الغد-معاريف
رفيت هيخت 8/11/2024
الإقالة الفضائحية لوزير الدفاع يوآف غالنت التي تشبه إعطاء "رسوم إظهار الجدية" للحريديين لأن بنيامين نتنياهو حتى الآن لا يستطيع تلبية طلبهم الذي يتمثل بإعفاء شامل ومن دون عقوبات من التجنيد، لم تحل مشكلته السياسية: الصهيونية الدينية لم تحرك ساكنا من أجل غالنت أو ضد إهمال جهاز الأمن، وستبقى الديكتاتورية المتسارعة تعارض قانون مراكز الخدمة في النهار وما شابه، بالأحرى قانون الإعفاء من الخدمة. بالتأكيد بما أن الحرب مستمرة. يبدو أن بوعز ويخين، العضوان في الائتلاف، يسيران في طريق تصادمي لا مفر منه وصعب على الحل.
يوجد للحكومة أسباب للصمود رغم الصعوبات: الاستطلاعات التي تظهر مرة تلو الأخرى بأن هذه حكومة غير شرعية من قبل الجمهور، والأعضاء فيها وممثل الصهيونية الدينية بشكل خاص، لا يجدر الاقتراب على الإطلاق من انتخابات قريبة، والمعادلة التاريخية الحارقة جدا في اليمين، انقسام أيديولوجي في داخله سيؤدي في نهاية المطاف إلى "كوارث مثل حكومة أوسلو"، يضاف إليها الآن انتخاب ترامب، وهي تفتح أمام نتنياهو احتمالات جديدة لحل الأزمة، أو للدقة عملية برية أكثر نجاحا في داخلها، التي على الأقل ستساعده على كسب المزيد من الوقت -تكتيك بقائه الأول.
نتنياهو سيحاول أن يحصل من ترامب على شيك كبير بقدر الإمكان من الهدايا وبادرات حسن النية للمستوطنين، على رأسها ستكون وعود بضم أجزاء من المناطق ج، وبعد ذلك سيضع أمامهم عالما بديلا أكثر حدة: إما مواصلة التصميم على إصلاح الظلم الأخلاقي والمبدئي المقرون بالتهرب الحريدي ويتم رميكم في صحراء المعارضة من دون أي إنجاز استيطاني أو أن تبقوا في الائتلاف وتحصلوا على إنجازات ملموسة ورمزية مقابل إعطاء الإعفاء الفاسد للحريديين بطريقة ملتوية معينة.
انتخاب ترامب أيضا يمكن أن يقرب بشكل كبير إنهاء الحرب. في عهد إدارة ديمقراطية، نتنياهو عرض على قاعدته حربا انتقامية لا نهاية لها، مع أهداف تتبدل ومخترعة. الآن احتمالاته متنوعة أكثر: ليس فقط أن الولايات المتحدة لم تعد تلاحق المستوطنين، بل هي حتى تستطيع تزويدهم بوعود للضم، التي ستأتي من المكتب البيضوي من دون أن يتجند أي حريدي، وهذه حقيقة أقل إثارة للغضب بكثير عندما لا تكون هناك حرب. هذا التقدير تدعمه جرأة نتنياهو على أن يركل إلى الخارج ممثل المعسكر الديمقراطي الوحيد في الحكومة، وهكذا يخاطر بعدم مشاركة جزء كبير من الجمهور الذي يخدم في الحرب، وهي عملية زاحفة تحدث أصلا على خلفية التآكل المتزايد. في الواقع أمام ذلك يقف وزن كبير على صورة رغبته وحاجته إلى مواصلة الحرب وتجنب تقديم شهادته في محاكمته -لكن تسوية مناسبة من ناحيته في هذا القطاع يبدو أنها ستفتح الطريق لإنهاء الحرب.
رغم أن أزمة قانون الإعفاء من الخدمة هي أزمة مزمنة، ومعرفة الجمهور بأن نتنياهو تحركه الاعتبارات الشخصية والسياسية، إلا أنه في نهاية المطاف نجح في فعل ما ظهر كغير ممكن في الأيام الأولى بعد المذبحة. حكومة الكوابيس يبدو أنها ستكمل أيامها، وهذا إنجاز تم وضعه في جيب نتنياهو من اللحظة التي نجح فيها في جر جدعون ساعر الانتهازي إليه.
هذا سبب مبرر للمراوحة في المكان ولليأس الذي يسيطر الآن على المعسكر الديمقراطي في إسرائيل، وكذلك يمكن تفهم خيبة الأمل إزاء قيود المعارضة والإبداع السياسي القليل. ولكن في داخل اليأس الكبير يجب تذكر حقائق مهمة: نسبة من يعارضون الحكومة تزيد على مؤيديها في كل لحظة، وهذه حقيقة لم تتغير أيضا الآن، عندما نتنياهو يظهر كشخص يمكنه فعل أي شيء. في نهاية المطاف المورد المهم جدا، بالتأكيد في وقت مظلم جدا، هو قوة الصمود أمام الصعوبات.