الغد-يديعوت أحرونوت
بقلم: آفي يسسخروف
إذا لم تكن تطورات مفاجئة في اللحظة الأخيرة، فبعد بضعة أسابيع، وربما أشهر معدودة، سينهي الجيش الإسرائيلي السيطرة على منطقة رفح و"تفكيك" أربع كتائب حماس التي تقاتل هناك. فقد وصلت القوات منذ الآن إلى حي البرازيل، على مقربة من مركز مدينة رفح، تعمل في الشابورة، حي شهير آخر في المنطقة، ويمكن التقدير بأن التقدم سيستمر، ضمن أمور أخرى في ضوء ما يبدو كتغيير ذي مغزى في الموقف الأميركي: لم تعد هناك مقاومة حقيقية للعملية. فالإدارة التي فهمت انه يمكن إخلاء السكان الفلسطينيين من رفح دون أن يؤدي هذا إلى مس واسع بالأبرياء، ويسمح، حتى وان كان بالصمت، للقوات الإسرائيلية التقدم لاحتلال كل المنطقة. حتى مصر، التي استعرضت العضلات أمام إسرائيل في مسألة رفح لا تبدي بوادر مقاومة حقيقية للعملية. يحتمل أن يكونوا في القاهرة يفهمون بأنه بعد المناورة النتنة التي قام بها أحد قادة المخابرات المصرية، احمد عبدالخالق في اطار المفاوضات مع حماس لتحرير المخطوفين – وأثار أيضا غضب الأميركيين – عليهم أن يعيدوا لانفسهم مكانة "الوسيط النزيه" ولهذا فهم يغضون النظر.
غير أن المشكلة الأكبر لرئيس الوزراء نتنياهو هي أنه بعد لحظة من احتلال مدينة رفح سيتعين عليه أن يتصدى للشعار الذي يرفعه هو وأبواقه في كل صوب عن "النصر المطلق". في واقع الأمر، بعد أن تنتهي رفح سينتهي عصر المناورات البرية الكبرى – على نمط خانيونس، شمال القطاع ومدينة غزة. في منطقة معسكرات الوسط بقيت كتيبة واحدة لحماس على اقدامها، وكذا أيضا في دير البلح. لكن فضلا عن ذلك لا توجد أي خطوة برية أخرى يمكن التلويح بها لأجل ضمان "النصر المطلق". نتنياهو ودولة إسرائيل كلها سيضطرون لان يتصدوا للواقع الصعب الذي حتى في اليوم ما بعد رفح لن يكون نصر وبالتأكيد ليس مطلقا. نشطاء حماس كثيرون ما يزالون يختبئون في أنفاق لم تصب بأذى، وحسب تقدير الاستخبارات الأميركية فإن نحو 65 في المائة من الأنفاق في غزة لم تصب بأذى. يوجد في حوزتهم سلاح كثير، وهم ينجحون في تجنيد غير قليل من النشطاء الجدد في أوساط السكان، وبخاصة من الشباب. الجيش الإسرائيلي، بغياب بديل سلطوي لحماس، سيجد نفسه يغرق أكثر فأكثر في القطاع، ويعود إلى معارك في خانيونس، بني سهيلا، رفح، بيت حانون وكل تلك المناطق التي خرجنا منها. كما أن المخطوفين لن ينالوا التحرر قريبا دون صفقة كاملة، ولشدة أسف نتنياهو حتى بعد أن تنتهي الحملة الواسعة في رفح فإن هزيمة حماس لن ترى في الأفق.
الطريق الوحيد الذي سيؤدي إلى هزيمة كهذه هو إذا قام في غزة بديل سلطوي حقيقي لمنظمة حماس. بديل يمكنه أن يتحدى حماس ويسمح أيضا بخطوة سياسية أوسع. لكن نتنياهو ليس مستعدا حتى الآن ينظر في مثل هذه الإمكانية بسبب الخوف على سلامة حكومة اليمين على المليء - مليء خاصته. الآن يمكن فقط تخيل ماذا كان سيحصل لو كان أجري قبل بضعة أشهر في إسرائيل بحث جدي في "اليوم التالي". فلئن كان أفضل العقول في دولة إسرائيل، الولايات المتحدة وفي أجزاء من العالم العربي – غير المعنيين ببقاء حماس – اجتمعوا معا للتفكير في بديل سلطوي. يمكن لهذا البديل أن يستند الى قوى عربية معتدلة، قوى توجد لها اتفاقات سلام مع إسرائيل، الى جانب قوة مسلحة فلسطينية تأخذ اوامرها من السلطة الفلسطينية في رام الله. ينبغي أن نقول بصدق، حماس على ما يبدو ما كانت لتسلم المفاتيح للقطاع وتستسلم. معقول أكثر أن نشهد غير قليل من محاولات منظمة القتال ضد مثل هذا الكيان، والجيش الإسرائيلي كان سيكون على ما يبدو مطالبا بان يعمل أيضا في المناطق التي سبق أن عمل فيها. ومع ذلك، فان مواجهة كهذه في القطاع بين قوة فلسطينية/عربية وبين مسلحي حماس كانت ستلحق بحماس ضررا إعلاميا قاسيا، وفي ضوء المشاهد الصعبة من قطاع غزة كانت ستثير غضبا شديدا بين السكان. أو بكلمات أخرى، المنظمة التي خطت على علمها إبادة إسرائيل كانت ستفقد الشرعية والقدرة على أن تجند المرة تلو الأخرى الى صفوفها نشطاء جدد، واساسا من بين السكان الشباب. لماذا؟ لانه كان سيكون لهم بديل.
لو كانت مثل هذه الخطوة تجسدت، لكان المعنى المباشر لها هو التطبيع مع السعودية وخلق محور حقيقي وذي مغزى في وجه المحور الشيعي الإيراني. محور كهذا يمكن له أن يؤدي إلى إضعاف قوة حزب الله وعلى ما يبدو أيضا سينهي الحرب في الشمال. هذا هو التهديد الأكبر على الإيرانيين وعلى حماس، التي لهذا الغرض خرجت الى الحرب ضد إسرائيل. هذا هو السيناريو الأسوأ من ناحية يحيى السنوار. وما يزال، نتنياهو متمسك بموقفه في أنه غير مستعد لاعادة السلطة الى غزة، حتى وان كان بشكل جزئي. "جبهة الرفض" هذه تخلق كما هو متوقع الواقع الذي نواجهه الان في القطاع: الجيش الإسرائيلي يقاتل عودة حماس الى كل الأماكن التي خرج منها بحيث أننا الى رفح أيضا سنعود في اطار "النصر المطلق". عمليا، حتى لو كان نتنياهو يقول انه يعارض ذلك، فانه يشق الطريق الى عودة الاحتلال أو الحكم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة. يحتمل أن يكون بعض من مؤيدي سموتريتش وبن غفير يؤيدون ذلك، لكن الأغلبية الساحقة من مواطني إسرائيل يعارضون احتلالا كهذا ومعارضيه.