Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Jun-2020

ماذا بعد وصول «الاستقطاب» ذروته.. في لبنان؟*محمد خروب

 الراي

لا تبدو النُخبْ السياسية والحزبية التي ما تزال تتسيّد المشهد اللبنانيّ منذ أزيد من أربعة عقود على انتهاء الحرب الأهلية, فضلاً عن تلك الطبقة السياسة التي انتعشَت مع وصول رجل الأعمال «الشيخ» رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة بعد اتفاق الطائف وبدئه تطبيق خطة اقتصادية واستثمارية, تروم الإستئثار بالكعكة اللبنانية واستبعاد كلّ المنافسين, أيّاً كانت مرجعياتهم السياسيّة، الحزبيّة والمذهبيّة، ناهيك عن عمله الدؤوب الذي لا يخلو من عنف واغتيال للشخصية ونشر الشائعات التي تستهدف ضمن أمور أخرى، شطب البيوت والشخصيات السياسية «السُّنيّة» تحديدًا, على نحو يُكرّسه ممثلاً وحيداً (بقوة الثروة والرشى المالية) وعبرالإستحواذ على غالبية وسائل الإعلام، واستلحاق قوى يسارية «تَعِبَتْ» واستقالت بل اعتذر معظمها عن تاريخه السابق, مُلتحقًا بـ«الحريرية السياسية» التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه الآن, من مديونية وانهيار في البنى التحتية والخدمات وارتفاع غير مسبوق في نِسب البطالة والفقر والجريمة, على نحو يُهدّد بثورة «جياع» أكثر مما يبشّر بمواجهات وحرب أهلية مُتدحرجة، وبخاصة في إحياء للصراع الذي اتّخذ بعداً طائفياً ومذهبياً في النهاية, بعد أن كانت شرارة الحرب الأهليّة قد اندلعت بمبادرة وتخطيط من قِبل القوى الإنعزالية التي قادها حزب الكتائب الفاشي وذراعه العسكرية المُسمّاة «القوات اللبنانية» التي كان على رأسها بشير الجميل، وساعده القاتِل وسافِك الدماء سمير جعجع ورهط مَعروف للبنانيين, من قادة الميليشيات وزعماء الزواريب والمَحاور والحارات, الذين وضعوا خطة للتخلّص من القوى التي تُعارض نهجهم الإنعزالي، سواء كانوا مسيحيين أم مسلمين، فلسطينيين وسوريين، ودائماً في الاستعانة وتلقّي الأوامر من قادة العدو الصهيوني.
 
نقول: لا تبدو تلك النخب السياسيّة والحزبيّة في صدد الاستفادة من دروس الماضي أو التفكير في تداعيات وأكلاف المقاطعة التي أعلنوها لدعوة رئيس الجمهورية الجنرال عون لـ«حوار وطني شامل وجامع، يضع حداً لمحاولات جرّ لبنان إلى فتنة طائفية ومذهبية» كتلك التي أطلّت برأسها في السادس من الشهر الجاري, وكادت تشعل لبنان من جديد بعد انخراط قوى – تمّ كشفها لاحقاً- أرادت أخذ لبنان المُهيّأ ودائم الاستعداد للاحتراق عند أي منعطف, يريد المتطفّلون أو ثوّار السفارات والمستفيدون من الأعطيات التي يريد السياسيون الجدّد من خلالها الولوج إلى العمل السياسي. كما حاول نجل رفيق الحريري «بهاء الدين» المدعوم إقليمياً والقادم إلى العمل السياسي على رأس برنامج لا هدف له سوى تسليم سلاح حزب الله وإسقاط «دُويلته", ولم يُعر اهتماماً يُذكَر لهموم اللبنانيين وجوعَهم وفقدانَهم ودائعهم المصرفية ووظائفهم, ناهيك عن تراجع مستوى معيشتهم وتردّي أوضاعهم الاقتصادية وانهيار الخدمات الصحية والاجتماعية المتواضِعة المُقدمة إليهم, فضلاً عن الإنقطاع المتواصل في تزويدهم بالكهرباء وماء الشفة.
 
معظم رموز الطبقة السياسية المُتحكِّمة بلبنان, تسعى رغم تصدّع علاقاتها ببعضها البعض إلى إحراج الرئيس اللبناني, وإفشال خططه الرامية محاربة الفساد ووقف انهيار الليرة والعمل على وأد الفتنة المذهبية والطائفية, التي كادت تأخذ لبنان إلى الفوضى والمجهول والتي تتزامن – وليس صدفة بالطبع- مع محاولات الحلف الصهيوأميركي المدعوم إعلامياً ومالياً من دول عربية معروفة, إدخال تغييرات على مهمة قوات اليونفيل الدولية لتشمل الحدود السورية, وأيضاً مع بدء واشنطن تطبيق «قانون قيصر» على نحو تدرك فيه إدارة ترامب أن الاقتصاديْن اللبناني والسوري مُترابطان بشكل يصعب فصلهما, الأمر الذي سيُلحق أضراِراً بلبنان, تماماً كما على سوريا المُراد تجويع شعبها واستكمال مُخطّط تقسيمها ونشر الفوضى فيها..
 
مُقاطِعو الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية.. رؤساء سابقون للجمهورية ورئاسة الحكومة كما قادة أحزاب وأطياف سياسية مختلفة, بدأوا يتزايدون وكان آخر سليمان فرنجية زعيم تيار المردة، وقبله رؤساء الحكومات «السُّنّة» السابقون ورئيسا جمهورية أسبقين كأمين الجميل وميشال سليمان، يروم بعضهم من تلك المقاطعة سحب الغطاء «السُنّي» عن الحوار, رغم وجود رئيس الحكومة «السُّنّي» حسّان دياب ونواب اللقاء التشاوري «السُّنّة», وقد يتّضح المشهد اليوم (كموعد للحوار العتيد) خصوصاً أنّ القوى المُناوئة للعهد ولحكومة دياب, تريد الضغط باتجاه إجراء انتخابات برلمانية مُبكرة ولن تتوقّف عن مطالبتها باستقالة الجنرال عون والتحريض على «التفاهم» الذي لم يتصدّع بين التيار الوطني الحر وحزب الله منذ نيسان العام 2006 المسمّى اتفاق أو تفاهم «مار مخايِلْ».
 
احتمال تأجيل حوار اليوم غير وارد ربما, وقد يُعقَد بـِـ«مَن حضَر», لكن المؤكّد ان القوى المشاركة فيه لن تمنح فرصة لناشري الفوضى والمُحرّضين على الفتنة, أن يجرّوا «الشعوب» اللبنانية الى حرب أهلية أوفتنة مذهبية, تُطيح ما تبقّى من مظاهر الدولة في بلاد الأرز.