Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Jul-2019

شارلي شابلن.. لماذا قال «وداعاً لأميركا»؟*يوسف عبدالله محمود

 الراي-ما من مثقف في هذا العالم لم يسمع بالممثل الكوميدي شارلي شابلن. هذا الممثل الذي اضحك بحركاته وقفشاته الملايين عبر الشاشة الصغيرة كان في اعماقه يشعر بالمرارة!

 
في حوار بينه وبين اندريه غروميكو حين كان هذا الأخير مندوباً لبلاده في الأمم المتحدة ولدى تعرّفه عليه شخصياً يروي شارلي شابلن وبكل مرارة حكايته المأساوية مع السلطة الأميركية. يلاحقوني في اميركا لأني احمل قناعات معينة في فنّي لا يشاطروني الرأي فيها. لهذا السبب قررت مغادرة الولايات المتحدة الأميركية. لقد اتهموني بالتهرب من دفع الضرائب، وأنا بالطبع لم اخالف اية قوانين، لكن القوانين في الولايات المتحدة مُركبة بشكل يسمح للسلطات بإغراق اي شخص بريء.
 
من اجل هذه الاسباب وجدتني مضطراً ان اقول للولايات المتحدة: وداعاً! (كتاب اندرية غروميكو: من الذاكر، نقله الى العربية د. محمد احمد شومان، الناشر: مكتبة الفارابي، بيروت، ص 228)
 
وفي تعليقه على ما سمع من شابلن يقول غروميكو كنت اعلم ان بعض الأوساط الأميركية تعتبر شابلن يسارياً راديكالياً منذ مدة طويلة بل حتى شيوعياً. (ص 229)
 
بالطبع ينفي شابلن ان يكون شيوعياً، هذه الشريحة من الانتلجنسيا المستينرة كانت وما زالت تجد مقاومة من السلطة في بلادها. شابلن كان في تمثيله يحمل مضموناً انسانياً.
 
في تعليق آخر ساخر يقول غروميكو معلقاً على حكاية شابلن الدرامية: إن الممثلين حتى الاكثر موهبة لا يحددون التوجه الاجتماعي لصناعة السينما الاميركية، فَ: المستر دولار هو الذي يوجهها في نهاية الأمر. (ص 229)
 
ربما كان شابلن وآخرون من شرفاء الكلمة هم الاستثناء! شابلن ادرك عبر مسيرته الفنية ان عليه واجباً انسانياً يُربي في الانسان الشهامة والعدالة واحترام الآخرين. (ص 230)
 
وحين سأله غروميكو بخبث: من أنت الآن؟ أميركي ام بريطاني؟ وكان قد طرح عليه هذا السؤال حين التقاه ثانية في بريطانيا التي هاجر اليها، أجابه: ربما الاصح انني لست أميركياً. (ص 227)
 
وبقرف تابع شارلي شابلن كلامه قائلاً: لقد بلغت حد القرف الآن كون خصومي يرمون بأوساخهم على رأسي منذ عدة أعوام، ولا استطيع ايجاد تفسير لذلك. (ص 227)
 
وبعد، إن الفن الرفيع الذي يخاطب انسانية الانسان، ويعري ما في الحياة من متناقضات مُضارٌ في عالمنا اليوم.
 
شارلي شابلن الذي اضحكنا كثيراً هو نفسه الذي هز مشاعرنا الانسانية.
 
إن الفن الرفيع الذي يتغلغل في اعماق حياتنا الانسانية فاضحاً ما اصابها من زيف بات غير مُرحب به من قبل الانظمة الحاكمة إن في البلدان الرأسمالية او البلدان النامية التابعة لها.
 
الفن الهابط الذي يتملق الغريزة الجنسية ويهرب بالانسان من واقعه هو المهيمن اليوم، بالطبع هناك استثناءات.