Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Sep-2020

صواريخ غزة كابوس لكل رئيس حكومة

 الغد-هآرتس

 
حيمي شليف
 
16/9/2020
 
وابل الصواريخ التي اطلقتها حماس في زمن مراسيم التوقيع على الاتفاقات مع دولة الامارات والبحرين أمس في البيت الابيض، جسد أمس كابوس كل رئيس حكومة يكون في زيارة خارج البلاد: شاشة منقسمة. الحديث يدور عن بث مباشر للحلم وتحطمه: من جهة، بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب يعلنان بصورة احتفالية عن قدوم السلام ولا يكلفان انفسهما عناء ذكر الفلسطينيين ولو بكلمة واحدة. ومن جهة اخرى حماس، تذكر الجميع أن المسافة بين تل ابيب ودبي هي 2670 كم، في حين أن صواريخ القسام من غزة منصوبة وتهدد، حتى بعد الاختراقة التاريخية، من وراء الجدار مباشرة.
إطلاق الصواريخ على اسدود وعسقلان اضاف مصدر جديد لتحريض الرأي العام في اسرائيل الذي ينشغل بالاستعداد للعيد والذي هو محبط من الاغلاق الموجود على الابواب، والذي يشعر بالخوف المتزايد بسبب اشارات تدل على أن الحكومة قد فقدت بشكل كامل السيطرة على مكافحة الكورونا. الشفافية في عرض الوقائع كانت تحتاج أمس الى تقسيم الشاشة الى ثلاثة اقسام: شظايا صاروخ ومواطنون مندهشون على يسار الشاشة. ونظام فحوصات ومستشفيات منهارة على يمين الشاشة، وفي الوسط نتنياهو وهو يبتسم ابتسامة عريضة مثل العريس على المنصة.
وخلافا للمواطنين القلقين، يبدو أن نتنياهو قد تأثر حقا وبصدق بالموقف، بدرجة كبيرة من الحق من ناحيته. حتى لو أن الامارات والبحرين لم تحاربا في أي يوم اسرائيل، مثلما قال ترامب بدون أن يصححه نتنياهو، فان روج علاقاتها شبه السرية من الصندوق مع القدس وتحويلها على علاقات سياسية واقتصادية علنية وكاملة هي علامة طريق تاريخية ستسجل على اسم نتنياهو، الذي اثبت كما يبدو ادعاءه القديم أنه يمكن تحقيق “السلام مقابل السلام” بدون الفلسطينيين، فان اطلاق الصواريخ من غزة اوضح أن شطب الفلسطينيين من الوعي لن يخفي مشكلتهم، وربما العكس هو الصحيح.
نتنياهو كان متأثرا جدا الى درجة المبالغة في مدح مضيفه ترامب والى درجة الاقتراب من الخط الاحمر الذي يفصل بين الاستخذاء الدارج والتدخل في الانتخابات، وهذا لا يعتبر شيئا مقارنة مع استعداد نتنياهو وزوجته سارة لإزالة الكمامات والمخاطرة بالانكشاف على فيروس الكورونا من اجل عدم احراج ترامب الذي يواصل نفي الفائدة من وسائل الوقاية المتبعة في العالم.
قبل بضعة ايام برر نتنياهو سفره بطائرة خاصة تابعة لرجل الاعمال أودي انجل، بأن “جهات مهنية قررت أنه فقط بهذه الطريقة يمكن الحفاظ على صحته. وها هو الآن هو وزوجته بدون كمامات يتوددان لترامب وميلانيا ويقفان على بعد مسافة قصيرة منهما، الحاشية الاسرائيلية تخالط الاميريكيين بحرية، الذين لا يتجرؤون على ارتداء الكمامات عندما يكون ترامب في المحيط. والحدث كله، رغم المشاركين فيه، يشكل حاضنة للكورونا بحجم حفل زفاف في الناصرة أو احتفال للبلوغ. ولو أن هذه الاحتفالات جرت في اسرائيل لكانت الشرطة قد جاءت على الفور واصدرت مخالفة غرامات للمنظمين والمشاركين.
ترامب رد المعروف لنتنياهو على الثناء والتقدير، لكنه لم ينس ايضا احراجه. فقد استغل ترامب هذا المشهد مع نتنياهو لمهاجمة خصمه بايدن مع تشبيه “جو النعسان”. ولكن نتنياهو بالتأكيد كان يتوقع ذلك. فقد ظهر متفاجأ اكثر من رسالة ترامب قبل وبعد جميع اللقاءات في البيت الابيض أمس، والتي تقول بأنه اذا تم انتخابه فسيتوصل الى اتفاق نووي مع ايران خلال شهر. وقد ظهر أن نتنياهو قد بذل جهدا كبيرا من اجل الحفاظ على ابتسامته الايجابية، في الوقت الذي سرح فيه ترامب في حلم جنة عدن اميركية – ايرانية، الذي بالتأكيد نتنياهو لن يكون شريكا فيه. اضافة الى ذلك، عودة ترامب الاستحواذية الى هذه القضية تثير الشك في أنه وراء الدخان قد يكون هناك بالفعل حريق لا يعرف عنه نتنياهو.
خلافا للضيف الاسرائيلي، ترامب لم يحصل على شاشة مقسمة، وذلك لسبب بسيط وهو أن قنوات البث الاميركية خصصت الحد الادنى الضروري لتغطية التاريخ الآخذ في التشكل بين اسرائيل ودول الخليج والاهتمام بالمشكلات الداخلية. ولو أنهم أرادوا ذلك، لما كانوا وجدوا صعوبة في بث الفرق المطلق والمثير للغضب بين اجواء القمم الممتعة في البيت الابيض وبين الحريق المدمر في غرب الولايات المتحدة بسبب ازمة المناخ التي ينفيها ترامب، والتوتر المتزايد في العلاقة بين السود والبيض التي يرعاها ويثيرها ترامب، والاكثر من 200 ألف اميركي الذين ماتوا حتى الآن بسبب كورونا. الفشل الاخير نبع في جزء منه من المقاربة الخاطئة من الاساس وغير العلمية للرئيس الاميركي، الذي نتنياهو دون خيار منحها أمس مباركته الظاهرية.
ربما تكون الهزة الخفيفة وغير المسبوقة في خطاب نتنياهو الطويل جدا، عكست اكثر من انفعال من فعل السلام. نتنياهو يعرف أن مصير ترامب سيحسم خلال شهرين تقريبا، وأن وضعه حتى الآن غير واعد. يصعب على نتنياهو تحمل التفكير بأن عصره الذهبي مع ترامب سيختفي وكأنه لم يكن، وأنه سيحتل مكانه العناء الذي سيواجهه مع بايدن، وكل شيء سيعود الى نقطة البداية. نتنياهو يعرف جيدا بأنه عندما سيذهب ترامب فان شيئا منه سيذهب معه، اذا لم يكن جميعه.