Wednesday 8th of May 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Jul-2017

السينما في المواجهة - د. صلاح جرّار
 
الراي - كنت في مكتبي في الجامعة الأردنيّة قبيل موعد محاضرتي بربع ساعة تقريباً عندما دخل عليّ طالبٌ أجنبيّ واستأذن أن يجلس في مكتبي في انتظار زميل لي من الأساتذة، فرحبت به، فجلس، وأخذنا في حوار سريع مختصر، فإذا به طالبٌ أمريكي جاء إلى الجامعة الأردنيّة بموجب الاتفاقية المبرمة بين الجامعة الأردنيّة والجامعة التي يدرس فيها ذلك الطالب، ليقضي عاماً في الجامعة الأردنيّة يواصل فيها تعلّم اللغة العربيّة ويجري أبحاثاً علميّة. ولمّا سألته عن مجال اهتمامه في البحث أخبرني بأنه يبحث في موضوع الأعمال السينمائية العربيّة التي تتناول القضيّة الفلسطينية. وعندما قال ذلك بدأت أبحث في ذاكرتي عن هذه الأفلام فلم أجد شيئاً ذا بال إلاّ من أفلام قليلة مثل أفلام رشيد مشهراوي ومشيل خليفي وتوفيق أبو وائل ومي المصري. فلمّا سألته إن كان وجد حصيلة كافية من هذه الأفلام، أجاب بأنّ عدد الأفلام التي تتناول المشكلة الفلسطينية أفلام قليلة، وأنها لا تتناسب من حيث عددها مع كون القضية الفلسطينية قضية مركزية للأمّة العربيّة وكون المحن والمآسي وقصص التشرّد والقتل والأسر والتعذيب والمعاناة التي يعيشها الفلسطينيون لا تحصى وأنّه يمكن أن ينتج منها آلاف الأعمال السينمائية والدرامية. ثمّ سألني سؤالاً مهمّاً: هل يجوز إنكار دور السينما في الترويج للحقّ الفلسطيني وإطلاع العالم على معاناة الشعب الفلسطيني، بينما يلجأ الإسرائيليون وحلفاؤهم في الغرب إلى هذا السلاح الفعّال والفتّاك في تشويه صورة الفلسطينيين والعرب والمسلمين ومحاولة إثبات حقّ اليهود في الأرض الفلسطينية وحقّهم في قتل الشعب الفلسطينيّ وتشريده؟!
 
نعم، إنّ السينما سلاحٌ خطير، وقد استخدمه الصهاينة وحلفاؤهم في أوروبا وأمريكا في تأليب الرأي العام الغربي ضد العرب والفلسطينيين، ولعلّ كثيراً ممّا نعانيه من هذا الانحياز الغربي الصارخ للاحتلال الصهيوني، وهذه الكراهية الشديدة للعرب والمسلمين متأثّر بالأعمال السينمائية التي تموّلها الصهيونية العالمية.
 
وما دام للسينما هذا الأثر الخطير، فإنني أدعو الأدباء العرب إلى التوجّه إلى كتابة أعمال أدبيّة وروائية قابلة للإخراج السينمائي تدافع عن فلسطين والعرب وتفضح مؤامرات الأعداء، كما أدعو المخرجين العرب إلى توجيه أنظارهم إلى إخراج أفلام سينمائية تدافع عن الحقوق الفلسطينية والعربيّة وعن الثقافة العربيّة والإسلامية، وترجمتها إلى اللغات العالمية، فمواجهة التحديات التي تتعرض لها الأمّة لا تكون بالوسائل السياسية والعسكرية والاقتصادية فقط، بل لا بدّ لها من إسناد ثقافي وفكري وأدبي وفنيّ وعلميّ، ولا يجوز للأمّة بأي حال أن تحيّد هذه الأدوات في مواجهاتها المصيرية الراهنة.
 
salahjarrar@hotmail.com