الراي - في رمضان , تصدر إدارة السير تعليمات , بتخفيف العقوبات والمخالفات ...وحين تقف أحيانا بشكل مزدوج , يأتيك مراقب السير ويقول لك :- (رمضان كريم , بس لو سمحت السيارة )...

 

في الخدمات الطبية أيضا , قد تجد شيخا طاعنا جاء من الطفيلة , أو الكرك يصرخ على الصيدلي , لأن الدواء تأخر ...وتجد رجلا برتبة عقيد يقوم بتهدئته , وطلب السماح منه ويقبل رأسه .

 

حتى أمانة عمان الكبرى تخفف في مخالفاتها , كل مؤسسات الدولة ..تحاول جاهدة امتصاص غضب الناس , وتفهم شعورهم في الصيام ...

 

وثمة مجموعة من الشباب , تطوعوا للوقوف على الإشارات وتوزيع الماء على كل صائم فاته موعد الإفطار , ومن المهم أن نشير إلى أن بعض المطاعم في عمان تقدم وجباتها مجانا ...

 

رمضان شهر تجتاحنا فيه المحبة , شئنا أم أبينا ....لكن ما يلفت انتباهي هو قيام شركة الكهرباء صباح أمس , في الساعة التاسعة صباحا ..أي قبل خروج بعض الموظفين إلى دوامهم , بحملة لقطع التيار الكهربائي عن المتخلفين في شارعنا ...

 

هناك عائلات فاتورتها , (90) دينارا , ورب الأسرة كان خارجا للعمل , ولا يوجد سوى الأولاد والزوجة , وقاموا بقطع الكهرباء عنهم ...

 

هل هذه هي الأبعاد الإنسانية , التي تتحلى بها شركاتنا ..في شهر الأصل أن تسود به المحبة , والألفة ...هل الإنقضاض على منازل الناس في الصباح الباكر وفصل التيار عنهم , بحجة القانون ...عمل يليق بنا ؟

 

أنا لا أفهم ...ما معنى ذلك , ولماذا كل مؤسسات الدولة تغض النظر عن المخالفات , وحتى الشركات الخاصة تؤجل الدفع في رمضان ...إلا شركة الكهرباء ؟ ...ولماذا يختارون ساعات الصباح الباكر , والتي يكون فيها رب الأسرة خارجا إلى عمله .

 

نعاني من فواتير قاصمة للظهر , ونحاول عبثا أن نراجع بها ولكن من دون إجابات , ونعاني من غياب للأبعاد الإنسانية في رمضان ...نعاني أيضا من عدم فهم الضغوطات التي تواجه الناس , وظروفهم المادية ...وفي الوقت الذي تقاتل فيه مؤسسات الدولة لتوفير السلع , وتصدر تعليمات صارمة لجهاز الأمن العام بالتخفيف على الناس ...وتتقاطر الشركات في القطاع الخاص لدعم المحتاج ...ترسل شركة الكهرباء كتائبها ...لفصل التيار الكهربائي عن المتخلفين في الدفع ...ماذا سيحدث لو أجلتم الأمر إلى ما بعد رمضان ؟

 

منظر مؤلم ..في الصباح , منظر يؤكد شراسة رأس المال ووحشيته ..يؤكد أن ثمة مؤسسات في دولتنا وجدت لعقاب الناس وليس لخدمتهم .