الراي - حين نجلس في المنزل وحدنا في اخر الليل , وينام الجميع ..يبدأ رأسك يقلب في الأشياء , تتذكر مثلا أن فاتورة الكهرباء لم تدفع بعد , تتذكر أن المدرسة أرسلت لديك مطالبة مالية بما تبقى من قسط الأولاد ,وتتذكر أن ياسر ابنك يريد الذهاب إلى العقبة ومصر على ذلك ...وأنت وعدته , وتتذكر أقساط المنزل , والأصدقاء ...وكم هي الجيوب متعبة وخاوية, لكنك تحمد الله في النهاية وتمضي في النوم ..عل غد يحمل لك أخبارا أجمل .

 

البارحة كنت أتشارك هذه الهموم , مع صديقي في المقهى ...وتحدثنا عن الملك وهل ينام مثلنا ورأسه مليء بالأفكار ؟ نحن الان أمام قمة عربية تشكل منعطفا تاريخيا ...والقصة ليست قسط مدرسة بل هي أقساط الدم السوري التي تدفع يوميا ..وهل سينجح بإيجاد ولو مخرج ولو بصيص أمل للحل .

 

هل سينجح جلب مساعدات , تحرك اقتصادا راكدا ..وهل سينتج مشهدا جديدا في القضية الفلسطينية , نحن المدارس تسامحنا إذا تأخرنا في الأقساط ولكن التاريخ لا يسامح إذا استمر نزف الدم , ونحن سنتدبر في النهاية فاتورة الكهرباء ..ولكن التاريخ لايسامح في فاتورة الأمة وتشرذمها ..وغياب القرار فيها .

 

القمة العربية لا مجال فيها للفشل , والملك أمام ضغط شديد .. فقد نجح في تسوية ملف العلاقة المصرية الفلسطينية , ونجح في جلب حضور دولي للقمة ونجح أيضا , في جعلها أكثر القمم العربية حضورا وعلى مستوى الرؤساء ..وهو يتابع التفاصيل حتى أماكن إقامة الزعماء , والتشريفات الملكية وكل الترتيبات في العالم العربي من هم في السلطة يمتلكون الراحة والر فاه ومن هم في الشارع يمتلكون الفقر والتعب , لدينا القصة مختلفة ..فالشيب الذي اعتلى رأس الملك يدل على التعب , ونحن أيضا زاد الشيب في رؤسنا ..نحن الدولة الوحيدة في العالم , والتي تقاتل على الجبهة الداخلية ..فالفقر عدو والحاجة عدو شرس وتعب ناس عدو , وتقاتل أيضا في الخارج ..فهناك (الدواعش) وهناك تنظيمات تترصد بك في كل مكان , ونقاتل ضمن قوات التحالف في اليمن , وشبابنا أيضا يطيرون ضمن قوات التحالف الدولي في سوريا ..والملك يقاتل لأجل لملمة الحالة العربية ,ولإيجاد صيغة يكون فيها المشهد العربي حاضرا في سوريا أكثر من المشهد الإيراني ...ونقاتل أيضا من أجل الأمن ومن أجل بقائنا ..دولة مستقرة في محيط تهشم فيه مفهوم الدولة ..ونقاتل إسرائيل حين تقترب من القدس , وتحاول تهويد المدينة ...

 

الأردني على كل الجبهات يقاتل , حين يستشهد أولاده في عملية إرهابية وحين يشتري رغيف الخبز , وحين يدفع فاتورة الكهرباء ...وحين يتعرض لحادث على طريق مهتريء , حين يقاوم الغلو والتطرف ...

 

حين تراقب المشهد , تقول كان الله في عون الملك ..وكان الله في عون الناس فنحن بالرغم من كوننا وطنا صغيرا ...إلا أن المطلوب منا أن نكون العملاق .

 

منذ أن تسلم الملك الحكم وهو في معركة قاسية , غير أنه لايشكو الصداع مثلنا ولا التعب ولا القلق ...نحن نستطيع أن نفرد الشكوى ونصرخ على الأقل ..

 

يا ترى متى سيمر يوم على بلادي وتهدأ المعارك ..وننام دون أن نفكر بتعب المشهد العربي وتعب الحياة .