Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jul-2017

المومني: المساران السياسي والقانوني يحكمان التعامل مع ‘‘الإخوان‘‘

 

محمود الطراونة
 
عمان -الغد-  فيما لم ينف وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة د.محمد المومني وجود نقاشات دارت مع العديد من الدول وعلى مختلف المستويات حول التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين "كجهة إرهابية"، إلا أنه أكد أن للأردن خصوصيته في التعامل مع ملف الإخوان، انطلاقا من تشريعات وقوانين ومسار سياسي تتمتع به، "يختلف عن بعض الدول الشقيقة والصديقة"، وتحكم التعامل مع جميع القوى السياسية الموجودة في المملكة.
وفي حوار أجرته معه أسرة "الغد"، قال المومني، إن الملف الاقتصادي هو التحدي الأكبر بالنسبة للحكومة، خصوصا مع المشاكل الإقليمية الكبيرة التي فاقمت من عجز الموازنة، مشيرا إلى أن الحل الاستراتيجي للمشاكل الاقتصادية يتمثل في زيادة معدلات النمو.  بيد أنه لم يغفل عن الإشارة إلى أكثر المشاكل حساسية وأهمية والمتمثلة في البطالة، التي أشارت الأرقام الصادرة أخيرا الى ارتفاع نسبتها، متسائلا: "لماذا يعزف الأردنيون عن القيام بأعمال يستفيد منها الوافد ويحقق من خلالها مردودا ماليا وفيرا".
وقال المومني "هناك من يسهم في إيجاد المناخ السلبي وشحن الأجواء، سواءً كأفراد أو كقوى سياسيّة، ويتم ذلك بحسن نية وأحياناً بسوء نية، إذ أن هناك قوى سياسية تحاول أحياناً بث الاجواء السلبية بحثاً عن انتصارات سياسية أو لكسب مواقف شعبية".
وفيما يتعلق بملف الحريات العامة، بين المومني أن هناك تصنيفات متباينة لموقع الأردن من حيث الحريات الإعلامية والعامة، "نحترمها ونتعامل معها ونختلف مع بعضها خصوصا تلك التي تعتمد على الانطباعية والانتقائية".
وردا على سؤال، قال المومني ان الحكومة "ما تزال تدرس" وضع تشريع خاص بمواقع التواصل الاجتماعي، لكنه شدد على انه في حال تم وضع مثل هذا التشريع فإنه "لن يكون على حساب الحريات ولن يسهم بتقييدها". 
وفي ملفات السياسة الخارجية، جدد المومني التأكيد على الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية، مشيرا الى أن المملكة تأمل خلال المرحلة المقبلة أن يكون هناك انخراط أميركي فاعل في جهود عملية السلام، وأن يكون هناك جهد يفضي إلى جلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار. وشدد على أن أي تقارب إسرائيلي مع أي بلد عربي "لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون بديلاً لحل عادل لجوهر الصراع، ألا وهو القضية الفلسطينية (..) وهو الأساس بمنح إسرائيل علاقات طبيعية مع محيطها".
وفي ملف الإرهاب، بين المومني: "وصلنا إلى مرحلة تم فيها تحقيق نجاحات متقدمة في الحرب على الارهاب ونتساءل جميعاً: ماذا بعد هزيمة التنظيمات الارهابية؟ وما هي المعادلة والعملية السياسية التي ستكون في مرحلة ما بعد هزيمتها؟ وهل هناك عملية سياسية ستشارك فيها جميع القوى والأحزاب والمنظمات في سورية؟ هذه الاسئلة مهمة ويجب التعامل معها استراتيجيّاً وفي هذه المرحلة هناك نقاشات مختلفة بدوائر مختلفة حول الامر، ولكن من المهم الاجابة عن هذه الاسئلة لنكون على بيّنة ومعرفة بما سيحدث بعد هزيمة الارهاب".
وقال "لا نقبل بوجود مليشيات طائفيّة على مقربة من حدودنا، وتحقيق الاستقرار في سورية يملي بالضرورة التعامل بعقلانية مع جميع قوى المجتمع السوري على الأرض السورية". 
 وفيما يلي نص الحوار:
*ما هي رؤية الأردن وتعامله مع الملفات السياسية المتشابكة فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني؟
- الملف الفلسطيني يحظى بأهمية كبرى وخصوصية بالنسبة للأردن، ليس فقط للقرب الجغرافي وإنما لتشابك المصالح فالأردن لديه مصالح عليا تتعلق بملفات اللاجئين والمياه والحدود، والحلّ العادل والشامل للقضيّة الفلسطينيّة - كما نتحدث دائماً - يشكّل مصلحة استراتيجية عُليا للدولة الأردنية.
الحدود بيننا وبين الضفة الغربيّة غير مرسمة لأننا لا نعترف بها قبل أن تقوم الدولة الفلسطينية كاملة السيادة والمتصلة جغرافيّاً على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 والقابلة للحياة، ونعتقد أن هذه الخطوة مهمة وطنياً وقوميّاً، لإعطاء الشعب الفلسطيني الشقيق كامل حقوقه وكبريائه الوطني.
عمليا ولتحقيق ذلك، هناك جهد نوعي ومميز للأردن مع الإدارة الأميركية يعكسه حجم الحضور الأردني المؤثر دولياً وعمق تأثير الموقف والرواية الأردنية بمصادر صناعة القرار الدولية، فنحن نتحدث بطريقة عقلانية وعميقة وبراغماتية حول القضيّة الفلسطينيّة، وتمكّنا من إيجاد قناعة حول مجموعة من القضايا كان أوضحها وقف قرار نقل السفارة الأمريكيّة إلى القدس.
وخلال المرحلة المقبلة نأمل أن يكون هناك انخراط أميركي فاعل في جهود عملية السلام وأن يكون هناك جهد يفضي إلى جلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار.
يجب على الجميع الالتفات للجهود الأردنية ودعمها لانها تلبي مصالح وطموحات الجميع، فعندما عقدت القمة العربية كنا حريصين على أن لا يكون هناك تصعيد لغوي ضد جهود السلام أو استخدام لغة شعبوية قد تستخدم ضد مصالح الأمة العربية دوليا، وحرصنا أن تصل الرسالة واضحة لكل العالم أننا نريد عملية سلمية ونريد مفاوضات ونريد دولة فلسطينية، ونحن أمة تنشد السلام ويدنا ممدودة له ومتمسكون بالمبادرة العربية السلام، ولكن في المقابل لا يوجد شريك حقيقي للسلام مقابل لنا.
 
* هناك تسريبات وأنباء صحفية حول حل سياسي على حساب الأردن وفلسطين وتقارب عربي إسرائيلي، هل لك أن تشرح موقف الأردن إزاء هذه التحديات؟
- من يتابع الإعلام الدولي يرى حجم التركيز على التقارب الإسرائيلي مع بعض الدول العربية، والحديث عن أن ذلك قد يكون على حساب الأردن أو القضية الفلسطينية، وبعض الساسة الإسرائيليين يتحدثون علنا عن تعاون غير مسبوق وأنهم في وضع أمني مثالي بسبب هذا التعاون. لكن وحسب قناعاتنا فإن أي تقارب إسرائيلي مع أي بلد عربي لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون بديلاً لحل عادل لجوهر الصراع، ألا وهو القضية الفلسطينية، فالحل واضح ولا اختلاف عليه وهو تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وهو الأساس بمنح إسرائيل علاقات طبيعية مع محيطها، ومن يعتقد بغير ذلك من الساسة الإسرائيليين أو دائرة صناعة القرار الدولي فهو واهم.
خلافنا الاستراتيجي مع إسرائيل يتمثل بأن الإسرائيليين يعتقدون ان الوضع الراهن مثالي ومستدام، ونحن نعتقد العكس ولدينا قناعة أنّ انسداد الأفق بالعملية السلمية يرتّب كلفة عالية تتجلى بإيجاد بيئة للتحريض وخلق المشاعر السلبية، وبما يولّد الكثير من الأحداث والسلبيات ومنها العنف والتطرف.
 
* أشيع أخيرا أن هناك فتورا بالعلاقة الأردنية الفلسطينية، ما مدى صحة هذه المعلومات؟
- لا يوجد أي فتور في العلاقة بين الأردن والسلطة الفلسطينية وعلاقاتنا مثالية، ليس على صعيد التشاور والتنسيق المستمر فحسب، وإنما على صعيد الفهم المشترك لجميع الأمور والتفاصيل، والتنسيق مستمر من خلال تبادل المعلومات والنصيحة والاسناد.
الأردن يتعامل مع حكومة فلسطينية ومؤسسات فلسطينية ورئيس فلسطيني منتخب، وأجهزة ومؤسسات تدير شؤون الشعب الفلسطيني، وبالتالي نحن نتعامل مع الشرعية الفلسطينية ونسندها، ونعتقد ان أيّ جهات او قوى تحاول الخروج عن هذه الشرعية فإنها غير منصفة للشعب الفلسطيني وتضر بالوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة.
 
* كيف تشرح المعادلة الأمنية الأردنية في الملف السوري؟
- الأردن وعلى مدى ست سنوات من الصراع في سورية استطاع ان يرسخ معادلة امنية شهد بكفاءتها القاصي والداني، استطعنا من خلالها حماية حدودنا والتعامل بطريقة رادعة مع كل من يقترب منها؛ وأعتقد ان ذلك يتم بمنتهى الحرفية والقوة والصرامة.
ولا شك أن الجميع يدركون حجم الأعباء التي رتبت على الأردن والتي من أهمها أزمة اللجوء وما لها من كلفة مباشرة وغير مباشرة، وهناك من يتساءل: لماذا سمح الاردن بدخول اللاجئين ببداية الأزمة؟ والجواب أنّه ليس بمقدورنا إغلاق الحدود بمسافة 378 كم أمام مئات الآلاف من الأشقاء النازحين الذين فروا من ويلات الحرب والعنف، فالأمر غير مقبول لا أخلاقيّاً ولا إنسانيّاً ولا قوميّاً.
منذ بدء الأزمة عملنا على إنشاء مخيم الزعتري وتزويده بالخدمات الإنسانية اللازمة كالصرف الصحي والمياه، وإقامة مدارس ومراكز صحية وغيرها من الخدمات. وقد رتب ذلك علينا اعباء، وسعينا بالتزامن إلى إيجاد أدوات تساعدنا في ترسيخ الامن على الحدود والتي نحميها من طرف واحد، فأصبح العبء مضاعفا.
 
* وفيما يخص معادلة التنظيمات الإرهابية التي تمر حاليا بمرحلة اندحار؟
- وصلنا لمعادلة مهمة ومعقدة من مراحل الأزمة السوريّة، فالتنظيمات الارهابية بمرحلة اندحار وهذا نجاح للجميع ساهم فيه الأردن من خلال التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في العراق وسورية ومن خلال جهوده الأمنية الكبيرة، لكن الأمر لم ينته بعد، فهناك حرب مستمرة على المستوى الفكري الأيديولوجي، والخطة الاستراتيجية لمكافحة الارهاب أكدت بمحاورها على الجوانب العسكرية والامنية والايديولوجية، فعسكريّاً نجحنا بدحر الإرهاب، وأمنيّاً تفوقنا من خلال تتبع الإرهابيين ومحاربتهم، وأيديولوجيّاً لابدّ من التأكد انه سيتم التعامل مع جذور الإرهاب الفكريّة بشكل عقلاني وفكري ومدروس وبعيد المدى.
بعد تحقيق نجاحات متقدمة بالحرب على الارهاب نتساءل جميعاً: ماذا بعد هزيمة التنظيمات الارهابية؟ وما هي المعادلة والعملية السياسية التي ستكون بمرحلة ما بعد هزيمتها؟ وهل هناك عملية سياسية ستشارك فيها جميع القوى والاحزاب والمنظمات في سورية؟ هذه الاسئلة مهمة ويجب التعامل معها استراتيجيّاً، وثمة نقاشات مختلفة بدوائر مختلفة حول الأمر، ولكن من المهم الإجابة عن هذه الاسئلة لنكون على بيّنة ومعرفة بما سيحدث بعد هزيمة الإرهاب.
استقرار سورية يعتبر مصلحة استراتيجية، اردنيا يهمنا أيضاً أن يعود اللاجئون لوطنهم، وأن نضمن أمن الحدود، ولاحقاً فتح المعابر كمصلحة مشتركة للدولتين؛ وفي سبيل ذلك توصلنا لاتفاق مشترك مع الولايات المتحدة وروسيا يقضي بدعم وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية منذ بداية الأسبوع الحالي. 
بخصوص فتح معبر نصيب فهو مصلحة للطرفين، لكن الحديث عن هذا الأمر سابق لأوانه إلى حين اتضاح الرؤية حول الجهة التي تسيطر على هذا المعبر من الجانب السوري، وضمان أمن المعبر وسلامة مستخدميه. وهنا أؤكد أنّ تعامل الأردن لن يكون إلا مع السوريين وحدهم، فلا المجتمع الدولي ولا دول الاقليم ولا الاردن سيرضى بوجود المليشيات المذهبية التي تقاتل مع قوات الحكومة السورية التي قد تتواجد بالقرب من الحدود والمعبر، وهذا يرتبط بفهم معادلة ما بعد دحر التنظيمات الإرهابية.
 
*هل هناك تواصل مع النظام السوري؟
- ببداية الأزمة كانت خطوط التواصل أقوى، لكن حالياً هناك عدة مستويات من التواصل مع النظام السوري، فهناك تواصل غير مباشر من خلال القوى الفاعلة كروسيا، وهناك تواصل عن طريق القنوات الدبلوماسية، كإيصال الرسائل من خلال سفارتهم بعمّان وضبّاط الارتباط العسكري، حيث أنّ القنوات الدبلوماسيّة لم تنقطع طوال فترة الأزمة فسفارتنا بدمشق وسفارتهم بعمّان تعملان بشكل طبيعي وفق الأصول الدبلوماسية.
 
* ملف المليشيات على الحدود، كيف يفسر الأردن هذا التحدي؟
- لا نقبل بوجود ميليشيات طائفيّة على مقربة من حدودنا، وتحقيق الاستقرار في سورية يملي بالضرورة التعامل بعقلانية مع جميع قوى المجتمع السوري على الأرض السورية، وأن يكون هناك مصالحات يتم من خلالها الوصول لتفاهمات لبدء عملية سياسية يشارك فيها جميع الأطراف، لكن المهم أولاً هو وقف الاقتتال، وأن لا تكون هناك عمليات عسكرية بين القوى الأساسية الموجودة؛ ففي حال تمت هزيمة جميع قوى الإرهاب بسورية يبقى الحديث عن قوى المعارضة المعتدلة وقوى النظام ومن يدعمها، وهنا يجب ان يتم الوصول لتهدئة وتفاهمات ووقف للأعمال العدائيّة. 
أمّا بالنسبة لأدوات الاردن في الداخل السوري، فهناك قوى اجتماعية وعشائريّة تربطنا بها علاقات جيدة، وهناك قوى معتدلة ساهم الأردن وعدد من الدول بتدريبها وتقويتها من أجل محاربة الإرهاب في سورية والعراق، وهي قوى صاحبة حضور بسورية ومن الواجب أن يتعامل معها النظام السوري باعتبارها جزءاً من النسيج الوطني السوري.
 
* هل هناك طلب رسمي لفتح المعابر؟
- أيّ طلب لفتح المعابر لن يتم التعامل معه إلا في حال ترسيخ الأمن والاستقرار في الجنوب السوري بحيث يفضي لاحقاً إلى وجود جهة رسمية سورية تسيطر على المعابر، وتضمن لنا أمن وسلامة مستخدميه، ونحن نعلم أن النظام السوري لا يملك السيطرة على معبر نصيب لذا من الصعب الحديث الآن عن فتحه.
 
* ثمة تصريحات تصدر عن الحكومة السورية تتهم الأردن بمعاداتها.. لماذا هذا الإصرار على الاتهام؟ 
 البعض من ساستهم يعتقدون أن الأردن جزء من الطرف المعادي لهم، والذي يشمل كل العالم باستثناء الروس وإيران وحزب الله، ويعتقدون ان الأردن حاول زعزعة استقرار سورية، ولكن إذا كان هناك تقييم موضوعي لموقف الاردن تجاه سورية فالتاريخ يشهد أنه لولا موقف الأردن التاريخي والخدمات الجليلة التي قدمها لحل الأزمة لكان حال سورية أسوأ بكثير ولاستبيحت من قبل المنظمات الإرهابيّة.
 
* فيما يتعلق بالملف العراقي، كيف تقيم علاقة عمان وبغداد؟
-علاقاتنا مع العراق الشقيق تمر بحالة ممتازة ومتقدمة، وهناك تفاهمات على اسس ومصالح مشتركة وقومية، ولدينا عدد من المشاريع التي ستخدم مستقبل البلدين، أهمها أنبوب النفط، وفتح معبر الكرامة الذي كان لإغلاقه كلفة عالية على الطرفين تقدّر بمئات الملايين ومصلحة الطرفين بإعادة فتحه بما يحقق الشروط الأمنية الضروريّة.
فتح المعبر الآن بمراحله النهائية، لكن القصة تكمن بأمن الطريق في العراق كما يؤكّد لنا الأشقّاء العراقيّون الذين اقتربوا من إحالة عطاءات لتأمين الطريق البرّي من المعبر لبغداد، وكلانا مهتم بفتح المعبر بأسرع وقت للمنفعة المتبادلة، وبالتأكيد فإنّ ما حدث بالموصل من انتصارات للقوات العراقية سيسهم بتسريع هذه العملية على الطريق البريّ.
 
* هل تعتقد أن "داعش" تمت هزيمته اليوم؟
- هزمت "داعش" في العديد من المحطات والجبهات؛ عسكريّاً وأمنيّاً وإعلاميّاً، وبمرحلة ما توصّلنا كتحالف دولي لتفاهمات مع شركات "السوشيال ميديا" لإغلاق الآلاف من الحسابات المروِّجة لأفراد التنظيم وأفكاره، اضافة لتدمير كافة وحدات الانتاج الاعلامي لديه، كما أنّ هناك مؤسسات إعلاميّة لدينا تنتج وتعرّي الخطاب الإعلامي والفكري لداعش، وهناك خطاب بديل يتحدث عن التنوير والاعتدال والتسامح بالدين الإسلامي الحنيف، والأردن من الدول المتقدمة بهذا المجال، حيث تراجعت الدعاية المروجة لداعش بنسبة وصلت الى 75 - 80 % وربما اكثر بالمقارنة مع بدايات الحرب على الإرهاب.
تبقى محاربة التطرف والإرهاب أيديولوجيّاً مستمرّة، إذ لابدّ من هزيمة هذا الفكر بشكل كامل وجذري، وهناك برامج مختلفة للتعامل مع هذا الفكر الضّال ونحن من أنجح الدول في هذا المجال ولدى مقارنتنا مع الآخرين فنحن متقدمون بنسبة كبيرة في التعامل أمنيّاً وأيديولوجيّاً مع هذا الفكر المنحرف والمضلّل.
 
* ماذا عن العائدين من التنظيمات الإرهابية؟
- بخصوص هذا الملف فالسياسة المتّبعة هي التعامل معهم أمنيّاً ضمن إجراءات الأجهزة المختصّة، وضمن قواعد محدّدة، فإذا كان القادم عبر الحدود أردنيّاً يتم توجيهه إلى الأجهزة الأمنية، واتخاذ الإجراءات القانونيّة بحقه، ودائماً ما نقوم بالإعلان عن الأحكام التي تصدر بحق هؤلاء وأعدادهم بالمناسبة ليست كبيرة. 
أمّا إذا كان العائدون غير أردنيين فيتم التعامل معهم بطريقة مختلفة، وهم يعرفون أن آخر جهة يمكن أن يفكروا بالتوجّه نحوها هي الأردن لأنهم يعرفون مصيرهم؛ أمّا التحدي الآخر فيكون بالارهابيين الذين قد يندمجون داخل مجتمعاتهم في سورية والعراق، وهذا تحدٍ لا بّد من التعامل معه، ومن الواجب أن لا يُسمح لهؤلاء بالتغلغل بتلك المجتمعات لأنهم خطر عليها وعلى غيرها من المجتمعات المجاورة، أمّا من يفكّر منهم بالاقتراب من حدودنا فمصيره المحتوم هو الموت.
 
* في الشأن المحلي الأردني، التحدي الاقتصادي ما يزال يتفاقم؟
-التحدي الاقتصادي هو الاكبر بالنسبة للحكومة، ونحاول قدر الإمكان تحقيق إنجازات ملموسة فيه، واستطعنا إيجاد أجواء إيجابيّة ومؤشّرات مشجّعة رغم المشاكل الإقليميّة الكبيرة التي انعكست على الاقتصاد وفاقمت من عجز الموازنة وارتفاع نسبة المديونية نسبة للناتج المحلي الإجمالي، وكذلك البطالة وهذا امر مقلق لا بد من التعامل معه.
ندرك أنّ الحل الاستراتيجي لمشاكلنا الاقتصادية يتمثل بزيادة معدلات النمو التي ارتفعت في الربع الاول من العام الحالي، فعندما تزداد معدلات النمو يقل عجز الموازنة وتزيد عائدات الخزينة ويصبح النشاط الاقتصادي قادراً على خلق المزيد من الأعمال.
الحكومة تعمل على مساعدة القطاعات الاقتصادية الرئيسة وتشجيع الاستثمار والسياحة وزيادة التبادل التجاري، وزيادة الصادرات الزراعية والصناعية، والتغلب على تداعيات الاوضاع الاقليمية التي كان لها دور كبير جدا بزيادة تحدياتنا خصوصاً على مستوى التبادل التجاري وقطاع النقل والسياحة والصادرات وغيرها.
الحكومة بدأت باتباع نهج جديد يقوم على تقييم ذاتي للأداء، والتقرير الاقتصادي الذي رفعته الحكومة لجلالة الملك هو من بين الأدوات التي تؤكّد ذلك، وقمنا بدراسة ردود الفعل حول التقرير للاستفادة منها بالمراحل المقبلة.
بخصوص البطالة، ندرك أن المشكلة مهمّة وحسّاسة، والأرقام الأخيرة تشير لارتفاع نسبة البطالة بعد أن تمّ تغيير طريقة احتساب معدّلاتها بحسب آليّات منظّمة العمل الدوليّة الجديدة التي تبنّتها الحكومة ترسيخاً للشفافيّة، ولكن بالمقابل نجد هناك ما يزيد على مليون عامل وافد، وهذه بمثابة أحجية بالاقتصاد الاردني، خصوصاً وأنّ المهن والوظائف التي تعمل بها العمالة الوافدة تدر دخلاً جيداً ومرتفعاً احيانا كثيرة، فلماذا لا تذهب هذه الفرص للأردنيين؟ ولماذا يعزف طالبو العمل الأردنيون عن هذه الأعمال؟.
وهنا لا بدّ من الإشارة لقضية مهمة ترتبط بالحديث عن الجانب الاقتصادي، ألا وهي وجود جو عام غير متفائل نتيجة التراكمات الاقتصاديّة والتحدّيات، نحاول جاهدين التعامل معه ومواجهته من خلال التركيز على الايجابيات والإنجازات التي تحقّقت والتشخيص الأمثل دون تجميل، وإبراز الجهد الحقيقي للتعامل مع التحديات، وقناعتنا أنّ وجود حالة من الإحباط تنعكس على الجهد الوطني العام للنهوض بالاقتصاد وتعيق العمل والبناء.
الحقيقة أن هناك من يسهم بإيجاد هذا المناخ السلبي وشحن الأجواء، سواءً كأفراد أو كقوى سياسيّة، ويتم ذلك بحسن نية وأحياناً بسوء نية، إذ إن هناك قوى سياسية تحاول أحياناً بث الاجواء السلبية بحثاً عن انتصارات سياسية أو لكسب مواقف شعبية، وتكثر هذه الممارسات بالأوقات التي نشهد فيها استحقاقات وطنية كالانتخابات مثلاً.
 
* ثمة انتقادات لتراجع وضع الحريات العامة والصحفية؟ 
- الحقائق تشير إلى أن هناك تصنيفات متباينة لموقع الاردن من حيث الحريات الإعلامية والعامة، والغالبية العظمى من هذه التصنيفات تضع الأردن في المنتصف، أي في مرحلة انتقالية نحو الجانب الذي يضم العديد من الدول المتقدمة، وهذا شيء جيد قياساً بالعديد من الدول التي نتشابه معها من حيث النشأة والظروف والموارد.
ولا شك أننا نحترم هذه التقييمات ونقبلها ونتعامل معها بإيجابية، ونختلف مع بعضها أحياناً ونعتبره غير منصف، خصوصاً التقييمات التي تعتمد على الانطباعية والانتقائية أو بعض التقارير التي ليست على سوية علمية وتفتقر للأسلوب العلمي باختيار العيّنات، وهي بذلك تناقض التقييمات التي تصدر عن الجهات الدولية المختصة وذات المصداقية.
نتعامل مع التقييمات الموضوعية بشكل إيجابي، ونحاول الاستفادة منها بتعزيز مكانتنا على سلم الحريات الإعلامية والصحفية، وعلى سلم الحريّات العامّة، لكن غالبية المقترحات والتوصيات التي نتلقاها هي توصيات عامة وليست عملية، وتتعلق بتعديل بعض التشريعات، ونعلم أن التعديلات المقترحة تكون غير توافقية في أحيان كثيرة أو لا تحظى بإجماع، وقد لا يحقّق  تعديلها الهدف المنشود.
* ماذا بخصوص وضع قانون للتواصل الاجتماعي؟
- عندما قمنا بتشخيص الكثير من الشكاوى والتجاوزات التي تمارس عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعاملنا معها إعلاميّاً وسياسيّاً من خلال التوعية والحديث المستمرّ حول هذا الأمر، فنحن ندرك أن هذه الأدوات من الواجب أن تكون معاول بناء لا أدوات هدم، وأن لا تستخدم كمساحة لبث خطاب الكراهية والتفريق والتحريض وغيره.
وفي العديد من الحالات تم التعامل مع الأمر قانونيّاً من خلال مؤسّسات إنفاذ القانون كوحدة الجرائم الالكترونية، ومن خلال القضاء، وأصبح هناك دوريات الكترونية، والشكاوى التي يتقدم بها البعض يتم التعامل معها وفق القوانين الموجودة كقوانين العقوبات والجرائم الإلكترونية ومنع الإرهاب.
لكن، عندما شعرنا أنّ البعض أصبح يستخدم مواقع التواصل لبثّ خطاب الكراهية والتفريق وإذكاء الفتنة، بدأنا بدراسة وضع تشريع منفصل ومستقل يضبط هذه الممارسات، وإلى الآن لم يتبلور هذا الأمر بشكل نهائي. ما زلنا في مرحلة دراسة وضع تشريع خاص لمواقع التواصل، وهناك مخاطبات من مؤسسات مجتمع مدني وناشطين بعضها يؤيد والبعض الآخر يعارض، لكن ما نؤكد عليه هو أن القانون في حال تم اعتماد التوجّه لإقراره فإنّه لن يكون على حساب الحريات، ولن يسهم في تقييد عمل مواقع التواصل.
 
* ألا تكفي القوانين الموجودة؟
- هناك رأيان أحدهما يقول إن القوانين الموجودة تكفي، والآخر يقول لا بد من وجود تشريع اخر خاص بالتواصل الاجتماعي بحيث لا يتعارض مع القوانين الأخرى، وهذا الرأي يستند الى ان القوانين الموجودة عامة ولا تدين ارتكاب الجرائم عبر مواقع التواصل إذ إن نسبة كبيرة من القضايا التي تذهب للقضاء بهذا الخصوص تبرئ مرتكبيها لأن القانون غير تفصيلي.
أما بخصوص المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية فهي إحدى المواد المتاح للقاضي استخدامها، فالقضية عندما تذهب للقضاء يتم تقييمها وتكييفها هناك حسب الاختصاص، والسلطة التنفيذيّة بمعزل تماماً عن ذلك، فالمادة المنشورة اذا كانت خبرية ومتسقة مع حرية الرأي والتعبير فإنها تكون من اختصاص قانون المطبوعات، وإذا قدر القاضي أنها ليست مادة خبرية وضمن إطار حريّة التعبير وتضمنت شتما وذما وتحقيرا أو تجاوز على القانون أو المصلحة الوطنيّة فإنها لا تحصن صاحبها حتى وإن كان صحفياً.
 
* هل هناك ضغوط على الأردن للتعامل مع "الإخوان المسلمين" كجهة إرهابية؟
- لكل دولة خصوصيتها في التعامل مع هذا الشأن حسب تشريعاتها وقوانينها ومسارها السياسي، ونحن لدينا مسار سياسي عريق ونموذجي، قد يختلف عن بعض الدول الشقيقة والصديقة. لكن نعم هناك نقاشات دارت مع العديد من الدول وعلى مختلف المستويات حول هذه القضية، وهذه النقاشات مستمرة، لكن نحن نؤكد أن لدى الأردن قوانين وتشريعات تحكم التعامل مع جميع القوى السياسية.
الدولة الأردنية تتعامل مع جماعة الإخوان الشرعية والقانونية والمرخصة وفق أحكام القانون، وهذا يسجل لها كونها تحرص على التعامل وفق ما ينص عليه القانون، وقد تمّ في السابق إخطار الجماعة غير القانونيّة وغير الشرعيّة بضرورة الحصول على الترخيص القانوني أسوة بالتجمّعات السياسيّة الأخرى، وكان المطلوب أن تنصاع لدولة القانون وهذا لا يعيبها لأن لا أحد فوق القانون، ولأننا نعيش بدولة سيادة القانون التي تسري على الجميع.
فئة من الإخوان حينها رفضوا ذلك، وكانوا يصرّون على أّن هذا الملف سياسي وليس قانونيا، وهذا توصيف لا نقبله، فنحن نعيش في ظل دولة قانون ومؤسسات تسري تشريعاتها على الجميع، وبالتالي لا نتعامل ولن نتعامل إلا مع من يلتزم بأحكام القانون.
 
* هل تتعامل الدولة مع "الإخوان" غير المرخصة عبر قنوات خلفية؟
- التعامل يتم من خلال الأطر القانونية الناظمة وبغير ذلك لا يكون هناك أي تعامل، فالدولة تقف على مسافة واحدة من الجميع، وعلى الجميع أن ينصاعوا لقوانينها وثوابتها.
 
* كان هناك مطالب نيابية بإصدار عفو عام، هل ثمة توجه لإقرار قانون للعفو؟
- لم يصلنا رسميا أي مخاطبة بموضوع العفو العام وبالتالي لم يدرس هذا الأمر، ولا يوجد توجه لدى الحكومة للتقدّم بمشروع قانون للعفو العام.
m.altarawneh@alghad.jo