Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jul-2017

هل يمكن تجزيء النزاهة؟ - المحامي سامر غازي قعوار
 
الغد- نقدر عاليا للمركز الوطني لحقوق الانسان والقائمين عليه جرأتهم باعلان مفوضه العام ما نـشره في التقرير الاولي حول مجريات الانتخابات النيابية للعام 2016 وتحفظه بوصفها بـ"الحرة والنزيهة"، واقراره ان النظام الانتخابي تشوبه شبهات دستورية، فيما شاب الانتخابات العديد من الاختلالات بحيث توافق تقريره مع مضمون التقارير المعلنة من بعثة الاتحاد الاوروبي بالخصوص. 
   جرأة التقرير في تحفظه على نزاهة الانتخابات مستند الى امور عدة قد يكون ابرزها قراءته لقرار الحكم بطعون دائرة بدو الوسط (462 و 474 وغيرها) والذي أورد في فحوى نص القرار (... وفي هذه الحالة المعروفة فان الاخلال والعبث كان جسيما بما يؤثر على الارادة الحرة للناخب وصوته الذي ادلى به ما مؤداه ان قرار الالغاء كان سديدا وفي محله، وان كان على المجلس في حينه اعمال الفقرة الاخيرة من المادة 49 المذكورة باعادة عمليتي الاقتراع والفرز في تلك الصناديق)، قبل ان يختم القرار: و(لاعتبارات الصالح العام برد الطعون لعدم استنادها الى اي سبب جدي من القانون والواقع).
حيث لا اجتهاد في النص خصوصا ان نصوص الدستور تعلو على اي قانون او نظام اذا خالفها كقاعدة قانونية؛ عليه، نستغرب اغفال التقرير الاشارة لقرار الهيئة المستقلة للانتخابات رفض قبول ترشح القنصل الفخري في الاردن مع اليقين انه لم يغب عن ذهن مفوضه العام صاحب الخبرة الدبلوماسية والعلمية أن القنصل الفخري ليس موظفا حكوميا اردنيا، كما ولا يعد موظفا حكوميا بموجب اتفاقية فينا Vienna الموقعة من قبل الحكومة الاردنية، والذي رفضت الهيئة المستقلة قبول الترشح استنادا لمادة مبهمة في نظام القناصل الفخريين الاردنيين المخالف للشروط الواردة في قانون الانتخاب (والذي واجب تطبيقه من قبل الهيئة) والدستور الاردني الذي يعلو على قانون الانتخاب ونظام القناصل الفخريين، وذلك تطبيقا للقاعدة الفقهية "لا اجتهاد في النص"، وما اثر ذلك على ميثاق حقوق الانسان المدنية والسياسية كمركز يعنى بحقوق الانسان.
 قانون الانتخاب يحتاج لتعديلات جوهرية، فعلى سبيل المثال: كيف يسمح بالترشح لمن يحمل جنسية غير اردنية حصل عليها بالتجنس (وليس بالولادة) وأقسم يمين الولاء بمحض إرادته بتفضيل مصلحة الدولة المانحة للجنسية فوق كل اعتبار، وتمنع الهيئة المستقلة خلافا للدستور قبول ترشح القنصل الفخري مدّعية بالحماية الاجنبية رغم ان القنصل الفخري لم يقسم الولاء للدولة الاخرى التي اعتمدته لرعاية شؤونها وتنمية العلاقات بين البلدين لما فيه المصلحة المشتركة؟
عند تقديمي الطعن بقرار الهيئة المستقلة للانتخاب بالخصوص، اجتهدت محكمة الاستئناف صاحبة القرار القطعي استنادا للمادة (7) من نظام القناصل الفخريين الاردني والتي نصت (انه اذا فقد القنصل الفخري ايا من الشروط المنصوص عليها في هذا النظام او تبين عدم توفر اي منها عند منحه الاجازة القنصلية، فان لمجلس الوزراء سحب الاجازة القنصلية منه) متذرعة باعتبار القنصل الفخري في الاردن موظفا حكوميا تلزمه الاستقالة قبل (60) يوما من ترشحه ولزوم خضوعه لقرار مجلس الوزراء عند عدم توفر الاهلية – بسحب  الاجازة القنصلية.
عليه اصبحنا اليوم على ما يبدو امام واجب تعديل مواد الدستور الاردني وقانون الانتخاب، بما يتماشى مع قرار المحكمة، واضافة القنصل الفخري لفئات الموظفين الحكوميين التي وجب عليها تقديم الاستقالة قبل 60 يوما من الترشح كأحد التعديلات الواجبة على اثر التجربة العملية لقانون الانتخاب.
للعلم ان الفئات الواردة ضمن الدستور وفي القانون الانتخابي نصت على سبيل الحصر على استقالة موظفي الحكومة ومنهم السفراء، ولم تذكر اعضاء مجلس الاعيان والقناصل الفخريين والذين ولاؤهم فقط للاردن وليس لدولة أخرى كما تزعم الهيئة المستقلة واعتبار القنصل الفخري في الاردن ينطبق عليه حكم السفراء الاردنيين كونهم موظفين حكوميين اردنيين!، فقررت حرمانه من الترشح متجاهلة انه سبق لقناصل فخريين اردنيين سابقين الجمع بين القنصلية وعضوية مجالس الاعيان ولدورات متكررة.. فهل يقودنا هذا التفسير لشرعية وقانونية القرارات التي صدرت عن تلك المجالس؟ 
لقد جاءت الرؤيا الملكية السامية بقيام اللجنة الملكية لتطوير النظام القضائي وتعيين رئيس جديد للمجلس القضائي والذي نتوسم فيه كل الخير لتحقيق المزيد من العدالة والشفافية آملين النظر في قبول السماح بالتعليق على الاحكام والقرارت القضائية ودراستها للاستفادة من تراكم الخبرات.
 لا نعلم لماذا لم تتدارك الهيئة المستقلة للانتخابات عند اصدارها التعليمات حول العدد الاقل الواجب توافره بالقائمة لاستمرارها قبول ترشحها بثلاثة اشخاص (عند انسحاب بعض المرشحين)، ولماذا لم تسمح للقائمة باستبدال المرشح الذي ترفض الهيئة قبول ترشيحه وتحرم بذلك القائمة من المساواة والعدالة في المنافسة بشفافية.
اغفل التقرير ان الهيئة المستقلة قامت بالاستفسار (من ديوان الرأي والتشريع) عن السماح بترشح السادة الاعيان ووجوب استقالاتهم و/او عدم الاستقالة من مجلس الاعيان عند الترشح لعضوية مجلس النواب على الرغم من وضوح النصوص القانونية في الدستور وقانون الانتخاب بموجب المادة (10) والتي تنص على الشروط الواجب توافرها فيمن يترشح لعضوية مجلس النواب (والتي تنطبق تماما على الاعيان كما والقناصل الفخريين) بما في ذلك المادة (11) التي تنص حصرا على الفئات التي يجب ان تستقيل قبل (60) يوما من الترشح والتي (لم يرد من ضمنها الاعيان والقناصل الفخريين)، بينما لم تقم الهيئة بارسال استفسار لديوان الراي والتشريع حول قانونية ترشح القنصل الفخري، من باب القياس والعدل، علما ان هذا هو دور وهدف ديوان التشريع والرأي، ولم تتساءل لماذا تغاضت  بالاستفسار بخصوص القناصل الفخريين حيث اجاز لهم ديوان الرأي والتشريع (شفهيا) بالترشح ناهيك عن الاجازة الضمنية من باب القياس القانوني عند السماح للاعيان بالترشح، ورفضت الهيئة الاستفسار رغم طلبنا ذلك!
    نثمن توصيات التقرير الاولي للمركز الوطني لحقوق الانسان حول تعديل نص المادة (71) من الدستور الاردني بما يضمن حق التقاضي على درجتين للطعن بصحة نيابة اعضاء مجلس النواب، وعليه نطالب ان ينطبق التعديل على المترشحين ايضا تماشيا مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان فلا يجوز استمرار قبول ان يكون قرار محكمة الاستئناف المختصة بالطعون قطعيا.. لاحتمال التعسف في استعمال السلطة، سيما وان محكمة التمييز وكذلك العدل العليا لا تمنع من الرجوع للمحكمة الدستورية خصوصا عند وجود شبهة دستورية بل يجب الرجوع لها غير ان ذلك لم يتم ويجب اخذه بالتعديلات المرجوة. كما أغفل التقرير مخالفات عديدة ومتكررة لم ترصدها الهيئة ومنها ما قامت به احدى القوائم في اعلان علني لاستبعاد أحد أعضائها والدعوة لعدم انتخابه.
انسياقا للتقرير الاولي للمركز الوطني لحقوق الانسان فمن الضروري ان يتكرم البرلمان الحالي بمعالجة الخلل في قانون الانتخاب، وكذلك القيام باجراء تقييم شامل لاداء الهيئة المستقلة، والوقوف على تقرير المركز من الجهات ذات الاختصاص لتصويب الاختلالات ومحاسبة المقصرين، لترسيخ الثقة لدى الناخب بالنزاهة وعدم العزوف عن الانتخابات القادمة اللامركزية  البلدية كما حصل في الانتخابات البرلمانية السابقة، تحقيقا لتوجيهات وسعي سيد البلاد ان يكون الاردن واحة للديمقراطية وراية مجد ووطن عزيز كريم يحفظ جميع حقوق الاردنيين المدنية والسياسية والتي يسعى المركز الوطني لحقوق الانسان العمل عليها جاهدا.