Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-May-2020

مثقفون: الاستقلال تاريخ من النهضة والثقافة والمعرفة والتنوير

 الدستور– نضال برقان

 
سطر الهاشميون، قبل أربعة وسبعين عاما، أجمل العناوين في تاريخ الأردن، كان ذلك في الخامس والعشرين من أيار 1946، حيث تم في هذا التاريخ الأكثر إشراقا في حياة الأردنيين انعقاد المجلس التشريعي، وتم فيه اتخاذ القرار التاريخي بإعلان استقلال الأردن دولة مستقلة استقلالا تاما، والبيعة للملك عبد الله بن الحسين الأول مؤسس المملكة ملكا للأردن.
 
وقد عزز استقلال المملكة، في نفوس الأردنيين، تلك الهوية الجمعية التي نهلت من الثقافة العربية الإسلامية، وتأصلت في مبادئ الثورة العربية الكبرى ورسالتها الوحدوية.
 
وقد اهتمت الدولة الأردنية، منذ تأسيسها، بالشأن الثقافي؛ إذ كان جلالة الملك المؤسس يجمع في ديوانه الأدباء والشعراء والمفكرين ويستمع إلى آرائهم السياسية وفي مختلف القضايا التي تهم الدولة، عدا عن اهتمامه بالشعراء ممن كانوا ينضمون إلى مجلسه ليتبادلوا الشعر في مناظرات ومساجلات شعرية، فقد كان الملك المؤسس شاعرا يجيد نظم الشعر ويبرع في قصائده التي كانت تتنوع موضوعاتها بين السياسة والأدب وما تحويه من أبعاد قومية.
 
«الدستور» في هذا اليوم التاريخي استطلعت بعض آراء المثقفين والمبدعين وسألتهم أهمية الاستقلال وماذا يعنى لهم؟ فكانت هذه الرؤى..
 
 الشاعرة والتشكيلية غدير حدادين: وطني عشقي الحقيقي أحبك يا وطني!
 
فأنت وحدك والكتابة عنك، وعنك وحدك عشقي الكبير.. أهيم في التفاصيل عندما تتشكل حروفاً، وتغدق الروح والحياة على الورق ولون السماء وخضرة الحقول وضحكات الأطفال.. هي لحظات أستعيد فيها العافية، وأعيد تجديد الحياة في دواخل الذات، أستعيد بك إشراقات الأمل وأهزم اليأس والأحزان.. حين أفكر بالكتابة عن وطني تضيق بي الأبجدية ولا تكفيني الكلمات في القواميس، فقاموس العشق ترتوي كلماته وتزهر معانيها من روح قداسة هذا الوطن، الذي يملأ دوماً لهفة روحي ويسند إرادتي.. يشكِّل وجداني وخيالي.. يملأ شراييني وأوردتي بصفاء محبته..
 
حين أكتب عن الأردن وطني تفيض بي الأمومة وترشح حنيناً وعشقاً سرمدياً وأزلياً ممتداً عبر الزمان.. كأنه الارتواء بعد العطش.. أشعر بأرواح الشهداء الأبطال، الذين رحلوا بأجسادهم لكن أطيافهم تعيش بيننا، تحمينا من التراجع والتقهقر إلى الوراء، من السقوط في مهاوي الهلاك.. الأردن بلدي.. بلدي الذي لا يخاف البرد ولا الرصاص ولا الظلام.. بلدي الذي أعشقه كعشق الشجر للشمس والمطر... وأعيشه حالة من الاستغراق الجميل في معانيه، أدمنه وأهيم به حاضراً في كياني.. الأردن حبيب أهديه كل الأهازيج والأغنيات والفرح منسوجة من هُدب الشرفاء.. وأنشده أردنّيْ الأبي.. الرحيل عنك مستحيل.. وعدم الإيمان بك ضعف.. فأنت للأوطان وطن النخوة.. ينتشل الناس من اليأس عندما تلوح بوادره في أفق العالم.. أنتَ نحن.. ونحن الأردن.. أنتَ الشرف ورمز التضحية والفداء.. فجنودك، جنود الوطن هم تحيتنا.. هم الأمان والسلام على أرضنا.. ونحن الأحياء في قلبك، ومن يحيا في قلب وطنه لا يموت.. طالما لم يهب روحه إلا لمجد هذا الوطن وهامته مرفوعة لا ينحني إلا ليقبِّل ترابك الطهور.. ذلك هو العاشق الحقيقي.. وأنت العشق الحقيقي يا أردن الشرف والكرامة والحرية.
 
 الأديب نايف النوايسة: الاستقلال والمنجز الحضاري للبلاد
 
أمام ذكرى الاستقلال أقف مطولاً كعادتي مع هذه الذكرى، وبين يدي مفاهيم تُلح على الخاطر هي: الحرية والسيادة والاستقلال، وتتطارح الأسئلة أمام هذه المفاهيم: هل تصح الحرية بدون سيادة واستقلال؟ وهل تكون السيادة متحققة بدون استقلال وحرية؟ وأي استقلال الذي يجري الحديث عنه دون الحصول على الحرية وامتلاك السيادة.
 
ثلاثة مفاهيم لا يتحقق أحدها دون الآخرَين، ولعل الفاروق عمر بن الخطاب/ الخليفة الثاني قد حسم هذا الأمر في عبارة وجيزة خالدة: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً!؟
 
كل هذا المهاد يقودني إلى أن الإنسان يُولد حرًا وتشرّب الحرية منذ اللحظات الأولى في المهد، وفي سنواته التالية يتم تدجينه على استساغة القيود لتكون حريته ضمن أطر مقننة وسياقات مسؤولة، من أجل توظيفها للصالح العام بعيداً عن الهوى والأنا الضيقة، بحيث يرتبط بها توجيه الطاقة الإيجابية للبناء لا للتدمير.
 
هذا الذي ذكرته مهم جداً لوعي معنى الحرية المتصل بالسيادة والاستقلال، من هنا أطرح السؤال الآتي: هل إنساننا الذي يحتفل بالاستقلال حرٌ وفق ما حدد الفاروق عمر رضي الله عنه المعنى الحقيقي للحرية؟ أي هل الجميع في بلدنا أمام مفهوم العدالة والقوانين متساوون؟ هي أسئلة مشروعة والإجابة عليها مهمة من أجل النظر في (جوّانية) الاستقلال لا مجرد الاجترار الانفعالي للذكرى والسباحة على سطحها الهادئ؟!
 
وفي النظر الثقافي أن سيادة أية أي أمة لا تكتمل إلا بسيطرتها على قرارها السيادي وأوج القرارات كلها هو الفضاء الثقافي الذي يتشكل فيه الإنسان من منطق أن معادلة الحضارة تقوم على ثلاثة عناصر هي: الإنسان والتراب والزمن، من دون ذلك لا يستطيع الإنسان المثقف أن يصنع شيئاً لتنشيط شعور الأمة بأهميتها وبناء الوعي بخطاب عقلي على أصول راسخة ضاربة في الهوية الثقافية الأصيلة، باعتبار أن الإنسان بأساسه هو مشروع ثقافي، لأن الله سبحانه وتعالى قال: «إني جاعل في الأرض خليفة»، والخليفة هو الذي يبني ولا يهدم ويصلح ولا يفسد، ولا يستطيع الإنسان مهما كان أن يصنع شيئا إن لم يكن حرا، والإنسان الحر هو الذي يمتلك الإحساس الثقافي القادر على البناء.
 
من هذه الزاوية أنظر إلى الاستقلال، فإذا لم يتوفر للإنسان قدرته على التعاطي الثقافي فهو ما يزال مستعمرا ثقافيا على رأي المفكر الجزائري مالك بن نبي.
 
نحن بحاجة إلى ترجمة معاني الاستقلال في رحلة تقييمية للمنجز الحضاري في البلاد ومراجعة كافة المفاصل المؤثرة وعلى رأسها بؤر الفساد، وأمر مهم لا بد ذكره في هذه المناسبة هو: نحن وفلسطين صنوا حرية، فعلينا أن لا ننسى قضيتنا الأولى (فلسطين) وتحريرها من المحتل فهي المعنى المقدس للحرية عند كل إنسان عربي ومسلم.
 
 الناقد والأديب محمد المشايخ: الأردن في الصدارة دائما
 
أربعة وسبعون عاما من النهضة والثقافة والمعرفة والتنوير، أربعة وسبعون عاما والجباه عالية، والهامات مرفوعة، والأردن في الصدارة دائما، باعتباره وطن الرسالة والمبادئ السامية التي بزغ فجرها عبر الثورة العربية الكبرى صبيحة العاشر من حزيران عام 1916 في بطحاء مكة وتردد صداها في أرجاء وطننا العربي لتستعيد هذه الأمة دورها التاريخي بين الأمم وتمتلك القوة والعزم.
 
بكل فخر وعز وكبرياء، يستقبل مثقفو المملكة، الذكرى الرابعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، وهي مناسبة غالية وسعيدة، مناسبة تسترجع عبق التاريخ، وتسطر بأحرف من نور، عطاء الهاشميين المتواصل، من أجل نهضة الأردن الغالي، وبنائه وفق أسس راسخة في الوجدان، عمادها الديمقراطية، وهدفها تحقيق التقدم والازدهار، بعيدا عن الخضوع والتبعية، وبعيدا عن الوصاية أو التدخل الأجنبي، إن الاستقلال بالنسبة لهذا الحمى الهاشمي، يعني اتصال الماضي بالحاضر، عبر سلسلة متواصلة من الإنجازات والمواقف الوطنية والقومية التي تدعو للفخر والاعتزاز وتقديم العبرة للأجيال.
 
إن المبدعين الأردنيين، الذين يساهمون في نهضة الحياة الأدبية العربية، والذين لم يتوقفوا لحظة عن مواكبة العصر والمساهمة في الارتقاء بانجازاته، ورسم معالم صورته الناصعة المشرقة، هم العنصر الأساسي والمهم بل والأهم ضمن العناصر المحدودة التي تتشكل منها حياتنا الأدبية المحلية، ويتعزز استقلال المملكة من خلالها.