Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Jan-2023

الغرب لم يعد يخشى انتصار أوكرانيا على روسيا

 الغد-دينيس سولتيس – (19 فورتي- فايف) 22/1/2023

 
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
هل تخلص الغرب من خوفه من انتصار أوكرانيا في الحرب مع روسيا؟ – لطالما تردد الغرب بشكل جماعي في تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية ربما تبدو تصعيدية في عين المعتدي الروسي وتعجل بقدوم ضربة نووية.
وتكمن المعضلة هنا في أن فعالية التهديدات النووية الروسية في إنتاج التردد والردع الذاتي الغربي (وهو أمر مفهوم بالنظر إلى العواقب الوخيمة المحتملة) تعطي موسكو حافزا لتكرار تهديداتها. وهكذا تأرجحت السياسة الغربية بين تقديم مساعدة عسكرية كافية لأوكرانيا لتجنب الهزيمة، وبين النوايا لتقديم مساعدة كافية لتحقيق نصر صريح. وكان مكمن الخوف الغربي السائد هو أن النصر الأوكراني الملحوظ، مثل تحرير متوقع لشبه جزيرة القرم، قد يدفع روسيا إلى توجيه ضربة نووية. وعليه، لم يستطع الغرب صياغة أهداف واضحة ورد منطقي على العدوان الروسي.
“رامشتاين 9” وأوكرانيا (1)
مع ذلك، ظهر تحول تكتوني في التفكير الغربي بشكل واضح من اجتماع “رامشتاين 9” لمجموعة الاتصال الخاصة بالدفاع عن أوكرانيا المكونة من 51 دولة في 20 كانون الثاني (يناير). وقد خلصت المجموعة إلى تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية ثقيلة بكميات تكفي لانتصار القوات المسلحة الأوكرانية، الذي يُفهم على أنه تحرير جميع الأراضي التي تحتلها روسيا حتى الحدود المعترف بها دوليًا للعام 1991. ويعتقد عدد من الخبراء الآن بأن احتمال قيام روسيا بتوجيه ضربة نووية ضئيل للغاية. وقد تحدثت كل من الصين والهند ضد الضربة النووية، وسوف يقيد حظر اقتصادي قد يفرضه العالم كله ضد روسيا يد الكرملين، ناهيك عن الأعمال العسكرية التي قد تقوم بها الولايات المتحدة أو دول حلف شمال الأطلسي.
تغيّر الرأي السياسي أكثر ما يكون في ألمانيا، التي كانت في يوم من الأيام الدولة الأكثر ترددا في إرسال المساعدة العسكرية إلى أوكرانيا، وأصبحت الآن واحدة من مقدميها الرئيسيين. ومع ذلك، لم توافق ألمانيا على السماح للدول المتحالفة التي اشترت مخزونات من دبابات “الفهد 2″، (Leopard 2)، بنقل هذه الدبابات إلى أوكرانيا. و”الفهد” هي الدبابات الأكثر توافرا بأعداد كبيرة، بالإضافة إلى كونها الأكثر ملاءمة للظروف الأوكرانية. وقد عرضت العديد من الدول الثلاث عشرة التي تمتلك دبابات “الفهد” المساهمة ببعض الدبابات؛ وأعربت بولندا عن استعدادها لإرسال 100 دبابة أو أكثر إلى أوكرانيا على الفور. وما تزال الحكومة الألمانية مترددة في الموافقة على عمليات النقل على الرغم من الضربة الصاروخية الروسية الأخيرة التي استهدفت مبنى سكنيًا في أوكرانيا، هذه المرة في مدينة دنيبرو، حيث قتل 44 مدنياً على الأقل وأصيب عدد أكبر.
بعد التطورات المثيرة للإعجاب في منطقتي خاركيف وخيرسون في أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر)، لم تتمكن القوات المسلحة الأوكرانية من المضي قدمًا بسبب عدم كفاية المعدات وضعف القدرة اللوجستية، والطقس الممطر، والتكتيك الروسي الناجح المتمثل في إلقاء حشود من المُدانين المدربين بالكاد أو غير المدربين وغيرهم من المهمشين اجتماعيا مقابل خطوط القوات الأوكرانية. وقد سمح هذا التكتيك، جنبًا إلى جنب مع تذبذب الموقف الغربي، للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن يبيع على جيشه والجمهور احتمالية تحقيق نصر روسي نهائي.
بينما تعثر تقدم القوات المسلحة الأوكرانية، نجحت الهجمات الروسية التي لا هوادة فيها على مدن دونباس في باخموت وسوليدار في الشرق، على الرغم من كونها مكلفة للغاية وتكسب القليل من الأرض، في منع القوات المسلحة الأوكرانية من شن هجمات في الجنوب. كما منح هذا الوضع الروس مساحة للتنفس ومجالًا لتدريب المزيد من جنود الاحتياط. وتوقع الكرملين تعبئة أولية لنحو 300.000 جندي، وربما يرتفع العدد إلى 500.000 أو أكثر بحلول الربيع أو الصيف، ليتم إضافتهم إلى ما يقرب من 150.000 أو 200.000 جندي موجودين بالفعل في أوكرانيا. وسوف يكون شن هجوم أوكراني في الربيع الآن أكثر صعوبة وتكلفة مما كان يمكن أن يكون في وقت أبكر.
مع ذلك، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي أعلن الجنرال الكبير في القوات المسلحة الأوكرانية، فاليري زالوجني Valeriy Zaluzhnyi، أنه من أجل شن هجوم كبير، تحتاج القوات الأوكرانية إلى طلب 300 دبابة قتال رئيسية إضافية، و500 قطعة مدفعية حديثة، و600 أو أكثر من المركبات القتالية المدرعة. وقد قطع اجتماع “رامشتاين -9” شوطًا طويلاً نحو تلبية طلب زالوجني، ويبدو أنه شكل نقطة تحول مهمة في السياسة الغربية بهذا الخصوص.
كان اجتماع “رامشتاين -9” حافلا بالأهمية السياسية. فهي المرة الأولى التي يرسل فيها الغرب معدات هجومية بشكل واضح وحيث تكون الكميات كبيرة. ويبدو أن الغرب قد تغلب على خوفه من انتصار أوكرانيا وتعهد بدعمها، ربما بطريقة لا رجعة فيها.
تكمن الأهمية العسكرية لنتائج الاجتماع المذكر في أن القوات المسلحة الأوكرانية ستتمكن على الأرجح من الوصول إلى ساحل بحر آزوف، وبالتالي إغلاق الممر البري الروسي المؤدي إلى شبه جزيرة القرم. وهذا الموقع الاستراتيجي الروسي في جنوب أوكرانيا ضعيف بطبيعته، حيث يتمدد فيه الجيش الروسي على جبهة طويلة وضيقة. وستحاول القوات المسلحة الأوكرانية إيجاد نقطة ضعف في الجبهة؛ وإذا نجحت في ذلك، فسوف تقسم الجيش الروسي إلى نصفين، بينما يتم عزل القوات الروسية غرب النقطة، وفي الجنوب في شبه جزيرة القرم، عن الإمدادات القادمة من الشرق.
يدرك الروس هذا الاحتمال. وبالتالي، تبدو محاولاتهم لتحصين ميليتوبول في الغرب وشبه جزيرة القرم في الجنوب فاترة. ومن المرجح أن تتركز الجهود الروسية الرئيسية في منطقة دونباس التي تشكل هدفًا سياسيًا لبوتين منذ أمد طويل، وإلى الشمال في منطقتي خاركيف وتشرنيهيف، المتاخمتين لروسيا واللتين توفران لوجستيات مواتية.
ولكن، بعد مرور ما يقرب من عام على بداية الحرب، تدهور الجيش الروسي بشدة. وفقد تقريبًا كل مجموعته التي بدأ بها من الدبابات الحديثة والعربات المدرعة. وتسببت قذائف المدفعية الكثيفة والعشوائية في تلف سبطانات قطع المدفعية بشدة وفقدان دقتها. كما فُقد العديد من صغار الضباط وأجزاء كبيرة من الجيش المحترف. ويبدو أن الروس محددون بثلاث استراتيجيات تتمثل إحداها في استمرار الهجمات الصاروخية المرعبة على المناطق المدنية الأوكرانية. وسوف تُشن هذه الهجمات بشكل خاص لأن أوكرانيا لن يكون لديها دفاع ضد صواريخ Kh-22 الأسرع من الصوت لعدة أشهر إلى أن يتم تثبيت وتشغيل عدد قليل من أنظمة “باتريوت” المضادة للصواريخ وتدريب الأفراد على استخدامها. وتتمثل الإستراتيجية الثانية في إخراج الدبابات ومعدات المدفعية القديمة من الحقبة السوفياتية من المخازن وتجديدها، لكنَّ هذا قد يكون صعبًا من الناحية الفنية.
تتمثل الإستراتيجية الثالثة -الرئيسية- في إلقاء حشود من جنود المشاة ضد خطوط القوات العسكرية الأوكرانية والتغلب على هذه الخطوط من خلال الوزن الهائل للأعداد فقط. وقد أظهر هذا التكتيك المكلف للغاية بعض النجاح في باخموت وسوليدار -النجاح بمعنى أن قوات المشاة الروسية أثبتت قدرتها على الاستمرار في الضغط على الرغم من الخسائر البشرية الهائلة. ويمكن للقيادة السياسية والعسكرية الروسية استخدام هذا التكتيك لأنها غير مبالية على الإطلاق بالخسائر. وحتى الآن، قام بالكثير من القتال والموت جنود من غير الروس من الشرق، مثل البوريات والأُدمورت (2)، ومن الجنوب، مثل الداغستانيين، والإنغوش، والشيشان القاديروفيون. وينضم إلى هؤلاء مجموعات من الروس المهمشين اجتماعيًا، القادمين من السجون ومن أطراف روسيا المنكوبة بالفقر، إلى جانب جنود ما تسميان بجمهوريتي لوهانسك ودونيتسك والمتعاونين والمدنيين المجندين قسراً من مناطق الاحتلال الأوكرانية الأخرى. لذلك، لم تتأثر الطبقة الوسطى العرقية الروسية في المدن الكبيرة نسبيًا بالتعبئة، وتمكن الكرملين من إدارة أي مشاعر مناهضة للحرب في البداية.
ما الذي سيحدث تاليًا؟
خلاصة القول أن المسرح مهيأ ليشهد حمامات دم كبرى هذا الربيع. وهناك بعض الأمور التي لا يمكن تجاوزها. والقائمة أقصى على الجانب الأوكراني. الأوكرانيون يقاتلون من أجل بقائهم ضد الإبادة الجماعية الصريحة التي تنفذها روسيا، ولذلك لا يشكل الخضوع بالنسبة للأوكرانيين خيارًا. وما يزال تصميمهم على القتال عالياً، وقد تحسنت معنوياتهم وقدراتهم بعد تلقي أحدث شحنة من الأسلحة الهجومية. وليس الأوكرانيون متفاجئين ولا خائفين من التحركات الروسية المستمرة، ويعتقد بعض الخبراء العسكريين الأوكرانيين أن الفولاذ سوف يسود على اللحم البشري، كما كان النمط التاريخي المعتاد. قد يكون الإجهاد الذي قد يصيب الغرب على المدى الطويل هو الشيء الذي لا يمكن التغلب عليه، على الرغم من أن اجتماع “رامشتاين-9” أشار إلى أن الإجهاد ليس مشكلة في الوقت الحاضر.
لكن قائمة الأشياء التي لا يمكن تحقيقها أطول على الجانب الروسي. أولاً، ليس من المؤكد أن سياسة التجنيد ستكون ناجحة وأن الجيش سيكون قادرًا على تزويد الجنود بما يكفي من المعدات الشخصية والمركبات والأسلحة. والسؤال ذو الصلة هو ما إذا كانت روسيا ستتمكن من تكثيف صناعاتها الحربية في ضوء العقوبات المفروضة على المكونات والانحدار العام للاقتصاد. وثمة عامل آخر أيضًا هو أن مخزونات الذخيرة قد نضبت إلى حد كبير، وقد لا يكون من الممكن استبدالها بسهولة.
الأمر الأخير، وربما الأساسي، الذي لا يمكن التغلب عليه في الجانب الروسي هو الجانب السياسي المتعلق بإدارة الحرب نفسها. إذا تمكنت القوات المسلحة الأوكرانية من إغلاق الجسر البري الروسي المؤدي إلى شبه جزيرة القرم، فإن هذا يعني أن نظام بوتين، بعد عام من القتال العنيف والنفقات، لم يربح شيئًا تقريبًا. وسيؤدي ذلك، على الأقل، إلى تبادل اللوم والاتهامات بين الجمهور الروسي والجيش والحكومة. وسوف تتراجع سلطة بوتين بشكل حتمي، ولو أن مقدار هذا التراجع يبقى شيئًا مرهونًا بما تخبئه الأيام.
ولكن بشكل عام، يبدو أن “رامشتاين-9” قد شرع في أن يجعل من تحقيق نصر عسكري أوكراني كامل شيئاً قابلاً للتفكير فيه، ومقبولًا، على حد سواء.
*دينيس سولتيس Dennis Soltys: أستاذ كندي متقاعد في السياسة المقارنة يعيش في مدينة ألماتي في كازاخستان.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The West Isn’t Scared of Ukraine Beating Russia Anymore
هوامش المترجم:
(1)”رامشتاين-9″، نسبة إلى مكان انعقاد الاجتماع، قاعدة “رامشتاين” الجوية، وهي قاعدة للقوات الجوية الأميركية تقع في ولاية راينلاند بالاتينات في جنوب غرب ألمانيا. وهي بمثابة مقر للقوات الجوية للولايات المتحدة في أوروبا -والقوات الجوية في أفريقيا، وكذلك للقيادة الجوية لحلف شمال الأطلسي.
‏(2) ‏‏البوريات‏‏ ‏‏Buryats: هم ‏‏مجموعة عرقية‏‏ ‏‏منغولية‏‏ موطنها جنوب شرق ‏‏سيبيريا،‏‏ وتتحدث ‏‏لغة البوريات‏‏. وهم واحدة من أكبر مجموعتين من السكان الأصليين في ‏‏سيبيريا‏‏ ، حيث الأخرى هي ‏‏الياكوت.‏‏ تعيش غالبية البوريات اليوم في وطنهم الفخري، ‏‏جمهورية بورياتيا‏‏، وهي ‏‏قسم فيدرالي‏‏ ‏‏لروسيا‏‏ يمتد على طول الساحل الجنوبي ويمتد جزئيا على بحيرة بايكال. وتسكن مجموعات أصغر من البوريات أيضاص في أوست-أرديا بورياتأوكوغ، وأجين-بوريات أوكوغ اللتين تقعان إلى الغرب والشرق من بورياتيا على التوالي، وكذلك شمال شرق ‏‏منغوليا‏‏ ‏‏ومنغوليا الداخلية ، الصين‏‏. شكلوا تقليديًا المجموعة الفرعية الشمالية الرئيسية ‏‏للمغول‏‏.
(2) الأُدمورت ‏Udmurt‏‏ هم شعب فنلندي أوغري مرتبط ‏‏بماري‏‏ إلى الغرب ‏‏وكومي‏‏ في أقصى الشمال حيث استقر الأدمورت، وأصبحت المنطقة تحت سيطرة خانات قازان في القرنين 14 و15، وانتقلت إلى السيطرة الروسية في العام 1552 في عهد ‏‏إيفان الرابع‏‏ الرهيب. وتأسست المنطقة المعروفة باسم فوتسكايا المتمتعة بالحكم الذاتي في العام 1920، وتم تغيير اسمها إلى ‏‏أوبلاست‏‏ أودمورت ذاتية الحكم في العام 1932 ورُفعت إلى وضع جمهورية تتمتع ‏‏بالحكم الذاتي‏‏ في العام 1934، وأصبحت جمهورية في أوائل التسعينيات. ومن بين سكانها الروس، والأدمورت، والتتار، والماري، والأوكرانيين-ما يقرب من ثلاثة أرباعهم حضريون. تشمل المدن الرئيسية للجمهورية، ‏‏سارابول‏‏ ‏‏وفوتكينسك‏‏ ‏‏وجلازوف‏‏ وإيجيفسك (أوستينوف سابقا).‏