Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Aug-2017

هو والعيد.. - د. لانا مامكغ
 
الراي - كانَ منهمكاً بالّلعب حين نادتهُ أمُّه لتطلبَ منه الاغتسالَ والاستعدادَ للذّهابِ معها إلى السّوق حتى تشتريَ له ثيابَ العيد... فلبّى النّداء وأنجزَ ما هو مطلوب بفرحَ، ليخرجا أخيراً ويسيرا بين المحّلاتِ طويلاً إلى أن قرَّرت أمُّه دخولَ أحدِها وانتقاء بنطلون وبلوزةٍ له، وحاولَ الاعتراض حين لم يعجبه ما اختارت، لكنَّها لم تستجب، فوجدَها تدفع ثمنهما دون أن يفهمَ سببَ إعجابها بصورةِ الأرنبِ الغبيّ التي كانت تزيّنُ البلوزة... فخرجَ من المحلِّ غاضباً على الأمهّاتِ والأرانبٍ في آنٍ معاً !
 
صباحَ اليومِ التّالي؛ سمعَ والديْه يتصايحان، ثمَّ وصلَه صوتُ أبيه يناديه لاصطحابه حتى يشتريَ له حذاء العيد، إلّا أنَّ فرحتُه لم تتم مرَّةً أخرى حين اقتادَه أبوه إلى محلِّ أحذيةٍ معتمٍ ضيٌّق، صاحبُه رجلٌ سمينٌ كثيرُ السُّعال، وأحذيتُه كلُّها باهتةٌ متهالكة كالقديمة تماماً...
 
بعدَ يومين؛ لاحظَ أنَّ اضطراباً عجيباً قد دبَّ في البيتِ كلِّه قبيل العيد، ولم يفهم لماذا قرَّرت أمُّه أن تنظِّفَ الأشياء كلِّها مرَّةً واحدة، وهكذا إلى أن فوجىءَ بها الاستعدادَ لحمَّام العيد... فأدركَ أنَّ دورَه في التّنظيفِ قد حان، فاستنتجَ أنَّ العيدَ يعني تنظيفَ الأثاث والأطفالَ في وقتٍ واحد... فتوجَّه إلى الحمَّامِ دونَ مناقشة!
 
وكان مستغرقاً في النّوم في اليوم التّالي حين جاءه صوتُ أبيه يدعوه للنّهوض والاستعداد السّريع لأنّه صباح العيد... فنهضَ متثاقلاً، واغتسلَ، وارتدى ثيابَه الجديدة بضجر، وجلسَ صامتاً محاولاً إبعادَ تفكيرِه عن صورة الأرنبِ الّلعين القابعة على صدرِه... ثمَّ قرَّرَ أن يخرجَ للعب، فصاحت أمُّه فجأةً لتنهرَه وتطلبَ منه البقاء في الدَّاخل حتى لا يوسِّخَ ثيابَ العيد... فكتمَ غيظَه وعادَ إلى مقعدِه حتى خطرَ له التّسلِّي بالرَّسم، وفيما بدأ يبحث عن أقلامِه الملوّنة؛ عادت أمُّه لتصيحَ به وتحذيرِه من الإساءةِ إلى ترتيبِ البيتِ ونظامِه !
 
ثمَّ بدأ بعضُ الأقاربِ يتوافدون، فأسعدَه للغاية أنَّها كانوا يقدِّمون نقوداً، دنانيرَخضراءَ رائعة... فشعرَ بالامتنانِ للعيد للمرَّةِ الأولى !
 
في مساءِ اليوم التّالي، كانَ قد قرَّرَ التوّجهَ إلى محلِّ الألعابِ في أوّلِ الشّارع ليبتاعَ لنفسِه طائرةً تعملُ بجهازِ تحكّمٍ طالما حلُمَ باقتنائها، ولم يكد يهمس بالأمرِ لأبيه حتى زجرَه قائلاً إنَّه لا يجوز بعثرةَ نقودِه على لعبةٍ رديئة سرعانَ ما ستتحطَّم... وإنَّه يجدرُ به ألّا يُنفقها سوى على الأشياءِ المفيدة فقط !
 
ومضت أيّامُ العيدِ وهو متسمِّرٌ يعبثُ بلعبته الالكترونية العتيدة حتى انقضت العطلةُ أخيراً.
 
صباحَ اليوم التّالي، وفيما كان يستعدُّ للذّهابِ إلى المدرسة، لاحظَ والديْه يتهامسان وهما ينظران باتّجاهه، ثمَّ اقتربت منه أمُّه بهدوء لتطلبَ منه إعطاءها ما يملك من عيديّات لأنَّ مصاريف العيد أنهكت الميزانيّة... فناولها النّقود كلِّها وخرجَ ساهماً !
 
خلالَ الحصَّةِ الأولى؛ كان أوّل ما فعلته المعلِّمة، الطّلبَ منهم أن يتحدّثوا عن العيدِ تباعاً، فقرَّر أن يقولَ إنَّه يكره العيد... لكنَّه احتارَ في الطّريقةِ التي سيبرِّرُ فيها موقفه فيما لو سألته عن السّبب !