Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Dec-2017

ما دار في مجلس الأمن.. هل يمكن البناء عليه ؟ - د. سمير قطامي

الراي -  وقفت المندوبة الأميركية نيك هيلي وحدها في مجلس الأمن يوم الجمعة الثامن من كانون الأول، ضد الأربعة عشر عضوا، ومعظمهم حلفاء واصدقاء وتابعون للولايات المتحدة، لم يسبق أن اختلفوا مع أميركا أو خالفوها إلى هذا الحد، وبخاصة في قضية تتعلق بإسرائيل أو الشرق الأوسط.. وقد أشفقت على تلكالمخلوقة التي وقفت وحيدة، على غير العادة، تؤيد قرار رئيسها ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل..

وإذا كانت السيدة هيلي موظفة لابد أن تسوّغ قرار رئيسها، وهذا يمكن فهمه، فإن ما لم استطع أن أفهمه هو تحوّل تلك السيدة من تسويغ القرار إلى مهاجمة أعضاء مجلس الأمن بأسلوب سعاري، والاستخفاف بهم، ووصفهم بالمنافقين ومتعددي الوجوه، ثم مهاجمة اليونسكو والمنظمات الدولية، لعدم وقوفها مع إسرائيل، ولم توفّر الفلسطينيين والعرب الذين يشجعون الإرهاب، على حد وصفها، لتصل إلى مطالبة العالم كله الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، لما لذلك من أثر في دفع سفينة السلام المتعثّرة، وتخليص المنطقة من شرور الإرهاب والإرهابيين العرب والمسلمين! ونحن الآن–كما قالت–نطالب الفلسطينيين الانخراط في مفاوضات السلام مع الجانب الإسرائيلي ليتمّ تحديد الحدود بين الطرفين، وتوقيع اتفاقية الحل النهائي في ساحة البيت الأبيض، كما حدث في الماضي، لا في مجلس الأمن الذي لا يتقن أعضاؤه إلا الكلام غير المفيد! بتلك الغطرسة والعنجهية والاستخفاف بالمنظمات الدولية والحلفاء والأصدقاء، خاطبت مندوبة أميركا العرب والعالم، لقصورهم عن فهم سياسة أميركا الرامية إلى إشاعة السلام والعدالة والحرية في الشرق الأوسط والعالم!!
 
في جلسة مجلس الأمن تلك قيل كلام كثير من قبل مندوبة الأردن ومندوب فلسطين حول بطلان قرار ترمب وعدم شرعيته، وعن نتائجه الكارثية على المنطقة، وعن تأجيجه للعنف والتطرف والكراهية بين شعوب المنطقة، ولكن ذلك كله لم يترك أي أثر، لينبري مندوب إسرائيل إلى القول إن ما قام به ترمب هو تصويب للوضع الخطأ الذي كان قائما، وأن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل منذ غابر الأزمان، وستظلّ كذلك، وأن الدولة الإسرائيلية هي الوحيدة في الشرق الأوسط التي تحترم القيم الدينية للناس، وعلى الفلسطسنيين أن يختاروا إما العنف الذي اعتادوا عليه، أو الدخول في حوار ومفاوضات معنا!! (كأن الفلسطينيين لم يدخلوا في مفاوضات عبثية منذ أكثر من 27 سنة).
 
في هذا الجو يطرح سؤال مهم: ماذا يستطيع العرب والفلسطينيون أن يفعلوا؟ وهل بأيدهم وسائل قادرة على التأثير؟
خرجت المظاهرات في كل الدول العربية، ومعطم دول العالم، تندد بالقرار، كما سمعنا دعوات لقطع العلاقات مع أميركا، وقطع البترول عنها، ومقاطعة البضائع الأميركية، وإلغاء المعاهدة والاتفاقيات مع إسرائيل.. فهل تستطيع الأمة في هذه الأوضاع من الفرقة والتمزّق والضعف والصراع الطائفي والقومي والديني والفئوي بين مكوّنات الأمة، أن تفعل شيئا؟
 
لنكن صرحاء ونقل: إن معطم الدول العربية (إن لم نقل كلها) مرتبطة بأميركا ارتباطا عسكريا وحمائيا وأمنيا وماليا.. لا تقوى على الانفكاك منه، حتى لو شاءت، ومن يعتقد غير ذلك، يعدّ مزايدا على أمته، وما سيحدث خروج بعض المظاهرات هنا وهناك، وبيانات شجب واستنكار من قبل النقابات والأحزاب، وحملة من السباب والسخرية من ترمب، ثم تعود الأمور كما كانت.. أليست القدس محتلة منذ نصف قرن؟ أليست عمليات الاستيطان والتهويد وانتزاع الأراضي من الفلسطينيين قائمة على قدم وساق في كل أرجاء فلسطين وفي القدس بشكل خاص منذ سنة 1967؟
 
يروي الدكتور أدموند غريب قصة حقيقية عن أحد المسؤولين الأميركيين أبدى تحفظا سنة 1995 على إقرار الكونغرس جعل القدس عاصمة إسرائيل، لأن ذلك سيهدد مصالح أميركا في منطقة الشرق الأوسط، فجاءه الرد بأننا نعرف ردات فعل العرب، سيتظاهرون ويستنكرون ليوم أو يومين أو أسبوع، ثم تعود الأمور إلى ما كانت عليه، فهل يا ترى ستصدق توقعات ذلك الأميركي هذه المرة، أم أن الظروف مختلفة؟