تبدل موقع المنسق الحكومي.. هل يعكس تراجعا بملف حقوق الإنسان؟
الغد-هديل غبّون
أقل من عام مضى على تعيين المنسقة الحكومية لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء الدكتورة عبير الدبابنة، خلفا للمنسق السابق باسل الطراونة، الذي شغل موقعه أكثر من أربع سنوات، لتفتح مغادرة الدبابنة موقعها إلى مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب قبل أيام، الباب للتساؤلات حول مصير موقع المنسق والملفات الحقوقية التي تولى متابعتها.
فمنذ استحداث المنصب الذي جاء بقرار من رئيس الوزراء العام 2014، شكّلت ملفات الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان (UPR)، ومتابعة تنفيذ توصياته، ومأسسة العلاقة مع منظمات المجتمع المدني، أبرز مهام هذا المنصب، فيما انضمت وحدة حقوق الإنسان في رئاسة الوزراء التي استحدثت في النظام الإداري العام الماضي إلى تلك المهام.
وخلال مسيرة الدبابنة في موقع المنسق الحكومي منذ آب (أغسطس) 2019، شهدت ملفات حقوق الإنسان في رئاسة الوزراء مرارا نقاشا موسعا، تخللها تقديم خطط تطوير لعدة مسارات من بينها الإعلان عن مراجعة الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان، والعمل على تأسيس قاعدة بيانات شاملة لحقوق الإنسان، والسعي لتخصيص نافذة “مستقلة” لشكاوى حقوق الانسان عبر منصة “بخدمتكم”، عدا عن إعلان “مصفوفة” لإنفاذ توصيات الاستعراض الدوري، إذ وصفت الدبابنة في مقابلة أجرتها معها “الغد” في كانون الثاني (يناير) الماضي، أن “العام 2020 سيكون عاما حاسما لتعزيز التشاركية بين الحكومة والمجتمع المدني”.
ولعل من أبرز ما قدمه مكتب التنسيق الحكومي لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء، بجهود الدبابنة ووحدة حقوق الإنسان والمجتمع المدني على مدار عام، إعلان المراجعة للخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان 2016-2025، في 26 شباط (فبراير) الماضي، والتي أجراها مركز الحياة “راصد”، وأظهرت أن نسبة تنفيذ الخطة بلغت 58 % في محور الحقوق السياسية والمدنية، فيما بلغت في محور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 72 % وفي محور حقوق الفئات الأكثر عرضة للانتهاك، و67.
ومنذ ذلك الوقت وخلال جائحة كورونا على مدار نحو 3 أشهر، اقتصر دور التنسيق الحكومي لحقوق الإنسان، على التأكيد على ضرورة إجراء مراجعات شاملة حول ملفات حقوق الإنسان وإعادة تموضع الأولويات في ظل تبدّل أولويات حقوق الإنسان مع الجائحة، وتصدّر قضايا الفقر، وإشكاليات كبار السن وذوي الاعاقة والرعاية الصحية، وقضايا التعليم والعمل، على حساب الحقوق السياسية والمدنية، على مستويات محلية وإقليمية ودولية.
ومن هنا، يساور حقوقيون القلق إزاء التغيير على موقع المنسق الحقوقي، الذي لا يستند إلى هيكلية إدارية في رئاسة الوزراء، ما يترك الباب مفتوحا أمام إعادة خلط أو تعليق العمل بملفات حقوق الإنسان التي تدار من خلال الموقع، وتأخير استحقاقات حقوقية خاصة فيما يتعلق بمتابعة تنفيذ توصيات الاستعراض، عدا عن تأثيرات جائحة كورونا التي حوّلت مسار الجهود الحكومية في تعزيز حالة حقوق الإنسان، ضمن حدود تطبيقات قانون الدفاع وأوامره، ومع غياب الموقف الحقوقي في كثير من الأحداث التي لامست حقوق الأردنيين خلال جائحة كورونا، خاصة فيما يتعلق بخصوصية الأفراد وحرية التعبير والرأي والحقوق الصحية العامة والفئات الأكثر عرضة للانتهاك.
ويرى مدافعون عن حقوق الإنسان، أن المطالبات السابقة بتطبيق خطوات جديدة لمزيد من مأسسة ملف حقوق الانسان في رئاسة الوزراء، لا بد أن يعود إلى الواجهة وأن تولي الحكومة اهتمامها به، خاصة بعد تراجع خطر جائحة كورونا في الأسابيع الاخيرة.