Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Sep-2019

إسرائيل هي التي تقوم بكل العمل القذر ضد إيران

 الغد-ترجمة: علاء الدين أبو زينة

ستيفن أ. كوك* – (فورين بوليسي) 4/9/2019
عندما كانت أضواء الإعلام مسلطة على هونغ كونغ، والحرب التجارية التي تخوضها الإدارة الأميركية مع الصين، وحوادث إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة، واجتماع قادة مجموعة السبع، وحرائق الأمازون، كان الإسرائيليون منهمكين في قصف الإيرانيين وحلفائهم. وعلى مدار أسبوع، أصابت قوات الدفاع الإسرائيلية قاعدة للحرس الثوري الإسلامي في سورية، ودمرت مستودع أسلحة لقوات الحشد الشعبي المتحالفة مع إيران في العراق، وشنت غارات بطائرات من دون طيار على حزب الله في لبنان. ومن غير المحتمل أن يكون للولايات المتحدة دور في النشاط العسكري لإسرائيل، لكن هذه الضربات تعمل فعلياً لصالح كلا البلدين.
* * *
أتفقد مجموعة من قمصاني قصيرة الأكمام، ومن بين أفضلها تلك التي التقطتها خلال تجوالي في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. لديّ قميص عبد الفتاح السيسي الإلزامي، وقميص محمد مرسي الذي كان إلزامياً ذات مرة، ولدي واحد عليه صور مؤسسي الإمارات العربية المتحدة السبعة. وكنتُ قد التقطت قميص “أنا أحب مكة” خلال زيارتي الأخيرة للمملكة العربية السعودية. لكن المفضل لدي كل الوقت هو قميص عليه رسم عصوي لشخص إسرائيلي وآخر فلسطيني وهما يتبولان على شيء يسمى “عملية السلام”.
ثم هناك قميص يحمل صورة أنظمة الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة بسخاء إلى إسرائيل على خلفية كتابة واضحة تقول: “لا تقلقي يا أميركا… إسرائيل تقف خلفك”. وقد ضايقني هذا التصميم بمجرد أن رأيته لأول مرة في القدس القديمة خلال فترة إدارة كلينتون، لكنني إذا صادفته اليوم، فإنني ربما أنفق بعض الشيكلات من أجله. إنه يبدو وكأنه يلتقظ اللحظة الحالية أفضل من أي شيء آخر في مجموعتي من القمصان.
على خلفية سلبية إدارة ترامب في الرد على العدوان الإيراني في الخليج الفارسي، والارتباك العام حول السياسة الأميركية-الإيرانية، يبدو أن الإسرائيليين هم الوحيدون الذين يمارسون “أقصى قدر من الضغط” على إيران -ويبدو أن ذلك يعمل. وعندما يجتمع المسؤولون الأميركيون في المرة التالية مع نظرائهم الإيرانيين، فمن المحتمل أن يكون ذلك لأن الجيش الإسرائيلي هو الذي جعله ممكناً.
في تلك الأيام البطيئة الكسولة من شهر آب (أغسطس)، عندما كانت أضواء الإعلام مسلطة على هونغ كونغ، والحرب التجارية التي تخوضها الإدارة الأميركية مع الصين، وحوادث إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة، واجتماع قادة مجموعة السبع، وحرائق الأمازون، كان الإسرائيليون منهمكين في قصف الإيرانيين وحلفاءهم. وعلى مدار أسبوع، أصابت قوات الدفاع الإسرائيلية قاعدة للحرس الثوري الإسلامي في سورية، ودمرت مستودع أسلحة لقوات الحشد الشعبي المتحالفة مع إيران في العراق، وشنت غارات بطائرات من دون طيار على حزب الله في لبنان. ومن غير المحتمل أن يكون للولايات المتحدة دور في النشاط العسكري لإسرائيل، لكن هذه الضربات تعمل فعلياً لصالح كلا البلدين. وقد تكهن بعض المحللين بأنه بالنظر إلى إقامة انتخابات الإعادة الإسرائيلية في 17 أيلول (سبتمبر) والموقف السياسي المتزعزع لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن هذه العمليات كانت محاولة لتعزيز فرصه في البقاء في منصب رئيس الوزراء. ربما كان الأمر كذلك، على الرغم من أن الأدلة المباشرة عليه قليلة.
التفسير الأكثر ترجيحاً، هو أن الإسرائيليين رصدوا زيادة في الجهود الإيرانية لتزويد حلفاء طهران بالأسلحة المتطورة التي يمكن أن تلحق الضرر بإسرائيل، وقاموا بالتالي بتعقب هذه العتاد ومهاجمته. وهذه سياسة ثابتة لجيش الدفاع الإسرائيلي، لكن إحساس الإسرائيليين بالتهديد يزداد بسبب ما يرون أنه ميل إدارة ترامب إلى التحدث بصوت عالٍ، بينما ترفع عصا صغيرة فقط في وجه إيران. ومن الواضح أن نتنياهو يخشى أن ينقض ترامب على فرصة لالتقاطال صور مع الزعماء الإيرانيين في فندق أوروبي فاخر، وأن لا يكلف نفسه عناء التفاوض بشأن صفقة نووية جديدة أكثر صرامة، والتي سعت إليها إسرائيل ومؤيدوها بلا كلل. إنه سيناريو كوريا الشمالية -الكثير من الحب، وإنما لا عمل على الإطلاق. لذلك صعّد الإسرائيليون عملياتهم العسكرية بكثافة وجرأة في محاولة لتأمين قوة الردع لديهم.
كان التعليق على تصرفات إسرائيل سلبياً في معظمه. وليس هذا مستغرباً. فالإسرائيليون يواجهون مخاطر جدية من احتمال أن تؤدي عملياتهم إلى نشوب حرب أخرى في لبنان. وهم يزيدون بالتأكيد من احتمال وقوع أعمال عنف في قطاع غزة، ويُحتمل أن يعرضوا الأميركيين والموقف الأميركي في العراق للخطر. أما وقد قيل ذلك، فإن هناك جانباً إيجابياً للعمليات الإسرائيلية، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يدافعون عن إجراء مفاوضات بين واشنطن وطهران.
مع كل الاحترام للفكرة التي يتم تكرارها في كثير من الأحيان، والقائلة بوجوب عدم الخلط بين التعالقات والأسباب، يبدو أن الضربات الإسرائيلية في لبنان وسورية والعراق قد تركت انطباعاً على قادة إيران. وفي فورة الغضب من اشتعال النار في مستودعات أسلحته وذهابها في الدخان، وصف “تحالف الفتح” العراقي، الذي يمثل الميليشيات المرتبطة بإيران في البرلمان العراقي، وصف الضربات الإسرائيلية بأنها “إعلان حرب” -ضد العراق، إن لم يكن إيران.
ومن جهته، وجه حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، تحذيراً إلى الإسرائيليين من أن حكومتهم تجلب عليهم العنف، ولتوضيح فكرته أطلق حزب الله النار على موقع للجيش الإسرائيلي خلال عطلة عيد العمال. ولكن، بينما كان حلفاؤهم يشجبون وينخرطون في أعمال عنف محدودة ضد إسرائيل، يبدو أن الناس في طهران كانوا عاكفين على إعادة النظر في استراتيجيتهم. ففي وقت سابق من الصيف -قبل أن يكثف الإسرائيليون عملياتهم العسكرية- كان الإيرانيون منهمكين في شن عمليات تخريبية ضد الشحن البحري في الخليج الفارسي، وإسقاط طائرة أميركية من دون طيار، والاستيلاء على عدد من الناقلات التي تعبر مضيق هرمز. والآن، يُعتقد أنهم يتجهون نحو إجراء محادثات مع الولايات المتحدة.
بطبيعة الحال، ثمة العديد من الأسباب التي تجعل الإيرانيين ربما يظهرون بعض المرونة الجديدة -والمعاناة المستمرة للاقتصاد الإيراني تحت العقوبات من أهمها. وهذا يشكل ضغطاً بكل تأكيد، وربما يخشى الإيرانيون من تداعيات هذه المعاناة على الاستقرار الداخلي، ولذلك يبحثون عن بعض التخفيف في طريق المفاوضات. وهو بالتأكيد تفسير معقول؛ فقد جلبت العقوبات المشددة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات من قبل، وهو ما أدى إلى وضع خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني). ومع ذلك، يبدو أنه كان ذلك المزيج من العقوبات والبراعة العسكرية الإسرائيلية هو الذي دفع الإيرانيين إلى إجراء المحادثات.
قبل أن يضع أحد أي خطط لجنيف أو فيينا، يمكن أن يحدث الكثير. يمكن أن يغيّر الإيرانيون رأيهم. فبعد كل شيء، يصعب على آية الله علي خامنئي قبول المفاوضات حتى في ظل أفضل الظروف، بالنظر إلى أن شرعية النظام الثورية تعتمد جزئياً على العداء للولايات المتحدة. وهناك فرصة مُساوية لأن يغير ترامب رأيه أيضاً، بالنظر إلى ميله المستمر إلى تغيير رأيه. ولكن، بغض النظر عن كل ذلك، يبدو من الواضح أن مسار العلاقات الأميركية-الإيرانية هو تجديد المفاوضات. ولهذا السبب، فإن كل من يدعمون الانخراط سيشكرون إسرائيل. وربما يفكرون في شراء قميص للتعبير عن امتنانهم.
 
*زميل إيني إنريكو ماتي الرفيع لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية. أحدث مؤلفاته كتاب بعنوان “الفجر الكاذب: الاحتجاج والديمقراطية والعنف في الشرق الأوسط الجديد”.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Israel Is Doing All the Dirty Work Against Iran