Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Aug-2019

ندوة في رابطة الكتاب تحتفي بكتاب «كراهية الإسلام..» لفخري صالح

 الدستور- نضال برقان

قدم د. زياد أبو لبن قراءة نقدية حول كتاب «كراهية الإسلام! كيف يصور الاستشراق الجديد العرب والمسلمين»، للكاتب والناقد والمترجم فخري صالح، وذلك خلال ندوة عقدت رابطة الكتاب، يوم أمس الأول،  بالتعاون بين الرابطة ومركز «تعلم واعلم» للأبحاث والدراسات، وقد أدار الفعالية د. أحمد ماضي.
وفي مستهل الفعالية قال صاحب الكتاب إنه بدأ الاشتغال عليه بعد أحداث 11 سبتمر، إذ تم قولبة، وقتئذ، من قبل الاستشراق الجديد بطريقة غير واقعية، لافتا النظر إلى أن الاستشراق التقليدي القديم كان متبحرا في علوم الشرق وتراثه ولغاته، أما الاستشراق الجديد فذات مرجعية أيديولوجية، ويركز على مناطق معينة، من دون معرفة بعلوم الشرق أو تراثه أو لغته.
وبيّن صالح أن كتابه يركز على أن الغرب أراد صناعة عدو جديد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وقد تمثل ذلك العدو بالإسلام والدول التي تتخذه دينا رئيسا لها، ويقوم هذا الاستشراق على رؤية نمطية للشرق والعمل على توظيفها وفق متطلبات وزارة الخارجية الأميركية ورغبة الولايات المتحدة في بسط سيطرتها على العالم، وهي رؤية تستند إلى كراهية الإسلام.
وأكد صالح أن كتابه ليس كتابا في السياسة، بل هو بحث في الجذور المعرفية للتحشيد ضد الإسلام والمسلمين.
واستعرض د. أبولبن أبواب الكتاب، إذ يتتبع الكاتب في الباب الأول: البحث عن جذور الرؤية الاستشراقية للإسلام والمسلمين في كتابات لويس التي نشرت في التسعينيات من القرن الماضي، في كتابيه «الخطأ الذي حصل (2002)» و»أزمة الإسلام (2003)» وأيضاً في مذكراته «ملاحظات على قرن من الزمن: تأملات مؤرخ متخصص في الشرق الأوسط (2012). فيما بحث الكاتب في الباب الثاني من الكتاب نظرية صمويل هنتنغتون في صراع الحضارات. خصص الكاتب في الباب الثالث للبحث في روايات الكاتب الهندي البريطاني الأمريكي ف. س. نايبول وكتب رحلاته وتصريحاته للصحافة والإعلام، عن الصورة النمطية للإسلام والمسلمين. ألحق الكاتب بفصول الكتاب قراءتين، الأولى: «كيف يصور الإعلام في الغرب العرب والمسلمين وما هي المصادر النظرية التي يستند إليها معلقو نيويورك تايمز وواشنطن بوست؟» والثانية: «تصحيح العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب».
وقال د. أبو لبن: لو عُدنا إلى الوراء سنجد أن أولّ احتكاك جدّيّ وقع بين العرب وبين أوروبا في سوريا وفي مصر، حينما اندفعت جيوش العرب – بعد أن تحولوا إلى الإسلام – إلى هذين القطرين، لإقصاء الروم البيزنطيين عنهما، ولاحتلال مكانهم فيها، وتتابع الاحتكاك في القرون التالية، حتى بلغ العرب أوروبا بعد فتح الأندلس وجنوبي فرنسا، وجزيرتي صقلية وسردينيا.
ومع أن النصارى الشرقيين لم يشْكُ أحد منهم من معاملة الحكام المسلمين لهم، وقد سجل كبار رجال الدين المسيحي كثيراً من الأقوال والشهادات التي بقيت محفوظة في بطون كتب التاريخ وهي تشيد بعدل العرب وانصافهم وانسانيتهم، وبعدهم عن التعصب، والإساءة إلى المسيحيين خاصة، وأبناء الأديان الأخرى عامّة إلّا أن رجال الكنيسة الغربية اختلقوا ولفقوا إدعاءات من عند أنفسهم لإثارة العواطف والتعصب عند الناس.
وبيّن د. أبو لبن أن الكنيسة كانت في جميع هذه القرون الطويلة تحاول تشويه صورة الإسلام في نظر أتباعها وتبرز دائماً في صورة منفرة، فكانت مهمتها، اختلاق العيوب والمثالب، وكتم الحقائق والفضائل. لذلك لم نجد أحداً من رجال الغرب في الماضي، يعترف بفضل للعرب على أوروبا وعلى الإنسانيّة فيما وصلت إليه من تقدم ورقيّ، لأن العرب مسلمون، والمسلمون يجب أن لا يكون لهم فضيلة محببة تدفع الناس إلى الإطلاع على دينهم وتراثهم. وقد أغار كثير من رجال الغرب على تراث العرب وعلومهم، وبحوثهم ومكتشفاتهم ونسبوها إلى أنفسهم، ففازوا بكسب رخيص. وحتى اليوم فإننا نجد قلة قليلة من الرجال في الغرب تجرؤ على الإعتراف بما كان للعرب من فضل على الحضارة الإنسانية. وهكذا بقي الإنسان الغربي جاهلاً بما قدمه العرب للحضارة، فهو لا يعرف للعرب غير الصورة القبيحة المنفرة، التي رسمها لهم رجال الكنيسة عبر قرون عديدة. وقد بقيت هذه الصورة ماثلة في أذهان العامة تتناقلها جيلاً بعد  جيل. وفي العصر الحديث قام أناس منصفون جريئون، بعد أن أتيحت لهم فرصة الإطلاع على حقائق الإسلام وعلى تاريخ العرب وحضارتهم، فأدركوا أن واجبهم نحو الحقيقة، يقتضيهم بأن يعرفوا بني قومهم، بما وقفوا عليه هم، فوضعوا كتباً ضمنوها دراسات وآراء فيما وصل بهم البحث العلمي، ومن الكتّاب المنصفين: (غوستاف لوبون)، والدكتورة (سيغرد هوتكة) والراهب (ماك كيب).
وخلص د. أبو لبن إلى أن «كراهية الإسلام» يُعَدُّ من أهم الكتب، التي تتناول هذا الصراع الجديد في العالم، بل يشكّل الكتاب رؤية جديدة للعالم، من منظور غربي استشراقي، وهو جهد كبير قدمه الكاتب والناقد والمترجم  فخري صالح للقارئ العربي والغربي، بل أكاد أجزم، أنه من الكتب الوازنة، التي تستحق القراءة والترجمة. وتبقى الأسئلة معلقة: هل يمكن جسر هذه الهوة؟ هل يتراجع التمييز ضد المسلمين بفعل تصاعد الاهتمام بالإسلام والمسلمين عقب أحداث 11 سبتمبر 2001؟ هل سيتراجع الغرب نفسه ملتفتاً إلى تركة العرب والمسلمين الحضارية الكبرى في مرحلة صعود الإسلام؟ هل يشكل العصر الذهبي العربي في الأندلس وغيرها نقاطاً مضيئة تعبر عن الحضارة والتعددية والعلم والفكر الذي يتغنى به الغرب؟.