Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Aug-2017

التحدي الحضاري الغربي.. «ان من لا جذور له لا اغصان له» - يوسف عبدالله محمود
 
الراي - الدكتور اسعد عبد الرحمن واحد من ابرز الباحثين والمفكرين العرب الذين واكبوا تطورات القضية الفلسطينية منذ البداية، كما انه قارئ جيد للساحة الفكرية العربية والعالمية. سجنه الاحتلال الصهيوني لدى احتلاله الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب مواقفه الوطنية، لكنه خرج من الاعتقال اكثر صلابة واشد عزيمة. عمل د. اسعد لسنوات عدة في مركز الابحاث الفلسطيني في بيروت. كما عمل استاذاً في عدة جامعات عربية واجنبية. مؤلفاته ودراساته عديدة معظمها في الشأن الفلسطيني، يكتب بعمق ويحلل بعمق.
 
في حوار سابق معه سألته: كيف نستطيع مجابهة التحدي الحضاري الغربي، فكان ردّه: «الساحة العربية تكشف في السنوات الماضية عما يمكن تحديده بأربعة اساليب ومناهج لمجابهة التحدي الحضاري الغربي:
 
- المنهج الأول هو المنهج السلفي الذي ينصب اهتمامه على العودة إلى الأصول والجذور بعيداً عن الحضارة العربية. وهو منهج جوهره العلني –على الاقل- العودة الى التراث الاسلامي.
 
- المنهج الثاني ينادي بالاقلاع تماماً عن التراث وتبني المنهج الحضاري الغربي بكل علمانيته.
 
وبين هذين المنهجين المتطرفين ثمة منهجان آخران، واحد ينطلق من الطرف الاول، أي جوهره سلفي، لكنه منفتح على الغرب المادي. والنهج الآخر الرابع ينطلق من الأرضية العلمانية المتمسكة بالحضارة الغربية، لكنه أيضاً لا يبتعد كثيراً عن التراث الوطني والديني.
 
وحين سألته عن موقفه كمثقف عربي أجاب: «اعتقد انه لا بد من التوازن الملائم بين العودة الى التراث بفهم علمي وموضوعي ومنفتح وتقدمي من جهة، وبين الاستفادة من التراث الايجابي للحضارة الغربية».
 
أكاد اقول اليوم إن الساحة الفكرية العربية في ضوء الهزائم العربية المتلاحقة وبخاصة بعد هزيمة 1967 قد خلت للمتطرفين من «السلفيين» والمنادين بالاقلاع تماماً عن التراث وتبني المنهج الحضاري الغربي دون اهتمام بقوميتهم العربية.
 
ومع الاسف فالسلفيون عموماً لا يحسنون تفسير الدين، وهنا اشير الى ما ذكره ذات مرة الباحث والمفكر المعروف د. سمير أمين من «ان المجتمع المتقدم يفسر دينه تفسيراً متقدماً، والمجتمع المتخلف يفسر دينه تفسيراً متخلفاً».
 
ما ذكره أ.د. أسعد عبد الرحمن هو صحيح تماماً «التوازن» مفقود بين هذه المناهج. الموروث السلبي بما فيه الديني الذي يكرسه المتعصبون من السلفيين وانصارهم هو الذي يحاول انصاره تجهيل الجماهير وتسطيح وعيهم.
 
وهنا اقتبس ما ذكرته المثقفة البحرينية د. وجيهة البحارنة في حوار آخر أجريته معها حول واقع «الاصلاح» الذي تحاول بعض الأنظمة العربية القيام به. تقول: «من المؤسف أن بعض الدول نتيجة تشرّب استبداد القرون في العقلية والممارسة، تحولت الى مركب النفاق السياسي والبهرجة الخاوية والاحتيال بالوعود الكاذبة على مواطنيها وسياسة الترقيع». (انظر نص الحوار في كتاب: مرايا في الفكر المعاصر، للكاتب، ص 179).
 
بالطبع فهذا ليس تعميماً. هناك استثناءات. إن غياب الحرية والديمقراطية عربياً هو الذي أشاع «التطرّف» في الرؤية، فالسلفيون على عداوة مع «العلمانية» لا يحسنون فهمها حتى من هم مثقفون منهم. كما ان بعض المثقفين العرب الذي استهوتهم «العولمة» فباتوا من انصارها يشكلون موضوعياً وكما وصفهم الباحث والناقد المعروف د. فيصل دراج «وصورة مقلوبة للشيخ السلفي ما دام انهم يقرأون الظاهرة الدينية بلغة دينية من دون تأمل الاسباب التي تنتج اجتهاداً اسلامياً مُنفتحاً في فترة معينة واستظهاراً لاهوتياً مغلقا في فترة اخرى».
 
وبعد، إن مواجهة التحديات الحضارية الغربية لا تتم بغير النهج العلمي والموضوعي دون تطرّف او انغلاق. واقتبس في هذا السياق ما قاله المفكر الراحل د. صادق العظم من «ان من يريد ان يكون فاعلاً ومؤثراًَ ومحركاً في الزمن الحاضر ومشكلاته وأزماته يستحيل عليه ان يستمد مقدرته على الفعل والحركة من الماضي، لأنه اذا لم يستمدها من الحاضر وشروطه الكبرى، فلا شيء غيره سوف يعطيه أياها». (د. صادق العظم «ذهنية التحريم» ص 114).
 
أختم بالقول إن العطاء الفكري والنضالي للباحث والمفكر د. اسعد عبد الرحمن الذي قدمه للقضية الفلسطينية والفكر الانساني يستحق ان يشاد به.