Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    31-Jul-2019

نقاد: ديوان «أحاديث الوسادة» لحزامة حبايب تجريب أدبي جسور الشكل وغرائبي الرؤى

 الدستور- عمر أبو الهيجاء

وقعت الروائية والقاصة حزامة حبايب، مجموعتها الشعرية «أحاديث الوسادة»، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، وهو الثاني بعد ديوان «استجداء»، الى جانب مجموعة من الروايات والمجموعات القصصية.
شارك في الحفل الذي اقيم في منتدى الرواد الكبار كل من الشاعر والناقد د. راشد عيسى، والشاعر يوسف عبدالعزيز، وإدارته المستشارة الثقافية القاصة سحر ملص بحضور مديرة المنتدى هيفاء البشير، ومجموعة من الشعراء والمهتمين بالشأن الثقافي.
البشير رحبت بالحضور والمشاركين في الحفل، الذي أقيم الأسبوع الماضي، قائلة إن المنتدى يستضيف الروائية حزامة حبايب بمشاركة الشاعران راشد عيسى ويوسف عبد العزيز، مشيرة الى أن حبايب تحمل في حقيبتها التي اعتدنا عليها كروائية، ولكن الان تحمل لنا ديوانها الشعري وكأنها طائر خلّق في الأعالي ثم وقف يُحاور زهرة، فهذه احدى محطاتها التي تتوقف عندها، لتلتقط انفاسها بعد اصدارها لعدد من الروايات والمجموعات القصصية.
من جانبه رأى الناقد والشاعر راشد عيسى ديوان «أحاديث الوسادة»، يعد تجريب أدبي جسور الشكل، وغرائبي الرؤى فيه ذاتانية بليغة تشتبك مع الأنا العليا بلوغًا إلى ما أسميه وعي اللاوعي. فالبطلة أنثى والمخاطب ذكر، وهي تناجيه وتناغمه وتشعل أغصان كينونته بالعتاب الذي لا يرتجي من المعاتب عودة أو تعديل حال إنما تكتفي بلذة الحضور الأنثوي جسدًا وروحًا بمكاشفات ماكرة المغزى بعيدةٍ عن خبرات الذكورة، ومتدانية جدًا من التزاهي بعبقرية الأنوثة.
وعن لغة الديوان قال عيسى إنها «لغة شاعرية مبقّعة بالمجاز والاستعارات والكنايات ومُتبّلة بالإيحاء والومض والتلميح. وهي كأي لغة شعرية تستدعي أحيانًا تراكيب وألفاظًا محكية من مثل: أفقنا أخيرًا وجدنا الليل يسَتَنّانا، أو: أقول لك وبرحمة أمي، أو خصًّا نصًّا».
وأوضح عيسى ان العبارات العاميّة خدمت السياق والدلالة بسبب حضورها في مكانها الطبيعي من غير تكلّف وتجبّر إنما كانت منسابة بعفوية تعبّر عن فائض الشعور الساخن لدى الشاعرة وهي مشروعة في الأدب لكنها تستمد قيمتها الفنية من نجاح توظيفها.
واعتبر عيسى ان «أحاديث الوسادة»، هي لوحات تعبيرية تؤثت لعلاقة انسجام بين أخلاق الجسد ورغبات الأحاسيس، فلا هي تبجّل شهوات الجسد تبجيلًا مجانيًا ولا هي تنتصر إلى المشاعر انتصارًا فالتًا، إنما ثمة توأمة واندغام في محاولة تفخيخ الجسد بالمشاعر، ونقل وظائف المشاعر إلى الجسد. فالإنسان في النهاية حزمة من الأسلاك الروحية الكهربائية، فَيَدُ الحبيب فوق يد الحبيبة تتحول في كيمياء الحب إلى خمسة نايات تعزف الحبَّ والوله، ويد الحبيبة فوق يد الحبيبة حديقة من البهجة الكاملة.
وتحدث عيسى عن العلاقة الجوهرية في التشكيل الفني للنصوص فهي كـ»البنية المتحركة بين الشعر والنثر، بنية ذات طراز فني محرج للتشخيص الأجناسي، فالأحاديث قصائد نثر في ظاهرها الغالب، خصبة بالخمائر الشعرية وفضاءات التخييل والغرائبية والتضاد والمفارقات واللغة المراوغة. وفي الوقت نفسه نقع على عبارات نثرية خالصة متأتية من أثر الدُّربة السردية عند الكاتبة ولا سيّما في عبارات السجع التي تبدو كأنها قوافٍ موزونة وهي غير موزونة، متمنيًا على الكاتبة التخفيف منها حتى لا يخفت التوهج الشعري».
الشاعر يوسف عبدالعزيز اشار الى ان حبايب في هذه المجموعة تتعامل مع الليل تعاملاً مغايراً، إذ ينقلب الليل عندها إلى مسرح للحب والأحلام، على خشبته يلتقي العشّاق، ليدخلوا فصلاً جديداً من الوله والغرام. في قصيدة لها بعنوان (ذئبة)، تقول:»فإذا سرى الظلام،/ واشتعل القمر،/أهرعُ إلى وقتنا معاُ/أرمِّم روحي الممزّقة/وأنتشل قلبي من الحطام،/وأجمع لحمي المبعثر/رأسي يتوسّد ذراعَك،/وعُريي تستُرُه أغصانُك،/تلتفُّ عليّ/أنظر حولي/حيث الليل يسحبنا إلى بهائه».
ينقسم الديوان الى اربعة اقسام كلها كما رأى عبدالعزيز تدور حول «الليل: أوّل الليل، عمق الليل، الليل إذ يذوي، ما بعد زمن الليالي»، ففي القسم الأوّل والثاني ثمة احتفاء خاص بالليل، ومن أجل ذلك فإنّ العاشقة تقوم برفع سور عالٍ حولها وحول عاشقها الذي يحفظ أسرارهما.
وأشار عبدالعزيز الى القصيدة الاخيرة في الديوان وهي «الحرية»، تكشف لنا حبايب عن جرأة، لم نعتد على وجودها في عالم المرأة، إلا بشكل ضئيل وخافت. هذا الكشف يتعلّق بمفهوم الحريّة عند المرأة. ففي الوقت الذي تنظر فيه الكثير من الشاعرات والكاتبات إلى الحرية، من باب استقلال المرأة عن الرجل، وفي حالة الخلاف بينهما، بوضع حدّ للعلاقة معه، نجد الشاعرة حزامة حبايب تندفع لتطرح الفكرة النقيضة، والتي تقول: إنّ الحرية الحقيقية تكمن في أجواء الحب الملتهب بين الطرفين، وليس في القطيعة، أيّاً كان شكلها.
وخلص عبدالعزيز الى ان الاحتجاج على الحرية، وعلى قسوتها العظيمة التي أدّت إلى «فساد الحبّ، وافتراق العاشقين»، تنهي الشاعرة مجموعتها الشعرية، لافتا الى ان ما قدّمته حزامة في هذه المجموعة، من مقاربة مختلفة لموضوع الحب، هو أمر يبعث على الدهشة والإعجاب. وهي تقدّمه ثمة مغايرة للخطاب السّائد على مستوى الشعر النِّسْوي العربي، حيث نجد في هذا الشعر اللمسة الذكورية المدبّجة على ألسنة الشاعرات.
تلا ذلك قرأت الشاعرة مجموعة من قصائدها منها قصيدة «أسباب الحب»، «أنت جميل»، «شال»، «ابي المسكين»، «حذاء خمري»، وفيها تقول الشاعرة «لماذا تسألينني عن أبي؟/مالي وماله؟/لا اذكره الا لماما/ رجلا وسيما كان/فارعا وأنيقا/بحذء خمري/وجوهنا فيه تتمارى/لقد كان غريبا/»أبوك؟/-الحذاء/وأبي وإن كنت استعيده خيالا/من وقت زائل الى آخر اكثر زوالا/عبر حياتي ريحا عاتية».