Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-May-2020

مثقفون: العالم الافتراضي يتوفر على إمكانيات كبيرة لا بد من استغلالها

 الدستور– عمر أبو الهيجاء

 
في ظل ما يشهده العالم من انتشار وباء جائحة كورونا وشل الحركة والتباعد الاجتماعي.. نتساءل هل استطاع العالم الافتراضي أن يوفر فضاء واسعا للحراك الثقافي والفني من خلال تقديم الأمسيات والندوات والمعارض والأفلام والمسابقات الثقافية؟ «الدستور» هاتفت مجموعة من المثقفين وتساءلت معهم عن أهمية العالم الافتراضي في تفعيل النشاط الثقافي بإقامة بعض الفعاليات الثقافية والفنية.. فكانت هذه الإيضاحات.
 
 الشاعر عصام السعدي:
 
في النظر إلى العالم الافتراضي وعلاقته بالثقافة هناك جانبان لا بد من رؤيتهما. فمن جانب أول، يبقى هذا الفضاء افتراضيا ويفتقر للتفاعل الحقيقي في أي فعالية ثقافية؛ فالفعالية الثقافية ليست مادة أو محتوى ثقافيا فقط، تم بثه وتلقيه عن بعد، بل هي في الأساس ذلك التفاعل المباشر الذي ينتج عن الفعالية من خلال حركة العلاقات المتبادلة بين أطرافها، في كل الاتجاهات، ومن خلال القدرة عل قياس مدى التأثير بين هذه الأطراف. ناهيك عن أن كثيرا من الفعاليات الافتراضية جاء ارتجاليا وشعبويا بهدف إثبات الوجود لا أكثر، أو حبّ الظهور لا غير. ومعظمها يفتقر إلى رؤية واضحة أو برنامج أو مشروع ثقافي متصل ومتواصل ومجهز ببنية تحتية ملائمة، ربما باستثناء عرض الأفلام على القنوات المتخصصة والتي يتم عرضها على هذا النحو منذ وقت طويل قبل الجائحة. ودون تعميم، فإن ما جرى أشبه ما يكون بتسلية معدة على عجل في محاولة لاستغلال ما هو متاح من تكنولوجيا، والذي يقع أحيانا من متطفلين لا شأن لهم بالهمّ الثقافي الجاد.
 
ومن جانب ثانٍ يمكن القول، إن العالم الافتراضي يتوفر على إمكانيات كبيرة لا بد من استغلالها، سواء في الظروف الطبيعية أو في الظروف الاستثنائية، وهو أمر يجب التفكير فيه بعد هذه التجربة القاسية مع حالة الحجر التي عشناها جميعا.، والتي تأخذنا طوعا أو كرها إلى مساحة العالم الافتراضي وتحتم علينا النظر إلى هذه المساحة بجدية والتحرّك فيها لاستدامة الفعل الثقافي بشروط جديدة. وذلك بعد أن ننتهي من حالة التخبط والارتباك التي اعترتنا في مواجهة التحدي الوجودي الذي فرضه علينا هذا الفيروس غير الرحيم.
 
 الدكتور نضال الشمالي:
 
الثقافة فعل لا يمكن أن يحدّ منه فقر أو حرب ولا حتى جائحة، شرط أن يكون هناك جمهور يحتاجها ويستهلكها ويبذل من أجلها. والظرف الأخير الذي مررنا بها خلال الشهرين المنصرمين كان مستجدا وغريبا، بات الحليم فيه حيرانا، إلا أن حضور التكنولوجيا الرقمية بأنواعها وبما تقدمه من خيارات تواصلية مع الجمهور كان لافتا بتوافره ربما أكثر من الحاجات الأساسية الأخرى. لقد حققت التكنولوجيا الرقميّة حضورا على صعيد المادة الثقافية المتاحة، والمواد التعليمية، ومناقشات الأطاريح الجامعية عن بعد، والمنصات الثقافية، والصحافة الإلكترونية، والندوات الثقافية المباشرة والمسجّلة.
 
لكن الفعل الثقافي الافتراضي عبر البث المباشر كان أمرا مستجدا لم يغر الجمهور بتتبعه، ربما لعدم إيمانهم بجدواه على هذا النحو، أو لصعوبات تتعلق بخبرة التتبع والربط والاكتساب. أو لتراجع أهمية الفعل الثقافي لدى السواد الأعظم من الجمهور، فلا يبقى إلا النخب ومن هذه النخب قلة ممن يجيدون التعامل مع الثفافة الإلكترونية المعاصرة. إن فجائية الانتقال نحو ممارسة الفعل الثقافي المباشر افتراضيا قلل من فرص رواجه على هذا الصعيد الحي، أما على الصعيد الثابت من الفعل الثقافي، كالكتاب الإلكتروني أو الصحيفة الإلكترونية فكان هناك تقبل واضح من الجمهور لاعتياده هذا النمط من النقل قبل جائحة كورونا.
 
فإن ربط الفعل الثقافي الافتراضي بحدوث ظرف استثنائي لتفعيله سيكون مسألة غير ذات جدوى إلا إذا استمر مثل هذا الفعل في الظروف الاعتيادية وما يحققه ذلك من مكاسب على صعيد تقارب المثقفين المنتمين لأماكن جغرافية متباعدة، وتشجيع الحضور على التواجد دون بذل جهد في التنقل، وإتاحة مشاركة الجميع بآرائهم، وتوثيق الفعالية الثقافية إلكترونيا لتسهيل استحضارها عند اللزوم.
 
 الشاعر الدكتور عمر العامري:
 
لا شك بأننا في عالم تسيطر عليه التكنولوجيا التي حولت العالم الواسع إلى قرية صغيرة. ومن بين تجليات التكنولوجيا استحداث ما يسمى بالعوالم الافتراضية، التي اجتاحت مرافق الحياة وحقولها كافة. ونحن، بحسباننا مثقفين، ليس بوسعنا إلا أن نكون جزءا من هذه المنظومة بأطيافها المتنوعة وشرائحها المختلفة، ولا يمكننا الانسلاخ منها لنبقى قابعين في بروج عاجية، «في انتظار ما لا يجيئ».
 
من هنا عمدت كثير من المؤسسات الثقافية في ظل جائحة كورونا التي اجتاحت العالم بأسره وعطلت عجلة الحياة بأشكالها المختلفة- ومن بينها الثقافية- عمدت إلى إقامة نشاطاتها من خلال هذا العالم الافتراضي، وهذا في رأيي عمل يشكرون عليه. فمن طبيعة الإنسان أنه يتواءم مع ظروفه المستجدة بطرائق متعددة ليحقق لنفسه ولمجتمعه وللعالم الذي يعيش فيه جرعة الحياة والحب والسلام التي هي من أهم ما تضطلع به الفنون بمختلف أجناسها سواء في ذلك الأدب أو الفنون الأخرى كالفن التشكيلي والمسرح والسينما وغيرها من أشكال الإبداع. وقد أسهمت هذه التقنيات- في تقديري- في كسر صلابة العزلة وتحقيق نوع من الانفتاح الروحي لدى المهتمين من أبناء المجتمع باجتراح هذه البيئة المجتمعية ومشاركتها وتفاعلها لمحاكاة الواقع وتحقيق أهدافها السامية التي تسعى إلى بثها في المجتمع.