Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Jan-2019

الروایة الصهیونیة..ومشکلة اللاجئین الفلسطینیین - جدعون لیفي
ھآرتس
 
الغد- دائما سأبقى شاكرا لبیني موریس: لقد فتح عیني. كتابھ ”ولادة مشكلة اللاجئین الفلسطینیین، 1947 -1949 ”اثار كل من تربى على الروایة الصھیونیة. فجأة حدثت نكبة، فجأة كارثة وطنیة، طرد جماھیري، تطھیر عرقي، ولم یبلغونا أي شيء عن ذلك. بعد ثلاثین سنة على ذلك یأتي موریس لیتنبأ بالنھایة: ”ھذا المكان سیغرق مثل دولة شرق أوسطیة فیھا أغلبیة عربیة...
الیھود سیبقون أقلیة صغیرة داخل بحر عربي كبیر من الفلسطینیین، أقلیة مضطھدة أو سیتم ذبحنا“ (مقابلة مع عوفر ادیرت، ”ھآرتس“ أول من أمس).
من أحسن وصف المقدمة یخطئ بصورة متعمدة في وسط النھایة. موریس لا یستجمع الشجاعة للحدیث عن العلاقة المباشرة بین البدایة والنھایة، بین ما فعلھ الیھود منذ بدایة الصھیونیة واستمر منذ ذلك الحین وبین ما یتنبأ بھ كنھایة لدولتھ.
نبوءات فظیعة عن نھایة الدولة ترافقھا منذ ولادتھا. العرب سیتكاثرون، سیطردون ویذبحون.
ھذا خدم جیدا الدعایة الصھیونیة: اقلیة أمام أكثریة، داود أمام جولییت، ینھضون من اجل إفنائنا.
في الواقع: حدث العكس. الإسرائیلیون تكاثروا، سلبوا، طردوا، قتلوا وأحیانا ذبحوا.
موریس یستخف بذلك: ”قمع معین، یشمل ھنا وھناك جرائم صغیرة“، ھو یسمي عشرات سنین الدیكتاتوریة العسكریة، من أكثر الدیكتاتوریات وحشیة في العالم الآن، جریمة حرب كبیرة ومستمرة. المؤرخ الذي ندم على أن إسرائیل لم تطرد كل العرب وراء النھر في 1948، الباحث الذي طرح خیاران، التطھیر العرقي أو ابادة شعب، والذي اقترح حبس كل الفلسطینیین في قفص لأنھ ”یوجد ھناك حیوانات بریة“، لا یعرف الآن ”كیف یخرجھم من ذلك“.
في صالحھ یجب أن نذكر أنھ یدرك أن حل الدولتین لم یعد قائما. وضده یجب أن نقول إنھ یلقي كامل التھمة على الفلسطینیین. من یتھم العرب بعدم النقد الذاتي یظھر كصھیوني نموذجي، صھیوني یتھم العرب دائما بكل شيء. حلھ ھو ”لعب اللعبة الدبلوماسیة من اجل الحفاظ على تأیید الغرب“. اذا كان ھذا ما تبقى للصھیونیة لتفعلھ، فقد انتھى المشروع واستكمل.
ولكن ھذا لیس ھو الخیار الوحید. مستقبلیة موریس البائسة تعاني من العمى ازاء الاحتمالات الاخرى. من یلغي العلاقة بین تنكیل الصھیونیة بالفلسطینیین والكراھیة التي یكنونھا لإسرائیل، لا یخطر ببالھ أن تغییر أحد جوانب المعادلة یمكن أن یؤدي إلى تغییر الجانب الآخر.
وفقا لموریس وامثالھ، العرب ولدوا كي یقتلوا. كل فلسطیني یستیقظ في الصباح ویسأل نفسھ:
أي یھودي سأذبحھ الیوم، وأي یھودي سألقیھ في البحر. نوع من الھوایة. إذا كان الأمر ھكذا، فلا یوجد ما نقولھ ولا من نتحدث معھ. مدرسة الكذب ھذه تحرر الصھیونیة من الذنب، وتحرر إسرائیل من المسؤولیة. على أي حال ما ستفعلھ سیواجھ بالذبح، ھذا فقط مسألة وقت.
ولكن المؤرخ الذي وصف كیف بدأ كل ذلك، والذي فھم أن البدایة كانت مقرونة بالخطأ الأول، التھدید الفظیع، اقتلاع وطرد مئات آلاف بني البشر وبعد ذلك منعھم من العودة بالقوة، الذي وصفھ في كتابھ التالي، غیر مستعد للربط بین السبب والنتیجة.
ربما، یا موریس، ھناك خیارات أخرى. أولا، ما صمد سبعین سنة، بما فیھا خمسین سنة من الاحتلال، یمكن أن یستمر 100 سنة اخرى وربما 200 .الفلسطینیون أضعف مما كانوا دائما.
وإسرائیل أكثر قوة مما كانت في أي وقت، والعالم یفقد اھتمامھ. الوضع الراھن الظالم سیستمر ویتخلد. ھناك احتمال كھذا. ولكن ھناك احتمال آخر، اكثر تشجیعا: عندما یحصل الفلسطینیون على المساواة والعدالة المتأخرتین، لن یكونوا نفس الفلسطینیین، الذین في ظروف الحریة والاحترام، التي لم یحصلوا علیھا في أي یوم، ربما سیكون بالإمكان تأسیس واقع آخر وعلاقات اخرى، في دولة دیمقراطیة واحدة. بھذا لم یفكر موریس، ولا الصھیونیة. ھذا من شأنھ أن یفرض علیھا المھمة التي یجب علیھا القیام بھا.
مرة اخرى أجد نفسي شاكرا لموریس: بعماه وتشاؤمھ ذكرني بالأمل، حتى لو كان بعیدا الیوم عن التحقق.