Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Mar-2020

عرب الداخل يحسمون مستقبل نتنياهو*رشاد ابو داود

 الدستور

كلاهما جاء الى حكم اسرائيل بخلفية عسكرية ، اسحق رابين وبيني غاتس المكلف بتشكيل الحكومة حالياً . لكن الأول وصل الى الكرسي منهكاً من حروب اسرائيل ومن الانتفاضة الفلسطينية الأولى . أما الثاني «غانتس» فانه يأتي من وضع إسرائيلي مريح لكنه خطير على مستقبل اسرائيل أوصلها اليه بنيامين نتنياهو بتهوره وغروره واعتماده على يمين اليمين الاسرائيلي من مستوطنين وتوراتيين ومدعماً بتأييد أميركي غير مسبوق .. في المحطات الحاسمة ثمة من يتحكم في قطار المشروع الصهيوني . فقد تم إيقاف تهور نتنياهو وجيء بغانتس. 
 
وبالعكس تم وقف إقدام رابين على السلام مع العرب فتم اغتياله وسط تل أبيب على يد الإرهابي المتطرف ايغال عامير في الرابع من نوفمبر تشرين ثاني 1995 أثناء مهرجان تأييد للعملية السلمية. الاغتيال جاء بعد ان بدأ رابين، كرئيس حكومة، في مسار المفاوضات واتفاقيات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية .
 
 لم يكن رابين حمامة سلام، بل احد كبار جنرالات الحرب في اسرائيل؛ فقد كان رئيس أركان الحرب في عدوان الخامس من حزيران العام 1967، كما كان وزير الحرب منذ العام 1984 وحتى العام 1990، وهو الذي أصدر الأوامر الشهيرة الداعية الى تكسير عظام الفلسطينيين في الانتفاضة الفلسطينية الأولى. إلا انه عندما وصل إلى رئاسة الحكومة في العام 1992 توصل إلى استنتاج بضرورة مصارحة الإسرائيليين بحقيقة أن استمرار الاحتلال لا يمكن أن يكون أمام شعب يرفض الاحتلال وينتفض ضده. غانتس المولود العام 1957 لأم من أصل مجري وأب من أصل روماني التحق بالجيش في عام 1977، حيث انضم للواء المظليين وتدرج في هذا السلاح حتى صار قائدا له في عام 1995.
 
 وفي عام 2011، صار قائدا لأركان الجيش . ومن أبرز المهام العسكرية التي تولى قيادتها أثناء وجوده في ذلك المنصب عملية «الجرف الصامد» ضد قطاع غزة. أدرك غانتس ، زعيم حزب «كاحول لافان-أزرق أبيض» ، الخطر الذي يحيق بإسرائيل نتيجة سياسات نتنياهو وعتاة المتطرفين .
 
 وتعليقا على نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة: قال غانتتس «غالبية أعضاء الكنيست سيوصون بي لتشكيل الحكومة المقبلة.. سأشكل الحكومة ولن نسمح بانتخابات رابعة.. سأقيم حكومة مستقرة تنتشل إسرائيل من الكراهية والانشقاق وتمنحنا القدرة على المضي قدما». واعلن ان زمن حكم خصمه نتنياهو، قد ولى . وفعلاً هذا ما جرى . فقد حصل على دعم واحد وستين نائباً في الكنيست –البرلمان من أصل مئة وعشرين نائباً وهي الحد الأدنى المطلوب لتشكيل الحكومة . 
 
بيضة القبان التي رجحت كفة غانتس هي تأييد القائمة العربية المشتركة التي حصلت على 15 مقعداً في الكنيست ووعدها غانتس بثلاث حقائب وزارية لأول مرة في تاريخ الكيان الإسرائيلي . لكن لماذا دعمت القائمة غانتس وهي تعلم تاريخه العسكري وقيادته الجيش في الحرب على غزة؟ ثمة مثل فلسطيني يقول « شو اللي رماك عالمر؟ قال: اللي أمر منه ». 
 
يقول محلل من فلسطينيي الداخل : لقد وظف نتنياهو حتى خطر الكورونا لمصلحته السياسية وعنصريته ضد العرب.  وهو الذي واظب منذ العام 2015 على تكريس التحريض كعنصر «شرعي» في الخطاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الداخل ونوابهم في الكنيست. ولم يترك مجالاً لأي تأويل، أو حتى وهم ولا نقول أملا، لاعتراف المؤسسة السياسية في إسرائيل بشرعية مهما كانت لفلسطينيي الداخل، حتى في مقاومة وباء يصر نتنياهو نفسه على أنه أول من شخّص كونه وباء عالمياً. فقد سارع إلى «وضع الحد في مارسه» كما يقول المثل الفلسطيني الشعبي، معلناً أن حكومته الطارئة، التي يريدها، يجب أن تبقى خالية «من مؤيدي الإرهاب»على حد وصفه ، في إشارة واضحة لـنواب القائمة العربية المشتركة في الكنيست.
 
عرب الداخل لم يعودوا رقماً سهلاً في المعادلة الاسرائيلية . فقد تطرق غانتس إلى التصريحات والإجراءات التي رافقت مشاورات التوصية عليه لتشكيل الحكومة، بالقول «رافق ذلك تصريحات عنصرية صعبة، وتهديدات ما ينذر بإمكانية انهيار أسس الديمقراطية الإسرائيلية». وهذا ما عبرت عنه زهافا غلئون في صحيفة «هآرتس» بقولها :»جميعنا سندفع ثمن هذا الصمت، وبسبب اختيارنا التصفيق لمقامرة مجنونة على مستقبل إسرائيل، ولكن بالأساس على تنكرهم الجبان لمواطني إسرائيل العرب.
 
لا يمكن معرفة ما الذي يخبئه لنا المستقبل، لكن من الواضح أن الصراع هو حول هوية الدولة. وهو صراع من المحظور تركه لسياسيين يخشون من الوقوف وراء ما يؤمنون به. وهذا النضال يحتاج إلى مجتمع مدني قوي يحارب من اجل القيم التي يؤمن بها. نتنياهو يقترح علينا عالما بدون كوابح ودون أخلاق. ولا يوجد أي سبب للذهاب في هذه الطريق ونحن نطأطئ الرأس». فهل ينجح غانتس بتشكيل الحكومة أم يلتف عليه نتنياهو و يواصل مساره المتطرف نحو إنهاء وجود إسرائيل ؟ أم يكون مصير غانتس مصير رابين؟