الغد-يديعوت أحرونوت
بقلم: هدار غيل - عاد 26/9/2023
كان هذا يوم غفران حزين على نحو خاص، ربما الأكثر حزنا الذي نشهده. في السنوات الأخيرة، منذ أن خرجت صلوات يوم الغفران من الكنس وبدأت تجري في الحيز العام تحت السماء، ميدان ديزنغوف، الذي هو حي علماني في جوهره، أصبح رمزا وقدوة للتسامح، الاحترام المتبادل والتعايش. كانت الصلوات تجري على جانب الميدان، بينما في الخلفية عائلات تتنزه واصوات الأطفال الفرحين الذين يركبون الدراجات الهوائية. تقاليد علمانية الى جانب تقاليد دينية، بالضبط مثلما هو الفسيفساء الإسرائيلي يفترض أن يكون. كانت إمكانية للصلاة بانفصال، وكانت إمكانية للعائلات الصلاة، او لمجرد الاستماع للصلاة معا. كل بإيمانه يعيش، لا احد يفرض شيئا على احد.
لكن هذه السنة اخترقت هذه الآلية الجميلة والرقيقة بوحشية. منصة ضخمة أغلقت الميدان، وعلقت اعلام إسرائيل لاجل خلق فصل بين المصلين الذين سعوا الى تقسيمهم الى قسمين. قلوبنا، نحن سكان الحي، حطموها الاف الأجزاء، اعرف ان أحدا لا يريد ان يقضي يوم الغفران، الذي يفترض أن يكون يوم هدوء في المظاهرات، بهتافات "يا للعار". لكن هذا اكثر من التجاهل بفظاظة لقرار المحكمة الذي قضى الا تجرى صلاة بانفصال في الحيز العام، كما أن هذا اكثر من الاستخفاف بالقانون – هذا هو دوس بالعنف على تقاليد وقيم الناس. هذه محاولة لاقصاء عائلات كاملة عن حيزها العام، عن ايمانها، عن الشكل الذي تختار فيه احياء العيد. وكما هو متوقع في رده امس اختار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل الخرق الفظ لقرار المحكمة مثلما هو لمعظم مواطني إسرائيل الذين يشعرون ان صوتهم لا يسمع في الحكومة التي أقامها. حكومة تفضل بشكل ممنهج حقوق الأقلية على حقوق الأغلبية. وبالفعل، تتجاهل أيضا حقوق النساء. فعقب قائلا: "في دولة اليهود بالذات، في اليوم الأكثر قدسية للشعب اليهودي متظاهرون يساريون يشاغبون ضد اليهود في اثناء صلاتهم. يبدو أنه لا توجد حدود، لا توجد أنماط سلوك ولا يوجد قيد للكراهية من جانب المتطرفين من اليسار".
أمس، في موعد قريب من خروج الغفران، سرت الى الميدان محطمة القلب، الميدان إياه الذي تصدر منه كل سنة في هذه الساعة نغمات الصلاة الى جانب نغمات العائلات والأطفال الضحكين، وهذه السنة سمعت منه أصوات الجدالات اللاذعة. أوضح لي في حينه ان هذا ليس صراع يسار ضد يمين، كما أنه ليس صراع متدينين ضد علمانيين. هذا صراع على المساواة في الحقوق. وكلما اقتربت وسمعت الحوار بين الطرفين اتضح لي بان الفجوة التي تنبع في أساسها من القيادة التي تنمي خطاب الكراهية، ليست كبيرة. صحيح أن هذا ما بحثت فيه المحكمة لكن هذا ليس صراعا على الفصل في الحيز العام، هذا صراع على المساواة، وليس فقط المساواة بين الجنسين بل على المساواة في الحقوق. هذا صراع من جمهور كامل يطالب بقبول القيم، الأعراف وانماط الحياة لديه. أن يسمحوا له بأن يحيي الأعياد بالشكل الذي يؤمن به. ان يصل بالطريقة التي يؤمن بها وأن يربي اطفاله على القيم التي يؤمن بها. ان يتحرك بمساواة في الحيز العام. ان يسمحوا له ان يتزوج حسب إيمانه، وان يتطلق حسب إيمانه. ونعم، أن يسافر في السبت أيضا. أن يتقاسموا معه العبء بمساواة. المأساة هي أنه كلما عمقت الحكومة الفجوات وقضمت من هذه الحقوق، فإن القدرة على التعايش واحتواء احتياجات الآخر ستتقلص فقط.