Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Jun-2015

لمسات إسلامية إطعام الطعام وصلة الأرحام

 

عمان- الغد- من الملاحظ أن من أوائل الخطاب النبوي المكي في المرحلة السرية يوم لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا حر وعبد؛ سأله عمرو بن عَبَسَة: "ما الإسلام.؟ فقال صلى الله عليه وسلم: طِيبُ الْكَلاَمِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ" رواه أحمد.
فكان إطعام الطعام حاضراً في أول خطابات الدعوة المكية، ولما هاجر إلى المدينة كان أول خطاب له صلى الله عليه وسلم فيها فيه ذكر الطعام؛ إذ قال في مقدمه للمدينة: "يا أَيُّهَا الناس أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا بالليل وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ" رواه الدارمي.
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: "أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قال: تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ على من عَرَفْتَ وَمَنْ لم تَعْرِفْ" متفق عليه.
إن الله عز وجل ذكر من صفات المؤمنين الذين استحقوا الجنة أنهم يطعمون الطعام، فإطعام الطعام فيه أجر عظيم لفاعله، فقال تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا، إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا، وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا" الإنسان 8-12.
كما كان من أوصاف أهل النار، وذكر أفعالهم التي أوجبت لهم النار أنهم حبسوا الطعام عن المحتاجين، ولم يدعوا غيرهم للإطعام، قال تعالى "مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ" المدَّثر: 42-44.
وأول من يجب أن تعتني بإطعامهم في ذلك أولادك وزوجتك ومن تعولهم فلا تبخل عليهم، فإن إطعامهم واجب لوجوب نفقتهم، والواجب أفضل من المستحب. كما في الحديث القدسي "ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه" رواه البخاري.
وإذا نوى المسلم القربة إلى الله بنفقته على أهله أثيب على ذلك، وهذه النية يغفل عنها كثير من الناس عند إنفاقه على أهله فليحرص العبد عليها ليثاب على عمله هذا، فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ "إِنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ  فِي امْرَأَتِك"، أَيْ فِي فَمِهَا رواه البخاري ومسلم.
ومن الأمور التي أمر بها الله سبحانه وتعالى، ولا تتوقف على زمان ومكان، هي "صلة الأرحام"، ولقد أمر الله بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، ونهى وحذر عن قطيعتهم والإساءة إليهم، وعدَّ صلى الله عليه وسلم قطيعة الأرحام مانعاً من دخول الجنة مع أول الداخلين   
الرحم: اسم شامل لكافة الأقارب من غير تفريق بين المحارم وغيرهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى قصر الرحم على المحارم، بل ومنهم من قصرها على الوارثين منهم، وهذا هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد رحمهما الله، والراجح الأول.
كما حث عليها نبي الرحمة وبين جزاءها وثمرة الصلة، وما أعده الله للواصلين من الخير العظيم والثواب الجسيم، وما يترتب على ذلك من سعة الرزق وطول العمر والبركة في المال والولد. لذا المتمعن بالقرآن الكريم، يجد أن الله عز وجل أنه وصف الذين يصلون أرحامهم ويقومون بحقوقهم، بالسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى "فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ" الروم:38.
وصلة الرحم واجبة وقطيعتها محرمة، ومن الكبائر. قال القرطبي رحمه الله: اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة. وقال ابن عابدين الحنفي: صلة الرحم واجبة ولو كانت بسلام، وتحية، وهدية، ومعاونة، ومجالسة، ومكالمة، وتلطف، وإحسان، وإن كان غائباً يصلهم بالمكتوب إليهم، فإن قدر على السير كان أفضل.
إن من أفضل صلة الرحم أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتحلم عمن جهل عليك، وتحسن إلى من أساء إليك حفاظاً على صلة الرحم، وطاعةً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ، فقال صلى الله عليه وسلم: إن كنت كما قلت فكأنما تُسفَّهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
 
الدكتور زياد الفقيه
عضو رابطة علماء الأردن