Saturday 12th of October 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jul-2024

ماذا يعني أن يدمر الاحتلال منزلك في غزة؟ .. تفاصيل "صادمة"
قدس برس
 
جو 24 :
 
في غزة، حيث تُعد الحياة اليومية معركة للبقاء، تأتي قصص المواطنين الفلسطينيين الذين خسروا منازلهم في أتون حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ 10 أشهر، كمرآة تعكس معاناة شعب بأسره، وتحمل معها تفاصيل إنسانية مريرة عما يعنيه أن يفقد شخص ما منزله.
 
كانت عائلة "السيد" تعيش بسلام حتى تلك الليلة المشؤومة، يقول أحمد، وفق تقرير لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" رب الأسرة: "كان الليل قد أسدل ستاره، وفجأة، سمعنا صوت انفجار ضخم. ثم علت أصوات من تبقى من الجيران في المكان تدعوا إلى إخلاء المنطقة لوجود تهديد بنسف البرج السكني المقابل لمنزلي".
 
انتقلت أسرة "أحمد" المكونة من سبعة أبناء إلى إحدى مدارس الإيواء في حي الشيخ رضوان جنوب مدينة غزة، ومع توسع الاجتياح البري للحي انتقلت إلى جامعة الأقصى حتى انسحاب "الجيش" من المدينة.
 
يقول أحمد في تصريحات نقلها عنه "المركز الفلسطيني للإعلام"، ونشرها اليوم الثلاثاء، إنه "لم أنتظر دقيقة بعدما علمت بتراجع جيش الاحتلال إلى الأطراف الشمالية لقطاع غزة، وحملت نفسي وشقيقي مسرعين لتفقد منزلنا المكون من ثلاثة طوابق. وما أن وصلنا حتى صدمنا بما آل إليه المكان".
 
 
يتابع: "وجدت جزءاً كبيراً من المنزل قد أتت عليه القذائف المدفعية وحرق الأثاث. عشت لحظات قاسية لم أعهدها من قبل. هذه هي المرة الأولى التي أواجه فيها مثل هذا الحدث وأعيش مشاعر آلاف المواطنين الذين فقدوا منازلهم مراراً في حروب إسرائيلية سابقة".
 
ويشدد الرجل الذي تجاوز العقد الخامس من عمره، بأن "فقدان البيت ليس بالأمر الهين، أنت لا تفقد أحجاراً، تشعر وكأن أحدهم يأخذك إلى عالم سحيق ليشطب عمراً من ذاكرتك، فالمنزل ذكريات ومشاعر ومواقف ترتبط في كل ركن وزاوية منه".
 
وانتهجت "إسرائيل" بشكل ممنهج تدمير المنازل في قطاع غزة بتوسع، حيث دمرت خلال 283 يومًا مئات آلاف الوحدات السكنية كليا، لتحول مالكيها وساكنيها إلى مشردين في الخيام ومراكز الإيواء.
 
وفي حالات تقصف طائرات الاحتلال المنازل على رؤوس ساكنيها وتقتلهم تحت الأنقاض، وفي حالات أخرى تدمر المنازل بالقصف الجوي ونسف المربعات السكنية خلال توغلاتها البرية، إضافة إلى عمليات التدمير الواسعة فيما يسمى المناطق العازلة، وكل ذلك يجري دون أي ضرورة ومبرر وفق السكان ومنظمات دولية.
 
 
ويلفت أحمد إلى أن الألم النفسي والاجتماعي أشد قسوة من الخسارة المادية، ففي كثير من الأوقات ينعقد لساني أمام تساؤلات أطفالي عن وقت العودة وإمكانية إصلاح البيت والعودة إليه، والوقت الذي سنستغرقه في ذلك، والمكان الذي سيمكثون فيه حتى إصلاحه أو إعادة بناءه”.
 
ويتساءل أحمد: "كيف يمكن للأطفال أن يشعروا بالأمان في مكان مؤقت؟ لقد فقدوا كل شيء، حتى ألعابهم الصغيرة".
 
وأظهرت صور فضائية حللها مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة، أن 35% من مجمل المباني في قطاع غزة قد دمرت أو تضررت بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وهو ما يعادل 88868 مبنى.
 
واستخدم المركز في تقييمه الصادر منتصف مارس/ آذار الماضي، صورا عالية الدقة التقطتها الأقمار الصناعية وتم جمعها في 29 فبراير، وقارنها بصور ملتقطة قبل وبعد اندلاع الحرب.
 
 
أحلام سحقت
 
وتذرف آية أحمد الدموع كلما تذكرت بيتها وذكرياتها فيه، "كان لي غرفة أو جناح خاص، كل ذكريات وكتبي ومكتبي راح".
 
تقول آية لـ"المركز الفلسطيني": "أنا طالبة طب في بداية السنة الثالثة، ومع بداية دراستي الجامعية جهز والدي الطابق الثاني من منزلنا، واشترى لي مجموعة كبيرة من كتب الطب، وجهز لي غرفة خاصة بمكتب، خططت على جدرانها آمالي وطموحاتي".
 
وتقطن الفتاة العشرينية في مدينة خان يونس، ولم يسبق لها أن اضطرت للنزوح في الحروب الإسرائيلية السابقة على غزة كما في هذه الحرب، "فهذه المرة الأولى التي انزح فيها، وعندما اضطررنا لذلك بداية شهر ديسمبر 2023 بكينا كثيرا. أخذنا القليل من أغراض البيت على أمل العودة”.
 
 
وتستدرك آية: "لكن الأمر طال وهاد قد مر على الحرب 10 أشهر دون أن تتوقف ودون أن نعد إلى المنزل الذي فقدانه بسبب القصف، وفقدنا معه غالبية وثائقنا الشخصية. تنقلنا بين الخيام، وفقدنا الكثير من الأحباب، ثم جاء تدمير المنزل ليزيد ألمنا. كتبي وشهاداتي وملابسي وذكرياتي، كلها سحقت ومعها ضاعت الكثير من الأحلام".
 
حديقة المنزل كانت ملاذ آية بعد عناء يوم جامعي طويل، تأنس مع والديها تحت أشجار النخيل والليمون في ليال الصيف الذي يكتوون فيه الآن تحت خيام النزوح القسري.
 
وتضيف: "كانت أمنيتي أن أعود إلى المنزل، حتى أني هممت بالعودة إليه بعد تراجع قوات الاحتلال عن منطقتنا. في حينها كان لا يزال قائما وبه أضرار جزئية، لكن جيش الاحتلال عاد الاحتلال بعد أشهر ليقصفه هكذا دون أي سبب".
 
وتعرب آية عن ثقتها بقدرتهم على إعادة بناء ما دمره الاحتلال رغم الألم الذي تعيشه كلما تصفحت صور المنزل وما تحمله كل لحظة من ذكريات اجتماعية تذرف عليها الدموع لفقدانها.
 
ووجد تقييم للأمم المتحدة أن أسطولاً يضم أكثر من 100 شاحنة سيستغرق 15 عاماً لرفع نحو 40 مليون طن من الأنقاض بغزة، في عملية تتراوح تكلفتها بين 500 و600 مليون دولار.
 
ووفقاً للتقييم، الذي نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الشهر الماضي، فقد تضرر 137297 مبنى في غزة؛ أي أكثر من نصف العدد الإجمالي. من بينها، جرى تدمير ما يزيد قليلاً عن رُبعها، ونحو عُشرها تعرَّض لأضرار جسيمة، والثلث تعرَّض لأضرار متوسطة.
 
ليست حجارة
 
أما عبير أبو سالم من سكان مشروع بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، فلا تزال رائحة البارود تلازمها وكأن الحدث قد جرى للتو، "لن أنسى ما عشته ذلك المساء ولا يمكن محوه من ذاكرتي. لا أستطيع وصف المشهد من هول ما شاهدته".
 
تسرد عبير ما جرى: "سمعت صوت انفجار وشاهدت الجدران تتهدم والأعمدة تطير. حاولت الهرب ولم أستطع ومع ضغط الهواء وجدت نفسي في الغرفة الثانية. لا أتخيل أنني لا زلت على قيد الحياة. حدث كل ذلك في ثواني قلبت حياتي رأسا على عقب".
 
مكثت عبير في المستشفى الإندونيسي نحو شهر، قبل أن يدفهم جيش الاحتلال إلى النزوح إلى جنوب القطاع، وبسؤالها عما يعنيه فقدان البيت، تجيب: "ليس هيناً أن تفقد بيتك الذي نشأت فيه. البيت ملي بالذكريات الثمينة، تعبنا سنوات طويلة ليتمكن والدي من بنائه كشقة سكنية فوق بيت العائلة”.
 
وتشير إلى أن الخوف الذي تعيشه لا يتعلق بمدى قدرتهم على إعادة الإعمار المنزل الذي سوي بالأرض بقدر ما ترتبط بمشاعر الأطفال عندما يرون ما حل ببيت العائلة.
 
وتختم عبير بأسى وهي تنظر: "نحن الآن مشردون لا نعلم المصير الذي ينتظرنا بعد انتهاء هذه الحرب الملعونة. ليس بوسعنا التفكير فيما إذا كان سنعود حقاً إلى بيت لاهيا أم سنعيش ما عاشه أجدادنا يوم غادروا منازلهم قسراً قبل 76 عاماً في نكبة عام 48 وماتوا على أمل العودة".
 
قدس برس