Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Jun-2018

«إنما الأعمال بالنيّات...» - م. فواز الحموري

 الراي - عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي االله عنه ، قال: سمعت رسول االله صلى االله عليه وسلم يقول»: إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى االله ورسوله ، فهجرته إلى االله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه) « رواه البخاري ومسلم في صحيحهما ).

بين الأعمال الظاهرة وتلك الباطنة يكون الميزان الدقيقلمصداقية العمل ، وفي شهر رمضان يلزمنا التدبر في
مضامين الحديث الشريف من إخلاص النية فيما نقوم به في شتى جوانب الحياة.
النيّة في اللغة هي القصد والإرادة، وموقعها القلب ولنتصور مدى ارتباط النيّة بالقلب لصحة العمل دون رياء
ونفاق ولنتصور أيضا مدى صحة الإيمان عندما يقترن القصد بالإرادة في أركان الإسلام الخمسة والإخلاص
بالعمل ؟
النيّة هي الأساس وفي شهر رمضان تحديدا ترتبط النية بنوع العمل بين العبد وخالقه والأجر والثواب نتيجة لذلك؛ فالعبادة مباشرة بين العبد وخالقه، يمتنع عن الطعام والشراب والشهوة لوجه االله ويسمو بالروح
ويطهر القلب مخلصا بالعبادة.
النيّة هي الرهان لكسب جولات الحياة ولا يستطيع احد كشف النية سوى من بسط الحياة وقدر الأمر وكشف
سر خائنة الأعين وما تخفي الصدور ويأتي العبد في نهاية المطاف بقلب سليم.
شواهد كثيرة وأمثلة عديدة يمكن الإشارة إليها لضمان النيّة الصادقة في العبادة والعمل والتعامل مع الناس والأمثلة عديدة أيضا في شهر رمضان ومنها: الشعور مع المحتاج والفقير وبالمقابل عدم طلب المحتاج لحاجته بشكل مبالغ فيه عند صناديق التبرع أو موائد الإفطار وعند المساجد وفي مواقع الجمعيات أو الطلب من أهل الخير لفطر رمضان أو زكاة الأموال ، وللأسف الشديد تتكرر نفس المشاهد: بطاقات واستمارات ومحتاجين وللأسف أيضا نسمع ونقرأ عن رفع عدد المستفيدين من أعمال لأعداد أكبر ؛ فبدل تخفيف الفقر تزداد الحاجة والأسر المستفيدة من الدعم ، ترى لماذا ؟
وردت في الحديث الشريف الإشارة إلى الهجرة وربطها بالنيّة وذلك بمعنى الترك والاجتهاد لنيل أجر وثواب الآخرة لوجه االله والرسول فقط لا غير ، وكم ترقى هذه الصورة إلى درجات من السمو والترفع عن الدنيا والارتقاء نحو الخير الشامل نتيجة صدق النيّة وتحري العمل على تطبيقها على أفضل شكل.
نيّة الزواج وإقامة بيت على أساس الاحترام والمودة والتقدير مثال حي لمعنى الهجرة والترحال صوب مجتمع
سليم تماما من الأذى والتشاحن والسوء والمشاكل، والأمر كذلك بالنسبة لصدق النيّة في العمل والترفع عن أي مصالح تزول مع ذهاب الوظيفة والمصالح والربح المؤقت ، وأما الصحبة والرفقة الطيبة فهي مبتغى النيّة الصافية والعلاقة المميزة للمحبة في االله والتواد دون منافع ضيقة.
عندما نتصدق ونقصد عمل الخير، هل نهاجر من حاجة المحتاج إلى حاجتنا الفعلية في الصدقة ودفع البلاء،
وهل نعي بحق فترة شهر رمضان القصيرة ومرور الأيام المعدودات ونخلص نية الصوم والقيام والصلاة المفروضة والنافلة ؟
تتلوث النيّة في أحيان كثيرة بالمظاهر ويغدو الفرق بين العمل الظاهر والباطن كبيرا ، فكم نحتاج مع النيّة
الطيبة إلى صيانتها من العيوب وصغائر الأمور والالتفات إلى تنمية النيّة بحسن الخلق والتعامل والتخاطب
والتواصل ؛ وهذه مسؤولية كبيرة نلقي بها على الدعاة ولكنها يجب أن تكون أسلوبنا اليومي بنيّة الإخلاص
في العمل والعلاقة مع الآخرين على اختلافهم.
غفر لرجل سقى كلبا؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
الثَّرَى مِنْ الْعَطَش فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي ، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ
ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ،قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا فَقَالَ نَعَمْ
فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ،(صحيح البخاري 2323 / صحيح مسلم 2244.( هي باختصار قصة النيّة والتي تكفي بعمق ويقين الإيمان لنيل الرضا في الدنيا والآخرة والتي تعني أيضا فهما شاملا لمعنى الإيمان والإسلام وترجمة ذلك إلى خلق رفيع وأدب جم يميزنا عن الآخرين وعن سائر الأمم.