العرب اليوم-إذا كان المذهب الشيعي – الجعفري، واضحا ومحددا ومعروفا، وكذلك الإباضي والانشقاقات المذهبية الفرعية كلها، فمن هو السنّي وما هي محدداته الأساسية، خاصة إذا عرفنا أن واحدة من الدول الإسلامية الكبيرة التي تنسب نفسها للمذهب السنّي ليست سنّية وهي تركيا (خليط من أفكار أبو حنيفـــة وابن عربي والتصـــــــوف عموما) ولنا أن نسأل أي مواطن في أي بلد عربي ينسب نفسه لأهل السنّة، هل هو سنّي فعلا ووفق أي مذهب وإمام.

ما هي المسافات الضرورية بين أهل الرأي وأهل الحديث، والأئمة الأربعة أبو حنيفة المتساهل، ابن حنبل المتشدد، وإلى حد ما المالكي، والشافعي الذي يقف في المنتصف، وكذلك بين التقاليد العريقة لمدن معروفة مثل المدينة والكوفة والبصرة وما هي السياقات الاجتماعية والأنثروبولجية لذلك كما تساءل علي الوردي من قبل؟.

نسأل الجيمع بنوايا معرفية، وقبل الإسقاطات السياسية، لاسيما المحسوبين أو الذين ينسبون أنفسهم للسنّة، ولا يدرك بعضهم، ولا يعرف ما معنى أن يكون سنّيا، بل من هو السنّي؟

من جهتي ولدت من أبوين سنّيين أدّيا الفروض كلها، وزارا بيت الله الحرام في مكة، ولم يقولا مرة واحدة أو يفسرا أو يشرحا لي ما معنى أننا من أهل السنّة؟.

ولم أهتم كثيرا بهذه الأسئلة، ولم أبحث عن إجابات لها في ضوء المناخات القوميـــة – اليسارية من حولي، ولكنني شكلت أفكارا أوّلية مع مرور الزمن والقراءات والتجربة، وانتهيت إلى أنه إذا كان كل سنّي وشيعي هو مسلم بالضرورة، فليس ضروريا أن كل مسلم سنّي أو شيعي.

فالسنّة كما الشيعة مذهب في بحر عظيم هو بحر الإسلام، ولا يحق لأحد لا للسنّي أو الشيعي أن يحتكر الإسلام لنفسه.

ولا تزال الإشكالية الكبرى عند أهل السنّة الذين من الصعب تحديدهم قياسا بالمذهب الشيعي – الجعفري، الواضح المحدد.

فالإطار الواسع للأئمة والمدارس الفقهية وتقاطعها، وكذلك للكتلة السكانية وسياقاتها وتقاليدها وللتيارات السياسية في أوسعها يجعل الأمور أصعب وأعقد، وبهذا المعنى ما هو الموقف من الأئمة الأربعة الكبار أنفسهم: أبي حنيفة الذي يعتبر الإمام جعفر مؤسس المذهب الشيعي، أستاذه، الشافعي الذي يقف بين أهل الرأي والحديث، وابن حنبل الذي يبدو مرجعية ضيقة لأفكار ابن تيمية والوهابية، والمالكي الذي ظل أقرب إلى مناخات المدينة،(أهل الحديث) وهكذا.

وما هو الموقف من تيار مثل المعتزلة، وكان عنوان الدولة العباسية لسنوات طوال؟.