الغد
يديعوت أحرونوت
بقلم: آفي شيلون
الجريمة في الوسط العربي تستوجب معالجة عميقة وفورية قبل كل شيء؛ لأن العرب مواطنون لا يمكن أن يبقوا سائبين دون اهتمام سلطات القانون. كلما كانوا سائبين فإنهم سيتنكرون للدولة أكثر.
السبب الثاني هو أن ما يحصل الآن في الوسط العربي سينزلق في المستقبل إلى الوسط اليهودي أيضا. فالجريمة ليست أمرا يمكن حصره في حدود ما، وبقدر ما تتعاظم الجريمة في الوسط ومن خلفها يتراكم مزيد فمزيد من المال، فإنها بشكل طبيعي ستتجه إلى الجمهور المستهدف التالي، الوسط اليهودي. ولما كان في الخلفية يوجد أيضا النزاع القومي، فإننا نكون أمام وصفة خطيرة لمستقبل الدولة وسكانها جميعا.
كان يجمل بالشرطة وغيرها من السلطات أن تنجح في القضاء على الجريمة. لكن إذا كانت غير قادرة، فإن مشاركة الشباك ستكون في صالحنا جميعا، عربا ويهودا على السواء.
أحد الأمور الخفية عن العين في كل ما يتعلق بتعقيدات العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة يرتبط بأنه بالنسبة لدول عديدة في العالم، إسرائيل هامة ليس فقط بأنها قوية بحد ذاتها بل وأيضا لكونها مفتاحا للبيت الأبيض. هكذا، مثلا، بعض رغبة الرئيس المصري، السادات، بالتوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل كان يكمن في رغبته في التقرب عبرها من الولايات المتحدة. كما أن مفاوضات السلام التي أجراها الأسد الأب مع إسرائيل في التسعينيات كان يمكن فهمها أساسا كرغبته في التقرب من واشنطن عبر القدس وليس بالذات انطلاقا من تطلع صادق للتوقيع على اتفاق مع إسرائيل.
الاعتقاد بأن إسرائيل هي المفتاح للولايات المتحدة يقوم أيضا على أساس آراء مسبقة بشأن القوة اليهودية في أمريكا، وكذا على أساس تحليل عقلاني للواقعية السياسية، التي استوعبت القرب الحميم لإسرائيل من القوة العظمى الأكبر في المعمورة.
ما يجري تحت إدارة ترامب يغير الميل في هذا السياق أيضا. بمعنى، إسرائيل ما تزال الحليف الإستراتيجي الأقرب للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكن تحت ترامب تصدعت قدرة الوصول إلى أميركا. فمثلا، كل زعيم عربي يريد أن يتقرب من ترامب – انظروا مثلا الجولاني في سورية أو أمير قطر – وللولايات المتحدة مصلحة في العلاقات معه، يتلقى قدرة وصول مباشرة إلى البيت الأبيض. التغيير في مكانة إسرائيل في البعد الأقل رواجا من شأنه أن يضعفها في المستقبل، وعدم القدرة على منع بيع طائرات إف-35 للسعودية ولتركيا هو فقط الطرف البارز والني لهذا الميل. 3- عُلِمَ هذا الأسبوع أن إسرائيل ستطلب إلغاء مكانة اللجوء للفلسطينيين الذين يسكنون في الضفة وفي غزة مقابل أن يسمح للسلطة بالمشاركة في إدارة القطاع. يوجد منطق سليم في مطلب إلغاء مكانة اللاجئين الذين يعيشون عمليا في بلادهم وليس خارجها كلاجئين.
لكن هذا المطلب لن يكون ذا مغزى إلا مقابل استئناف المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين. وإلا فإن موضوع اللجوء سيبقى لعبة اتهامات وتناكف بين الفلسطينيين، الذين يصرون على الحق في مكانة لاجئ حتى لأبناء الجيش الرابع، وبين الإسرائيليين، الذين يصرون على إلغائه دون إعطاء المقابل الوحيد الذي يمكنه أن يُصفي هذه المكانة بالفعل: الاستقلال.