Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Jan-2018

تساؤلات مشروعة يطرحها العين د. عميش - يوسف عبداالله محمود

 الراي - «بقدر ما نصعد عالياً نبدو صغاراً لهؤلاء الذين لا يعرفون ان يطيروا» «نيتشه» في مقال له بعنوان «كيف بإمكاننا بناء مستقبلنا ونحن في وضع مأساوي» تم نشره في جريدة الرأي السبت 2 كانون الثاني 2018م. يطرح العين د. عميش يوسف عميش تساؤلات مشروعة «حول كيفية بناء

مستقبل عربي يُخرج أمتنا من «مستنقع» التخلف الذي تعيشه بالرغم من امكاناتها المالية.
برؤية ثاقبة وبذكاء لماح يطرح د. عميش تساؤلاته، يتساءل: كيف يمكن ان نجعل اقتصادنا ذا اولوية ما دامت سياستنا الخارجية محكومة ومسيطراً عليها؟ تساؤل مُلح يتكرر يعقب ذلك تساؤله الثاني: كيف نحقق لشعوبنا مصادر وجودها وحياتها وخاصة أمنها الغذائي والمائي؟ اما تساؤلاته الأخرى فهي حول كيفية الانتقال من الجهل الى عالم العلم والمعرفة.
وفي إجابته عن هذه التساؤلات جميعها يدعو إلى الاستثمار في الانسان اولاً لان الإنسان اثمن رأس مال اذا أُحسن خلق البيئة الملائمة لاستغلال قدراته ومواهبه، وللاسف فهذا مطرود عربياً.
يُعرّج د. عميش على «الاحداث القاسية التي نشهدها من حولنا»، وهو مُحق حين يخلص إلى ان هذه «الاحداث القاسية» ما كان لها ان تحدث لولا حالة الاستنقاع العربية التي تعيشها أمتنا العربية والتي تم استغلالها من الدول الامبريالية، حالة «الاستنقاع» بحاجة الى من يحرك المياه الراكدة.
الدكتور عميش يتطلع الى بناء مستقبل عربي يحررنا من «التخلف» والوضع المأساوي الذي تعيشه شعوبنا العربي. يخشى الكاتب في ظل هذا الوضع العربي المأساوي أن يجيء يوم تتحول فيه «الشعوب الضعيفة» بحكم تبعيتها للدول القوية العظمى إلى دول فاقدة للسيادة. كياناتها اشبه بِ«كنتونات صغيرة وضعيفة يمكن التحكم فيها».
اليس هذا ما تسعى اليه الامبريالية العالمية؟ أليس هذا ما نراه اليوم رأي العين؟ اليست هذه الصراعات الدائرة في كثير من اقطارنا العربية تعجّل في تحقيق هذا الهدف الامبريالي؟
د. عميش يريد لأمته العربية ان تتعافى من وضعها الكارثي. وفي تصوري ان هذا التعافي ممكن عربياً لو توفرت الإرادة العربية فلم تعد خاضعة لدول عظمى تسطو وفي وضح النهار على سيادتها الوطنية، فتحتويها.
ومع الاسف ما زال هذا متعذراً في ظل الانقسام العربي الى محاور يكره كل محور المحور الآخر، بل ويرجمه بأبشع النعوت!
صدقوني اننا كعرب قادرون لو خلصت نوايا القادة والزعماء العرب ان نوفر لشعوبنا الرخاء والاستقرار وأن نجتاز هذه المحنة.
صدقوني اننا قادرون لو خلصت النوايا ان نبني مستقبلاً عربياً باهراً لاجيالنا القادمة.
صدقوني اننا كعرب سنظل عبيداً ما دام هناك سيدٌ يأمرنا فنأتمر بأمره الظالم، بتنا أو بات الكثيرون منا كالقطيع يُساق!
ففي وصف واقعي مماثل للحالة المأساوية التي بعيشها الكثير من شعوبنا العربية والاسلامية اليوم نقرأ للمفكر الراحل د. صادق العظم قوله: «السلطة السياسية العربية في الوطن العربي اليوم تمارس تسلطاً وهيمنة وقمعاً على المجتمع المدني العربي اكثر شراسة ودموية مما عرفه على امتداد تاريخه الحديث والمعاصر، علماً بأن ذلك كله يجري باسم سياسة الانفتاح». (د. صادق العظم:
«ذهنية التحريم» ص 110.( ما ذكره د. العظم صحيح تماماً وهو يتماشى والسياسة الامبريالية العالمية التي هَمُّها ان يظل العرب في الدرك الاسفل يُمارس عليهم القمع من بني جلدتهم زعماء وقادة ممن يكرسون «التبعية البنيوية» للامبريالية. استثني الشرفاء منهم وما اقلهم في هذا الزمن الاغبر! ما قاله د. العظم يتوافق وما قاله العين د. عميش.
يبقى اخيراً ان أُشيد بكل ما ورد في مقال الصديق د. عميش، وهو الحريص على استعادة امته العربية لتماسكها ونبذ الخلافات الجانبية التي تؤدي الى التهلكة.
أثني على قراءته الصائبة والعميقة للواقع العربي الراهن والمتهالك. فهو بحق قد امتلك مبضع جرّاح ماهر من خلال توصيفه الدقيق لهذا الواقع وطرحه الحلول للخروج من حالته المأساوية تلك.
أُنهي بهذه العبارة الدالة لصادق العظم التي تنبأ فيها لما هو جارٍ اليوم عربياً على نحو ما اشار د. عميش. «لم يقع الوطن العربي في تاريخ الحديث فريسة سهلة للنهب الامبريالي والهيمنة الخارجية والتلاعب الايديولوجي اكثر مما هو حادث اليوم، مع العلم بأن ذلك كله يجري تحت شعارات حماية استقلال المنطقة العربية». المرجع السابق ص 109.
تُرى عن اية «حماية» نتحدث وكل ما حولنا بات مُستباحاً؟