الغد-يديعوت أحرونوت
ناحوم برنياع - 20/12/2024
السيطرة الإسرائيلية على أراضٍ في داخل سورية حذرة وعاقلة. هكذا في هذه الأثناء. إذا سرنا من الشمال إلى الجنوب على طول الخريطة سنجد تواجدا للجيش الإسرائيلي في سلسلة جبل الشيخ السوري والسفوح الشرقية للجبل، حتى أطراف قرية الحضر الدرزية. سيطر الجيش الإسرائيلي على مفترقين في مدخل القنيطرة لكنه لم يدخل القنيطرة القديمة أو الجديدة. قوة أخرى تموضعت في تل كدنه أمام البلدتين حسينية وكيشيت في هضبة الجولان. قوة ثالثة تموضعت فوق حمات غدير (الحمة السورية). في كل المناطق التي تم الاستيلاء عليها لا يوجد سكان، باستثناء بضع عشرات السوريين الذين تبقوا في قريتين صغيرتين غربي القنيطرة.
توجد رؤية؛ توجد أمانٍ؛ لا يوجد احتمال عملي. الأمنية هي أن نرى سورية تنقسم إلى بضعة جيوب من الحكم الذاتي، كل جيب وطائفته. الأكراد في الشمال الشرقي، الدروز في الجنوب، العلويون في الشمال الغربي. المرشحون الأوائل للانقسام هم الدروز.
أول من طرح الرؤية الدرزية كان يغئال الون، قاد البلماخ وأحد المبادرين الكبار في علاقات إسرائيل والمنطقة. الون اقترح بعد حرب الأيام الستة أن تشجع إسرائيل الدروز في جبل الدروز على إقامة دولة خاصة بهم، ترتبط بالجيب الدرزي، قرية الحضر ومحيطها، في شمال الهضبة. هذه رؤية، بالتوافق مع 2024. في جبل الدروز (منطقة السويداء) يعيش نحو 300 ألف درزي. حافظوا على ولائهم لنظام الأسد، لاعتبارات البقاء. الحكم السوري الجديد، الجهادي، لم يعين بعد حاكما للمحافظة، فهو مشغول بالتثبت وبالشرعية.
لكن توجد احتكاكات أولية. درزي من الحضر نزع قبل بضعة أيام إلى كرم الزيتون خاصته. حاجز للنظام الجديد أوقفه على الطريق. إلى أين تسافر، سألوه. إلى كرم زيتوني، قال. كان لك في النظام السابق، قالوا، لكنهم تركوه.
قافلة من 200 سيارة، تندرات وجيبات كلهم من رجال هيئة تحرير الشام، الحكام الجدد للدولة، نزلت يوم السبت الماضي من دمشق جنوبا. وصلت القافلة إلى درعا. في جبل الدروز سجل قلق: فهم من شأنهم أن يتوجهوا يسارا إليهم. في النهاية اكتفوا بإظهار السيادة وعادوا إلى دمشق.
الدروز، كما هو الحال دوما، منقسمون فيما بينهم. يوجد دروز يتطلعون للمساعدة والحماية من إسرائيل ويوجد من يبتعدون عنها كالنار. مصدر في الجيش ذكر لي هذا الأسبوع بأن كل أعمال الإرهاب التي خرجت من سورية إلى إسرائيل، بما في ذلك عملية سمير قنطار، بدأت في الحضر. لا يوجد اليوم حضور للنظام السوري الجديد في القرية. كما لا يوجد حضور إسرائيلي.
الأكراد ردوا على انهيار نظام الأسد بتوسيع المنطقة بسيطرتهم، في شمال سورية. حرب بين فصيليهم وضغط تركي دفعاهم لأن يعودوا ليتقلصوا. هم يتطلعون إلى مساعدة إسرائيلية. المنطقة الأكثر إقلاقا من ناحية إسرائيل، هي جنوب هضبة الجولان. في الماضي كان فيها حضور لمنظمة جهادية مقربة من داعش. رجالها امتنعوا عن الصدام مع إسرائيل. هم لم يختفوا: الآن، حين يكون الجهاديون يسيطرون في دمشق. هم كفيلون بأن يفاجئوا من جديد. ويوجد أيضا فلسطينيون في الجنوب. نحو ألف من الجهاد الإسلامي ومئات الحماسيين. بعضهم مسلحون بالصواريخ. يتواجد مقاومو حماس بين أولئك الذين حررهم النظام الجديد من السجن. في نهاية 2026 يفترض بالأميركيين أن يغادروا العراق.
في الخلاصة، إسرائيل راضية عن انهيار النظام في سورية ومن تداعياته على لبنان وعلى المنطقة كلها لكنها قلقة من تثبت النظام الجديد. مغازلات الجولاني، رئيس النظام الجديد، لحكومات غربية، تصريحاته المعتدلة تجاه إسرائيل لا تهدئ روع أحد. تعلمنا في 7 تشرين الأول (أكتوبر) بأن النوايا ليست مهمة - مهمة هي القدرات. قال لي مصدر عسكري. تصور أنه مثلما نزل نحو 60 ألف جهادي من إدلب إلى حمص ومن هناك إلى دمشق سينزل 60 ألف جهادي من دمشق ومن هناك إلى هضبة الجولان. في رأسه، وفي رأسي أيضا، جاءت الصور من الغلاف.
الحدث المغطى إعلاميا على إحدى قمم جبل الشيخ السوري سعى لأن يطلق رسالة للنظام الجديد ولأنظمة عربية أخرى: إسرائيل هناك. في الوضع الناشئ الرسالة ضرورية، بل وربما حتى حيوية. لكن نتنياهو مثلما هو نتنياهو: لا يمكنه أن يفعل شيئا صحيحا من دون أن يرفق به مناورة صغيرة لإنزال الأيدي للقضاة في محاكمته ومن دون أن ينظم حوله احتفال احتلال زائدا. لا يوجد ما يدعو إلى تزوير مداولات لساعات على قمة جبل أجرد: المداولات الجدية تجرى في الغرف المغلقة. أمام الشاشات والعروض. لا يوجد ما يدعو إلى جر رئيس الشاباك ورئيس الأركان إلى هناك. الحياة ليست نزهة منظمة.
يوجد شرق أوسط جديد، لكن لا أحد يعرف ماذا ستكون عليه طبيعته، وماذا سيكون مكان إسرائيل فيه وماذا ستكون احتياجاتها الأمنية. الحكومة أقامت لجنة برئاسة يعقوب نيغل، رجل ثقة نتنياهو، لفحص ميزانية الدفاع في العهد الجديد. تواصل الحرب يثير توقعا لميزانية دفاع موسعة. الماضي يفيد بدرس آخر: تضخيم ميزانية الدفاع إلى حجوم وحشية بعد حرب يوم الغفران تبين كخطأ فتاك. فتح عشر سنوات ضائعة في اقتصاد إسرائيل.
نائب رئيس الأركان أمير برعم. قال أمام اللجنة إن الأساس الأفضل هو ميزانية دفاع بمعدل 5.8 % من الناتج القومي الخام، 148 مليار شيكل. الأساس الحالي هو ميزانية بحجم 5.1 % من الناتج، 132 مليار شيكل. لا تتحدثوا فقط عن احتياجات الأمن الجاري. تحدثوا عن أمن أساسي، عن الأزمة الخطيرة في القوى البشرية، عن التردي في مكانة مقدمي الخدمة الدائمة. عن عالم فقد استقراره، آخذ في التسلح، عن الحاجة لإنتاج الكثير جدا من الذخيرة هنا، عن الفرص التي تفتح.
حجم ميزانية الدفاع لن يتقرر في المقالات في الصحف. كل رقم في هذا الحديث يبدو خياليا، وكبيرا على الدولة وعلى مواطنيها. الأمن الأساس هو تعليم ورفاه وعمل. في النهاية البطانية قصيرة: جميل أن يعترض صاروخ حيتس 3 صاروخا حوثيا، لكن كل صاروخ كهذا يكلف 4.5 مليون دولار.