Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Nov-2019

لا أحد ضد التوحيد ولكن!*د. زيد حمزة

 الراي

اخيرا وبعد عقود من الامعان في إنشاء المؤسسات المستقلة التي انتقدناها منذ البداية قبل ان يرتفع عددها لاكثر من ستين وتُكلف البلاد أموالا طائلة وتُربك نظام الخدمة المدنية بتجاوز قواعد التعيين وبالرواتب والعلاوات المبالغ فيها ثم تفشل في تحقيق اهدافها المدّعاة عند تأسيسها بقدراتها المتميزة في التطوير والتحديث ها هي حكومة أخرى تضطر تحت ضغط النواب والرأي العام ان تعيد النظر في بعضها فتقرر دمجها أو الغاءها، لذلك تصيبنا الدهشة ونحن نرى من يدعو لعودة احداها بعد ان ماتت وشبعت موتاً هي المؤسسة الطبية العلاجية التي أنشئت عام 1987 بقرار غير ديمقراطي تسلل في غياب مجلس الأمة من خلل قانون مؤقت وضيّعت ثلاث سنوات من المسيرة الصحية الناجحة بعبثها بمبادئ الرعاية الصحية وباهدارها المال العام وتخبطها الاداري ما ادى لتذمر المواطنين وجزء كبير من كوادرها الطبية والأكاديمية، وتحرُّك جهود مخلصة عديدة لحث مجلس النواب الحادي عشر على الغاء قانونها بقرار ديمقراطي تاريخي وبأغلبية كبيرة، وإعادة المستشفيات التي كانت قد نزعت عن وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية وكلية الطب في الجامعة الاردنية الى احضانها الطبيعية وبذلك عاد التنسيق والتعاون الذي كان قائماً بينها قبل انشاء المؤسسة..
 
هؤلاء الدعاة الجدد وهم قلة ممن يتوهمون أن السبب في عدم القدرة على إصلاح النظام الصحي في الاردن وتخليصه مما يعتوره من عيوب ومساوئ رغم الانفاق الكبير عليه ينحصر في تشرذم الجهات المسؤولة عنه وهذا صحيح جزئيا لكنه لا يمثل التشخيص الصحيح فقد مررنا بفترات ازدهار خدماتها ولم تكن موحدة لكنَّ بينها بعض تنسيقٍ كان من الممكن لو جرى توسيعه وتطويره ومن ثم ضبطه بقواعد قانونية ثابتة ان يؤدي للمزيد من التكامل وتحقيق عدالة أوسع في تقديم الخدمة للمواطنين.. صحيح أن أحداً لا ينكر محاسن التوحيد لكنّ زمنا طويلا مضى على هذا التقسيم القائم على أسس مدنية او عسكرية او اكاديمية حتى لم يعد من السهل دمجها والغاء خصوصية كل منها وتغيير ما تعوَّد عليه العاملون فيها من انظمة وقوانين متشابكة..
 
وبعد.. لا اعتقد ان الدعاة الجدد أنفسهم يقبلون بالتوحيد تحت قيادة وزارة الصحة التي ينص قانونها على انها المسؤولة عن جميع الشؤون الصحية في المملكة كما في معظم دول العالم بما في ذلك التعليم الطبي والصحي في بعضها، بل انهم يسعوْن لفرض توحيد مصطنع خارج مظلة الدستور بالعودة الى مؤسسة مستقلة جديدة، لنُلدغ من الجحر مرة أخرى!