Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jul-2020

تضارب الولاءات*معاذ دهيسات

 الغد

يرى اصحاب النظرية الفردية أن الولاء هو أساس الشرور نظرا لاستغلال هذا المفهوم على مر العصور من قبل الطامحين بالسلطة ولكن تتجاهل هذه النظرية ما قدمه الولاء في المقابل من أمن واستقرار للشعوب حيث الولاء قيمة اخلاقية ملزم بها الفرد ضمن مظلة وطنية تؤطر الحقوق والواجبات وبالتالي تساعد في تحديد وبناء الأولويات عند اتخاذ القرار لدى المواطن والدولة لحظة تقاطع المصالح الكبرى مما يسهل تناغم الحركة السياسية والاجتماعية .
ولكن يعيب مفردة الولاء الوطني ترك اطرافها بلا نهايات مما يسهل من عملية تلاعب القوى السياسية بهذا المفهوم لدرجة تهدد الأمن القومي، تماما كما حصل في الأردن مع احزاب اليسار في فترة صعود ما عرف بأنظمة المد القومي، حيث كانت هذه الاحزاب في مجملها مجرد امتداد لممولها لتتحول بوعي او بغير وعي الى طابور خامس وأداة بيد تلك الأنظمة السياسية التي كانت تصرح حينها وبدون مواربة بتهديدها لكيان الدولة الأردنية ولا تخفي رغبتها بتدمير الأردن، ولحظة تقاطع مصالح الممول مع مصالح الدولة الأردنية شاهدنا كيف أن تضارب الولاءات دفع هذه الفئة لحمل السلاح ضد دولتهم دون أن يرف لهم جفن .
وبالعودة للخلف قليلا نجد أن اختفاء الممول الرئيس لهذه المجموعات -الاتحاد السوفياتي- أدى الى تشتت القوى السياسية التي تدين بالتبعية للكيان المنهار، وفي هذه الفترة التي تشابه انهيار بورصة الاسهم في الاسواق العالمية قامت الدول ذات المشاريع التوسعية بشراء موجودات السوق بدون قيمة وهذا ما فعلته ايران وتركيا واسرائيل حيث قامت بابتلاع فلول هذه القوى الحزبية المنهارة والمفلسة بالمنطقة وباتت جزءا من كياناتها ومشاريعها وعليه يمكن مثلا تفسير تماهي معظم اليساريين مع السياسة الإيرانية في قضايانا اليوم ، وفي الطرف الآخر كانت الاحزاب الدينية تبني مشروعها بصمت وضمن استراتيجية طويلة المدى بعد أن قدمت خدمات جليلة لمراكز دعمها كدورهم في مشروع بريجنسكي تحت مظلة ما عرف باسم مشروع جنود الله في افغانستان والذي كان الرئيس التركي اردوغان احد جنوده الميدانيين تحت مظلة احد ابرز امراء الحرب حينها زعيم الحزب الإسلامي (حكمتيار) الذي انتهى ولاؤه عند تنظيم القاعدة، ولم يكن آخر ادوار تنظيمات الاسلام السياسي ما نشاهده من فوضى المليشيات المسلحة التي ملأت المنطقة عرضا وطولا ضمن مشاريع جند الخلافة القادمة عبر انابيب الغاز والنفط وبروبوغندا قيامة ارطغرل.
ما يحصل اليوم من ركوب المشاريع التركية والايرانية والاسرائيلية على احزاب الاسلام السياسي هو المثال الأبرز لاستغلال عدم احكام مفهوم الولاء الوطني لدى افراد هذه الاحزاب المنتهي بعواصم تلك الدول ولحظة تقاطع مصالح الدولة الأردنية مع مشاريع تلك الدول تنفلت هذه الأدوات بشوارع المملكة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي في عمل منظم ومدروس يتراوح بين الضغط على الدولة الأردنية والتشويش على القرارات لصالح من يملك اعدادات الضبط المرجعية لفكرهم.
وأمام تقاطع المصالح العليا تسقط قيمة (الولاء الوطني) امام مفهوم (الولاء والبراء) عمل ممنهج ومتراكم يبدأ بالمدرسة ولا ينتهي بالجامعات وليس سرا ما أكدته دراسة «الشباب في مواجهة الفكر المتطرف» في محورها التربوي والتعليمي والثقافي الصادرة في 2015 بدعم من صندوق البحث العلمي أنه وبحسب قانون التربية والتعليم فإن النظام التعليمي والثقافي لا يمنح بناء الدولة الوطنية الأردنية أولوية في دوائر الانتماء، ولعل اخطر ما قدمته الدراسة هو وبحسب مسوحات مركز «بيو – (PEW)» العالمي أن 21 % فقط يرون أن انتماءهم للدولة الأردنية يحتل الدائرة الأولى في انتمائهم امام ولاءات مختلفة!