Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Jul-2017

الهند وإسرائيل.. حِكاية «الشراكة الاستراتيجية»! - محمد خروب
 
الراي - اليوم... يختتم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.. «زيارته التاريخية» لدولة العدو الصهيوني,التي يصفها في زهوٍ بـِ»منارة التكنولوجيا».بعد أن وقّع مع حكومتها الفاشية أضخم صفقة أسلحة اقتربت قيمتها من ملياري دولار، ما وضع الهند في المرتبة الأولى بين الدول التي تشتري سلاح الدولة الصهيونية، وتدخل معها في شراكة استراتيجية مُعلَنة, يُصرّ رئيس الوزراء الهندي الذي يقود حزبه الهندوسي اليميني. بهراتيا جاناتا (كما ليكود نتنياهو), حكومة تنتهج سياسة الإبتعاد المُبرمَج عن نهج عدم الانحياز الذي كرّسه الزعيم الهندي الأبرز جواهر لال نهرو, وواصلته ابنته انديرا غاندي، ولم يتنكَّر حزب المؤتمر الهندي لهذه السياسة, حتى بعد بروز حزب بهاريتا جاناتا في المشهد الهندي، مُتبنِّياً الخطاب الهندوسي المتشدد الذي لا يقيم وزناً لمكونات القوميات والأديان الهندية وبخاصة المسلمين منهم, حيث شهدت ولاية غوجارات التي حكمها مودي 13 عاماً متواصلة (2001-2014) حملة تنكيل بهم, لم يتردّد مودي في وصف الضحايا «المسلمين» بأنهم تماماً كـ»الجِراء» التي تدهسها السيارات(!!).
 
من الإنصاف عدم تحميل نيودلهي مسؤولية التدحرج المُتسارِع باتجاه إسرائيل, والتخلّي حتى عن الحذر الذي ميز الدبلوماسية الهندية في تعاطيها مع قضايا المنطقة, وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية، وتحديداً منذ ربع قرن عندما اقامت الهند علاقات دبلوماسية مع إسرائيل, لِتأتي زيارة مودي الراهنة لتل أبيب احتفالاً بيوبيلها الفضي (25 سنة) وتتويجاً لشراكة بدأت فاترة ما لبثت ان اقتربت من حدود التحالف الاستراتيجي بين اكبر ديمقراطية في العالم (الهند) والدولة الديمقراطية «الوحيدة» في الشرق الأوسط، على ما دأب قادة العدو الصهيوني وأركان البيت الابيض وصف دولة الاحتلال الاستيطاني العنصري والدولة المُستعمِرة الأخيرة في العالم.
 
الفلسطينيون وخصوصاً العرب, يتحمّلون مسؤولية «انفضاض» هذا الجمع الكبير والمؤثر من الأصدقاء في افريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية عن قضاياهم, التي باتت لا تثير حماسة في العواصم الدولية حتى تلك التي تُبدي حكوماتها وشعوبها تعاطفاً مع قضية الشعب الفلسطيني العادلة، بعد أن أثقل العرب على العالم بمشكلاتهم التي لا تنتهي, وخلافاتهم المتوالدة والحروب التي يفتعلونها في ما بينهم, والمكائد التي لا يتوقفون على «صناعتها» لإبقاء النيران مشتعلة في ساحاتهم وعلى تخومها، ناهيك عن تنكُّر «الأغنياء» من العرب لشعوب تلك الدول الصديقة، التي لا تنتظر مكافأة أو صدقة، بل رداً للجميل وفائدة مشتركة عبر استثمارات وأفواج سياحية ولو متواضعة, لصالح اقتصاداتهم المُنهكة وبناهم التحتية المستنزفة بل المتخلفة، لكنهم – أغنياء العرب – يهرعون لعواصم الغرب التي يدّعون أنها تعاديهم وتناصر إسرائيل, ويُنفقون فيها ببذخ ويضعون في بنوكها وسندات حكوماتها كل ملياراتهم, المُعرّضة للتآكل والمصادرة أو التجميد, عند كل أزمة تفتعلها عواصم الغرب الاستعماري.
 
ومع ذلك.. لا يتعظ العرب.. حكومات وشعوباً، بل تواصل التباكي والتلاوم ووضع المسؤولية على الآخرين, الى درجة نفاد صبر هؤلاء, بعد أن ارتمى العرب أو معظمهم في حضن إسرائيل, وغدت بالنسبة اليهم جاراً وحليفاً قائماً، فيما هم يطالبون غيرهم بمواصلة القطيعة مع تل أبيب وأن يستمرّوا في»التصوّيت» لهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة ووكالاتها ومؤسساتها المختلفة، بينما يواصل العرب غزَلهم لإسرائيل والتصويت لصالحها علناً أو سراً, وفي محطات «معينة»... بالإمتناع عن التصويت.
 
الهند بعض هؤلاء، كما فيتنام والصين وروسيا, وإن بدرجات متفاوتة لا تصل إلى ما وصلته نيودلهي وهانوي في شراكتهما الاستراتيجية وخصوصاً العسكرية والامنية مع تل أبيب,على النحو الذي حدث ايضا في افريقيا, حيث يذهب نتنياهو لتدشين سفارات دولته في عديد من دول القارة السوداء, ويستعد اصدقاؤه الجدد فيها للتصويت لصالح اسرائيل في القمة الافريقية المقبلة, أيلول القريب, كي تنال مرتبة عضو «مراقب» في الاتحاد الافريقي, وهو امر لم يكن احد يتصوره حتى في الكوابيس, فاذا به الان حقيقة يجدر بعرب اليوم ان يخجلوا على التردي المخيف الذي وصلت إليه مكانتهم ونفوذهم ودورهم في ساحات دولية واقليمية, كانت ترى فيهم قدوة ونصيرا لنضالاتهم وتماثلا في الظلم الذي يقع عليهم من قبل الدول الاستعمارية والعنصرية وخصوصا اسرائيل,التي ساندت دولة الفصل العنصري في جنوب افريقيا, ولم تمتثل لقرارات مجلس الامن بفرض عقوبات عليها، بل تبادلت معها الخبرات والتكنولوجيا والتجارب النووية, بعلم ومعرفة من واشنطن ولندن وباريس وبروكسل (الاتحاد الأوروبي).
 
اكثر ما يؤلم في التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الهندي لصحيفة «اسرائيل اليوم» في عددها ليوم اول من امس الاثنين قوله: «إن الهند واسرائيل تُواجِهان التهديد المشترك الذي يمثله الارهاب»، وهي عبارة تستبطن فهْماً سطحياً (حتى لا نقول تآمرياً) للمقاومة الفلسطينية المشروعة ضد الاحتلال الاسرائيلي, وتماثلاً مع الرواية الصهيواميركية، دون ان يسترشد قادة الدولة الديمقراطية الاكبر في العالم, بنضالات الشعوب المُضطهدَة والتي وقفت نيودلهي تاريخياً الى جانبها,حتى نالت حريتها وانتزعت الحق في تقرير مصيرها.
 
يقول ارئيل بولشتاين، في صحيفة «إسرائيل اليوم» اليمينية المتطرفة، المُقرّبة من نتنياهو في مقال له يوم 29 حزيران الماضي: «ان التحوّل هو الكلمة المُناسِبة لوصف العلاقة بين اسرائيل والهند في هذه المرحلة.. حيث سنوات العِداء انتهت.. قوى جديدة صعدت للحكم في الهند، قوى لا تُعاني من العمى الايديولوجي, وبالنسبة لها الصهيونية ليست ذراعاً للامبريالية، بل هي حركة ايجابية لشعب يعيش في بلاده. رئيس حكومة الهند – يُضيف بولشتاين – لم يُخفِ تأييده واهتمامه بانجازات الدولة اليهودية, وبدل البحث عن التشابه بين الهند والدول العربية، هو يجد مخرجاً في قصة الإنبعاث اليهودي, للتغلّب على التحديات التي تواجه بلاده. ايضا حقيقة ان الدولتين تُواجِهان تهديداً مُشتركاً,وهو الإرهاب الاسلامي(...) لا تغيب عنه».
 
هل وصلت حكاية التحوّل الهندي نحو إسرائيل؟.. وهل للقصوّر العربي تجاه صديقة كالهند.. قاع؟.
 
kharroub@jpf.com.jo