Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Mar-2018

هل هناك تهديد نووي سعودي؟ - تسفي بارئيل

 

هآرتس
 
الغد- "عدد من المراسلين الإسرائيليين حرضوا نتنياهو ضد السعودية، وقالوا إن هناك تهديدا نوويا سعوديا. وبهذا أنا أقول لهم وللشعب اليهودي: هل السعودية هددت في أي يوم جاراتها؟ الجواب هو لا. هل يوجد للسعودية طموحات للتوسع في المنطقة؟ الجواب هو لا. قوموا بقراءة الأخبار جيدا، أيها الشعب الإسرائيلي، شكرا وإلى اللقاء في المرة القادمة". هذا ما قاله، بلغة عبرية طليقة، لؤي الشريف، مقدم برامج في التلفزيون السعودي ومقرب من البلاط الملكي، في فيلم فيديو قصير اخرجه ونشره في تويتر.
هذه الحملة الدعائية لا تثير الانطباع لدى حكومة إسرائيل أو اعضاء الكونغرس في واشنطن. فهم بدأوا بحملة إعلامية خاصة بهم هدفها منع الإدارة من اعطاء المصادقة للشركات الأميركية باقامة مفاعلات نووية لانتاج الكهرباء في السعودية خوفا من أن ينقلوا اليهم تكنولوجيا من شأنها أن تستخدم كبنية اساسية لانتاج السلاح النووي. 
هذا الخوف لا يحتاج إلى اثبات. هذا جاء من فم ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي اوضح بصورة لا تقبل التأويل بأنه إذا حصلت إيران على القنبلة النووية فستكون للسعودية قنبلة مثلها. في مقابلة مع الـ "سي.بي.سي" وضع الامير بصورة واضحة معادلة ردع نووي، ليس بين السعودية وإيران، بل أيضا بينها وبين الولايات المتحدة: "نحن فقط نريد حقوقا متساوية مع الدول الاخرى"، أي، إذا كانت واشنطن تتمسك بالاتفاق النووي مع إيران، الذي يمكنها من تخصيب اليورانيوم بمستوى منخفض، أيضا السعودية تستحق ذلك.
يوجد للسعودية مقارنة مع إيران، يورانيوم، وهي تريد تخصيبه بنفسها، هذا هو لب الخلاف بين واشنطن والقدس من جهة وبين الرياض من جهة اخرى. حسب المادة 123 من قانون الطاقة الذرية من العام 1954 فإن من صلاحية مجلسي الشيوخ مراقبة كل عرض لبيع التكنولوجيا النووية الأميركية لدولة اخرى، وعند الضرورة منع تخصيب اليورانيوم من قبل تلك الدولة. حسب هذه المادة، وقع في 2009 اتفاق لبناء مفاعل نووي مع دولة الإمارات. 
ولكن حسب وجهة نظر نتنياهو هذا غير مُرض. في هذا الشهر شارك نتنياهو رأيه مع اعضاء لجنة الخارجية والأمن في مجلس الشيوخ، الذين عدد منهم تبنى موقف إسرائيل. ترامب في المقابل، يدفع نحو المصادقة على اقامة المفاعلات، على ضوء الارباح المتوقعة للشركات الأميركية ومنها "ويستينغ هاوس" التي يوجد احتمال كبير بأن يتم قبول عرضها. اضافة إلى ذلك فإن ترامب مدين للسعودية التي وقعت قبل بضعة اشهر على اتفاق لشراء سلاح أميركي بأكثر من 35 مليار دولار.
السعودية اعلنت عن نيتها بناء مفاعلات "لأهداف سلمية"، أي، انتاج الكهرباء والابحاث، كجزء من رؤية ولي العهد للعام 2030. هذا التفسير يستند إلى الحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة في المملكة، وخفض الاعتماد على النفط والاستعداد لليوم الذي سينفد فيه، على خلفية التزايد المتواصل لاستهلاك الكهرباء في السعودية. من اجل ذلك هي تخطط لاقامة 16 مفاعلا نوويا، وفي المرحلة الاولى 2، كل واحد منهما ينتج 12 – 16 ألف ميغاواط. معارضو المشروع يقولون إن للسعودية، التي لديها احتياطي النفط الثاني في العالم، لا توجد أي حاجة لهذه المفاعلات. كما أن التوجه العالمي هو الانتقال من الطاقة النووية إلى الطاقة الطبيعية التي مصدرها الشمس والرياح التي توجد بوفرة في السعودية. مهما كان الامر فإن اقوال محمد بن سلمان تحول هذا الخلاف إلى أمر غير ذي صلة.
سواء كانت السعودية جدية في نواياها أم لا، فإن معادلة الردع النووي التي طرحتها تضع واشنطن في معضلة صعبة. إذا رفضت بيع السعودية تكنولوجيا نووية، تستطيع هذه التوجه إلى دول اخرى مثل الباكستان، التي توجد لها معها علاقات ممتازة، أو إلى الصين أو روسيا. وهذه ليس لديها مشكلة في بيع السعودية تكنولوجيا نووية حتى لابعد مما هو مطلوب لاغراض مدنية. 
من اجل تعظيم هذا التبرير اوضح وزير الخارجية السعودي، عادل جبير، أن بلاده فحصت انشاء مفاعلات مع عشر دول على الاقل. وحتى أنها اجرت مفاوضات متقدمة مع الصين. في سيناريو كهذا، يقولون في الإدارة الأميركية، سيمنع أي موطئ قدم للولايات المتحدة في الصناعة النووية السعودية، وروسيا أو الصين ستتحولان إلى الشريكتين الاستراتيجيتين للمملكة. هذا اضافة إلى الارباح الاقتصادية التي ستوفرها المفاعلات.
من ناحية الولايات المتحدة ثمة مخاطرة أكبر، لأنه خلافا لإيران فإن السعودية لا يوجد لديها تجربة أو خبراء في بناء المفاعلات أو في انتاج السلاح النووي. هكذا، فإن أي دولة عظمى ستفوز بالعطاء سيطلب منها (وستكون مسرورة بذلك) تشغيل المفاعلات وصيانتها. مثال على ذلك المفاعلات التي تمولها وتقيمها وتشغلها روسيا في مصر بالتعاون مع مهندسين مصريين، أو المفاعل الذي سيتم تدشينه في تركيا قريبا بحضور فلاديمير بوتين. وخلافا لمصر وتركيا، اللتان توضحان بأنهما لا تطمحان إلى الوصول إلى الذرة العسكرية، فإن السعودية لا تستبعد ذلك.
هذه الاحتمالية تقلق إسرائيل بشكل كبير، التي تعمل بجدية في المجال الدبلوماسي من اجل اقناع ترامب واعضاء الكونغرس بأنه حتى لو كانت السعودية تعتبر الآن الصديقة المقربة لواشنطن، إلا أنها غير مستقرة، وأن حركات اسلامية راديكالية تحظى فيها بحرية عمل وأن بناء المفاعل سيؤهل جيل من المهندسين والخبراء المحليين، الذين سيمكنهم مستقبلا تطوير مشروع نووي عسكري.
 السعودية التي استأجرت الخدمات الثمينة لثلاث شركات أميركية من الصف الاول، ستوضح في المقابل أنها اذا ارادت الحصول على السلاح النووي فهي يمكنها شراءه مباشرة عن الرف، وأنها ليست بحاجة إلى اعداد خبراء خاصين بها. وزارة الخارجية الأميركية تفهم هذا الادعاء جيدا وتطرحه أمام الرئيس كذريعة للموافقة على بيع تكنولوجيا أميركية للسعودية، وبهذا الزامها بالرقابة الأميركية المتشددة.
إلى حين نضوج ميزان الردع النووي بين السعودية وإيران، اذا حدث ذلك، يتوجب على الولايات المتحدة الاتفاق مع الرياض، ليس فقط في موضوع تخصيب اليورانيوم. موضوع مشتعل آخر يقتضي من ترامب اعطاء اجابة مقنعة للكونغرس، هو الرقابة على المفاعلات في السعودية. نموذج الرقابة على إيران يثبت نفسه في الوقت الحالي، على الاقل حسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة النووية، وبامكانه أن يستخدم كقاعدة لأي اتفاق مع السعودية. 
ولكن كما تبين عندما طلبت الوكالة الدولية للطاقة النووية تشديد الرقابة على المشروع النووي العراقي (الذي لم يكن قائما)، وكما يدلل غياب الرقابة على باكستان والهند وكوريا الشمالية وإسرائيل، التي لم توقع على اتفاق حظر انتشار السلاح النووي، وكما اثبت أيضا الفشل الاستخباري الإسرائيلي الكامن في التشخيص المتأخر للمفاعل السوري – فإن الدول تستطيع التقدم إلى مراحل خطيرة في تطوير السلاح النووي دون أن يكتشف مراقبو الامم المتحدة أو وكالات الاستخبارات ذلك. 
السعودية، التي لم توقع على البروتوكول الإضافي لميثاق منع انتشار السلاح النووي، الذي يتضمن إجراءات الرقابة الأكثر صرامة بكثير من الميثاق الأصلي، لن تجد صعوبة في الانتقال من النووي المدني إلى النووي العسكري من تحت الرادار.
السؤال هو هل سيتطور الصراع حول طلب السعودية، وهل ستضطر الولايات المتحدة إلى الرد بايجاب من اجل الحفاظ على العلاقة الجيدة بين الدولتين، أو أن توافق السعودية على الاكتفاء ببدائل متواضعة اكثر مثل اتفاق دفاعي متطور مع الولايات المتحدة والتعهد بالدفاع عنها أمام أي تهديد، إيراني أو غيره. ولي العهد يمكث في الوقت الحالي في الولايات المتحدة في زيارة مدتها ثلاثة اسابيع، وستنتهي في وقت قريب من الموعد الذي سيطلب فيه من ترامب الحسم في موضوع الاتفاق مع إيران.
التناقض يكمن في معارضة السعودية للاتفاق. المملكة التي تطرح الردع أمام إيران كمبرر قوي لحاجتها إلى السلاح النووي، يجب عليها كما يبدو تأييده واقناع ترامب بعدم الانسحاب منه. فهو يحيد التهديد النووي الإيراني ويمنحها وقتا كبيرا لتطوير برنامج نووي خاص بها دون المخاطرة بحرب اقليمية من شأنها أن تتحول إلى حرب عالمية. بعد أن فشلت في اليمن وتلقت ضربات شديدة في سورية، فهي لا تستطيع السماح لنفسها بحرب كهذه تكون فيها متعلقة باستعداد الولايات المتحدة للقيام بالعمل بدلا منها.
إسرائيل التي تحث ترامب على الانسحاب من الاتفاق أو أن يدخل عليه تعديلات من المشكوك أن توافق عليها إيران، من شأنها أن تجد نفسها أمام دولتين عظميين نوويتين بدل دولة واحدة، إيران التي اعلنت أنها ستجدد برنامجها النووي إذا تم الاخلال بالاتفاق، والسعودية التي تريد الحصول على السلاح النووي بنفسها من اجل ردع إيران المحررة من قيود الاتفاق.